البداية والنهاية/الجزء الرابع عشر/ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة
استهلت بيوم الأحد وسلطان الإسلام بالديار المصرية والبلاد الشامية وما والاها الملك المنصور سيف الدين أبو بكر بن الملك السلطان الناصر ناصر الدين محمد بن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي، ونائب الشام الأمير علاء الدين طنبغا وقضاة الشام ومصر هم المذكورون في التي قبلها، وكذا المباشرون سوى الولاة.
شهر الله المحرم:
ولاية الخليفة الحاكم بأمر الله
وفي هذا اليوم بويع بالخلافة أمير المؤمنين أبو القاسم أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان العباسي ولبس السواد وجلس مع الملك المنصور على سرير المملكة، وألبسه خلعة سوداء أيضا، فجلسا وعليهما السواد، وخطب الخليفة يومئذ خطبة بليغة فصيحة مشتملة على أشياء من المواعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وخلع يومئذ على جماعة من الأمراء والأعيان، وكان يوما مشهودا، وكان أبو القاسم هذا قد عهد إليه أبوه بالخلافة، ولكن لم يمكنه الناصر من ذلك، وولى أبا إسحاق إبراهيم ابن أخي أبي الربيع، ولقبه الواثق بالله، وخطب به بالقاهرة جمعة واحدة فعزله المنصور وقرر أبا القاسم هذا، وأمضى العهد ولقبه المستنصر بالله كما ذكرنا.
وفي يوم الأحد ثامن المحرم مسك الأمير سيف الدين بشتك الناصري آخر النهار، وكان قد كتب تقليده بنيابة الشام وخلع عليه بذلك وبرز ثقله، ثم دخل على الملك المنصور ليودعه فرحب به وأجلسه وأحضر طعاما وأكلا، وتأسف الملك على فراقه، وقال: تذهب وتتركني وحدي.
ثم قام لتوديعه وذهب بشتك من بين يديه ثماني خطوات أو نحوها، ثم تقدم إليه ثلاثة نفر فقطع أحدهم سيفه من وسطه بسكين، ووضع الآخر يده على فمه وكتفه الآخر، وقيدوه وذلك كله بحضرة السلطان، ثم غيب ولم يدر أحد إلى أين صار، ثم قالوا لمماليكه: اذهبوا أنتم فائتوا بمركوب الأمير غدا، فهو بائت عند السلطان.
وأصبح السلطان وجلس على سرير المملكة وأمر بمسك جماعة من الأمراء وتسعة من الكبار، واحتاطوا على حواصله وأمواله وأملاكه، فيقال إنه وجد عنده من الذهب ألف ألف دينار، وسبعمائة ألف دينار.
وفاة شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي
تمرض أياما يسيرة مرضا لا يشغله عن شهود الجماعة، وحضور الدروس، وإسماع الحديث.
فلما كان يوم الجمعة حادي عشر صفر أسمع الحديث إلى قريب وقت الصلاة، ثم دخل منزله ليتوضأ ويذهب للصلاة فاعترضه في باطنه مغص عظيم، ظن أنه قولنج، وما كان إلا طاعون، فلم يقدر على حضور الصلاة، فلما فرغنا من الصلاة أخبرت بأنه منقطع، فذهبت إليه فدخلت عليه فإذا هو يرتعد رعدة شديدة من قوة الألم الذي هو فيه، فسألته عن حاله فجعل يكرر الحمد الله، ثم أخبرني بما حصل له من المرض الشديد، وصلى الظهر بنفسه، ودخل إلى الطهارة وتوضأ على البركة، وهو في قوة الوجع ثم اتصل به هذا الحال إلى الغد من يوم السبت.
فلما كان وقت الظهر لم أكن حاضره إذ ذاك، لكن أخبرتنا بنته زينب زوجتي أنه لما أذن الظهر تغير ذهنه قليلا، فقالت: يا أبة أذن الظهر، فذكر الله وقال: أريد أن أصلي فتيمم وصلى ثم اضطجع فجعل يقرأ آية الكرسي حتى جعل لا يفيض بها لسانه ثم قبضت روحه بين الصلاتين، رحمه الله يوم السبت ثاني عشر صفر، فلم يمكن تجهيزه تلك الليلة.
فلما كان من الغد يوم الأحد ثالث عشر صفر صبيحة ذلك اليوم، غسل وكفن وصلّي عليه بالجامع الأموي، وحضر القضاة والأعيان وخلائق لا يحصون كثرة، وخرج بجنازته من باب النصر، وخرج نائب السلطنة الأمير علاء الدين طنبغا ومعه ديوان السلطان، والصاحب وكاتب السر وغيرهم من الأمراء، فصلوا عليه خارج باب النصر، أمهم عليه القاضي تقي الدين السبكي الشافعي، وهو الذي صلّى عليه بالجامع الأموي.
ثم ذهب به إلى مقابر الصوفية فدفن هناك إلى جانب زوجته المرأة الصالحة الحافظة لكتاب الله، عائشة بن إبراهيم بن صديق، غربي قبر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمهم الله أجمعين.
كائنة غريبة جدا
قدم يوم الأربعاء الثلاثين من صفر أمير من الديار المصرية ومعه البيعة للملك الأشرف علاء الدين كجك بن الملك الناصر، وذلك بعد عزل أخيه المنصور، لما صدر عنه من الأفعال التي ذكر أنه تعاطاها من شرب المسكر وغشيان المنكرات، وتعاطي ما لا يليق به، ومعاشرة الخاصكية من المردان وغيرهم. فتمالأ على خلعه كبار الأمراء لما رأوا الأمر تفاقم إلى الفساد العريض فأحضروا الخليفة الحاكم بأمر الله أبي الربيع سليمان فأثبت بين يديه ما نسب إلى الملك المنصور المذكور من الأمور فحينئذ خلعه وخلعه الأمراء الكبار وغيرهم، واستبدلوا مكانه أخاه هذا المذكور، وسيروه إذ ذاك إلى قوص مضيقا عليه ومع إخوة له ثلاثة، وقيل أكثر. وأجلسوا الملك الأشرف هذا على السرير، وناب له الأمير سيف الدين قوصون الناصري، واستمرت الأمور على السداد وجاءت إلى الشام فبايعه الأمراء يوم الأربعاء المذكور، وضربت البشائر عشية الخميس مستهل ربيع الأول وخطب له بدمشق يوم الجمعة بحضرة نائب السلطنة والقضاة والأمراء.
وفي يوم الأربعاء سابع عشر ربيع الأول حضر بدار الحديث الأشرفية قاضي القضاة تقي الدين السبكي عوضا عن شيخنا الحافظ جمال الدين المزي، ومشيخة دار الحديث النورية عوضا عن ابنه رحمه الله.
وفي شهر جمادى الأولى اشتهر أن نائب حلب الأمير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الأخضر قائم في نصرة ابن السلطان الأمير أحمد الذي بالكرك، وأنه يستخدم لذلك ويجمع الجموع فالله أعلم.
وفي العشر الثاني منه وصلت الجيوش صحبة الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري إلى الكرك في طلب ابن السلطان الأمير أحمد.
وفي هذا الشهر كثر الكلام في أمر الأمير أحمد بن الناصر الذي بالكرك، بسبب محاصرة الجيش الذي صحبة الفخري له، واشتهر أن نائب حلب الأمير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الأخضر قائم بجنب أولاد السلطان الذين أخرجوا من الديار المصرية إلى الصعيد، وفي القيام بالمدافعة عن الأمير أحمد، ليصرف عنه الجيش، وترك حصاره وعزم بالذهاب إلى الكرك لنصرة أحمد ابن أستاذه.
وتهيأ له نائب الشام بدمشق، ونادى في الجيش لملتقاه ومدافعته عما يريد من إقامة الفتنة وشق العصا، واهتم الجند لذلك، وتأهبوا واستعدوا، ولحقهم في ذلك كلفة كثيرة، وانزعج الناس بسبب ذلك وتخوفوا أن تكون فتنة، وحسبوا إن وقع قتال بينهم أن تقوم العشيرات في الجبال وحوران، وتتعطل مصالح الزراعات وغير ذلك.
ثم قدم من حلب صاحب السلطان في الرسلية إلى نائب دمشق الأمير علاء الدين الطنبغا ومع مشافهة، فاستمع لها فبعث معه صاحب الميسرة أمان الساقي، فذهبا إلى حلب ثم رجعا في أواخر جمادى الآخرة وتوجها إلى الديار المصرية، واشتهر أن الأمر على ما هو عليه حتى توافق على ما ذكر من رجوع أولاد الملك الناصر إلى مصر، ما عدا المنصور، وأن يخلي عن محاصرة الكرك.
وفي العشر الأخير من جمادى الأولى توفي مظفر الدين موسى بن مهنا ملك العرب ودفن بتدمر، وفي صبيحة يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة عند طلوع الشمس توفي الخطيب بدر الدين محمد بن القاضي جلال الدين القزويني بدار الخطابة بعد رجوعه من الديار المصرية كما قدمنا، فخطب جمعة واحدة وصلى بالناس إلى ليلة الجمعة الأخرى.
ثم مرض فخطب عنه أخوه تاج الدين عبد الرحيم على العادة ثلاثة جمع، وهو مريض إلى أن توفي يومئذ، وتأسف الناس عليه لحسن شكله وصباحة وجهه وحسن ملتقاه وتواضعه، واجتمع الناس للصلاة عليه للظهر فتأخر تجهيزه إلى العصر فصلى عليه بالجامع قاضي القضاة تقي الدين السبكي، وخرج به الناس إلى الصوفية، وكانت جنازته حافلة جدا، فدفن عند أبيه بالتربة التي أنشأها الخطيب بدر الدين هناك رحمه الله.
وفي يوم الجمعة خامس الشهر بعد الصلاة خرج نائب السلطنة الأمير علاء الدين الطنبغا وجميع الجيش قاصدين للبلاد الحلبية للقبض على نائب حلب الأمير سيف الدين طشتمر، لأجل ما أظهر من القيام مع ابن السلطان الأمير أحمد الذي في الكرك، وخرج الناس في يوم شديد المطر كثير الوحل، وكان يوما مشهدا عصيبا، أحسن الله العقابة.
وأمر القاضي تقي الدين السبكي الخطيب المؤذنين بزيادة أذكار على الذي كان سنه فيهم الخطيب بدر الدين من التسبيح والتحميد والتهليل الكثير ثلاثا وثلاثين، فزادهم السبكي قبل ذلك: استغفر الله العظيم ثلاثا، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام.
ثم أثبت ما في (صحيح مسلم) بعد صلاتي الصبح والمغرب: اللهم أجرنا من النار سبعا، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثا، وكانوا قبل تلك السنوات قد زادوا بعد التأذين الآية ليلة الجمعة والتسليم على رسول الله ﷺ، يبتدئ الرئيس منفردا ثم يعيد عليه الجماعة بطريقة حسنة، وصار ذلك سببا لاجتماع الناس في صحن الجامع لاستماع ذلك.
وكلما كان المتبدىء حسن الصوت كانت الجماعة أكثر اجتماعا، ولكن طال بسبب ذلك الفصل، وتأخرت الصلاة عن أول وقتها انتهى.
كائنة غريبة
وفي ليلة الأحد عشية السبت نزل الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري بظاهر دمشق بين الجسورة وميدان الحصى بالأطلاب الذين جاؤوا معه من البلاد المصرية لمحاصرة الكرك للقبض على ابن السلطان الأمير أحمد بن الناصر، فمكثوا على الثنية محاصرين مضيقين عليه إلى أن توجه نائب الشام إلى حلب، ومضت هذه الأيام المذكورة، فما درى الناس إلا وقد جاء الفخري وجموعه.
وقد بايعوا الأمير أحمد وسموه الناصر بن النصار وخلعوا بيعة أخيه الملك الأشرف علاء الدين كجك واعتلوا بصغره، وذكروا أن أتابكة الأمير سيف الدين قوصون الناصري قد عدى على ابني السلطان فقتلهما خنقا ببلاد الصعيد: جهز إليهما من تولى ذلك، وهما الملك المنصور أبو بكر ورمضان، فتنكر الأمير بسبب ذلك، قالوا: هذا يريد أن يجتاح هذا البيت ليتمكن هو من أخذ المملكة.
فحموا لذلك وبايعوا ابن أستاذهم وجاؤوا في الذهاب خلف الجيش ليكونوا عونا للأمير سيف الدين طشتمر نائب حلب ومن معه، وقد كتبوا إلى الأمراء يستميلونهم إلى هذا، ولما نزلوا بظاهر دمشق خرج إليهم من بدمشق من الأكابر والقضاة والمباشرين، مثل والي البر، ووالي المدينة، وابن سمندار، وغيرهم فلما كان الصباح خرج أهالي دمشق عن بكرة أبيهم، على عادتهم في قدوم السلاطين، ودخلو الحجاج، بل أكثر من ذلك من بعض الوجوه.
وخرج القضاة والصاحب والأعيان والولاة وغيرهم، ودخل الأمير سيف الدين قطلوبغا في دست نيابة السلطنة التي فوضها إليه الملك الناصر الجديد وعن يمينه الشافعي، وعن شماله الحنفي على العادة، والجيش كله محدق به في الحديد، والعقارات والبوقات والنشابة السلطانية والسناجق الخليفية والسلطانية تخفق، والناس في الدعاء والثناء للفخري، وهم في غاية الاستبشار والفرح، وربما نال بعض جهلة الناس من النائب الآخر الذي ذهب إلى حلب، ودخلت الأطلاب بعده على ترتيبهم.
وكان يوما مشهودا، فنزل شرقي دمشق قريبا من خان لاجين، وبعث في هذا اليوم فرسم على القضاة والصاحب، وأخذ من أموال الأيتام وغيرها خمسمائة ألف، وعوضهم عن ذلك بقرية من بيت المال، وكتب بذلك سجلات، واستخدم جيدا، وانضاف إليه من الأمراء الذين كانوا قد تخلفوا بدمشق جماعة منهم تمر الساقي مقدم، وابن قراسنقر، وابن الكامل، وابن المعظم، وابن البلدي وغيرهم.
وبايع هؤلاء كلهم مع مباشري دمشق للملك الناصر بن الناصر، وأقام الفخري على خان لاجين، وخرج المتعيشون بالصنائع إلى عندهم وضربت البشائر بالقلعة صبيحة يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر، ونودي بالبلد إن سلطانكم الملك الناصر أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون، ونائبكم سيف الدين قطلوبغا الفخري، وفرح كثير من الناس بذلك، وانضاف إليه نائب صفد وبايعه نائب بعلبك، واستخدموا له رجالا وجندا، ورجع إليه الأمير سيف الدين سنجر الجمقدار رأس الميمنة بدمشق.
وكان قد تأخر في السفر عن تائب دمشق علاء الدين الطنبغا، بسبب مرض عرض له، فلما قدم الفخري رجع إليه وبايع الناصر بن الناصر، ثم كاتب نائب حماة تغردمر الذي ناب بمصر للملك المنصور، فأجابه إلى ذلك وقدم على العسكر يوم السبت السابع والعشرين من الشهر المذكور، في تجمل عظيم وخزائن كثيرة، وثقل هائل.
وفي صبيحة يوم الأحد الثامن والعشرين من الشهر المذكور كسفت الشمس قبل الظهر، وفي صبيحة يوم الاثنين التاسع والعشرين من جمادى الآخرة، قدم نائب غزة الأمير آق سنقر في جيش غزة، وهو قريب من ألفين، فدخلوا دمشق وقت الفجر وغدوا إلى معسكر الفخري، فانضافوا إليهم ففرحوا بهم كثيرا، وصار في قريب من خمسة آلاف مقاتل أو يزيدون.
استهل شهر رجب الفرد والجماعة من أكابر التجار مطلوبون بسبب أموال طلبها منهم الفخري، يقوي بها جيشه الذي معه، ومبلغ ذلك الذي أراده منهم ألف ألف درهم، ومعه مرسوم الناصر بن الناصر ببيع أملاك الأمير سيف الدين قوصون، إتابك الملك الأشرف علاء الدين كجك، ابن الناصر التي بالشام، بسبب إبائه عن مبايعة أحمد بن الناصر، فأشار على الفخري من أشار بأن يباع للتجار من أملاك الخاص، ويجعل مال قوصون من الخاص، فرسم بذلك، وأن يباع للتجار قرية دوية قومت بألف ألف وخمسمائة ألف، ثم لطف الله وأفرج عنهم بعد ليلتين أو ثلاث، وتعوضوا عن ذلك بحواصل قوصون.
واستمر الفخري بمن معه ومن أضيف إليه من الأمراء والأجناد مقيمين بثنية العقاب، واستخدم من رجال البقاع جماعة كثيرة أكثر من ألف رامٍ، وأميرهم يحفظ أفواه الطرق، وأزف قدوم الأمير علاء الدين طنبغا بمن معه من عساكر دمشق، وجمهور الحلبيين وطائفة الطرابلسيين وتأهب هؤلاء لهم.
فلما كان الحادي من الشهر اشتهر أن الطنبغا وصل إلى القسطل وبعث طلائعه فالتقت بطلائع الفخري، ولم يكن بينهم قتال ولله الحمد والمنة وأرسل الفخري إلى القضاة ونوابهم وجماعة من الفقهاء فخرجوا ورجع الشافعي من أثناء الطريق، فلما وصلوا أمرهم بالسعي بينه وبين الطنبغا في الصلح، وأن يوافق الفخري في أمره، وأن يبايع الناصر بن الناصر، فأبى فردهم إليه غير مرة، وكل ذلك يمتنع عليهم.
فلما كان يوم الاثنين رابع عشرة عند العصر جاء بريد إلى متولي البلد عند العصر من جهة الفخري يأمره بغلق أبواب البلد، فغلقت الأبواب، وذلك لأن العساكر توجهوا وتواقفوا للقتال، فإنا لله وإنا أليه راجعون.
وذلك أن الطنبغا لما علم أن جماعة قطلوبغا على ثنية العقاب دار الذروة من ناحية المعيصرة، وجاء بالجيوش من هناك، فاستدار له الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري بجماعته إلى ناحيته، ووقف له في طريقه، وحال بينه وبين الوصول إلى البلد، وانزعج الناس انزعاجا عظيما، وغلقت القياسر والأسواق وخاف الناس بعضهم من بعض أن يكون نهب.
فركب متولي البلد الأمير ناصر الدين بن بكباشي ومعه أولاده ونوابه والرجالة، فسار في البلد وسكن الناس ودعوا له، فلما كان قريب المغرب فتح لهم باب الجابية ليدخل من هو من أهل البلد، فجرت في الباب على ما قيل زحمة عظيمة، وتسخط الجند على الناس في هذه الليلة، واتفق أنها ليلة الميلاد، وبات المسلمون مهمومون بسبب العسكر واختلافهم فأصبحت أبواب البلد مغلقة في يوم الثلاثاء سوى باب الجابية، والأمر على ما هو عليه.
فلما كان عشية هذا اليوم تقارب الجيشان واجتمع الطنبغا وأمراؤه، واتفق أمراء دمشق وجمهورهم الذين هم معه على أن لا يقاتلوا مسلما ولا يسلوا في وجه الفخري وأصحابه سيفا، وكان قضاة الشام قد ذهبوا إليه مرارا للصلح، فيأبى عليهم إلا الاستمرار على ما هو عليه، وقويت نفسه عليه انتهى.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
عجيبة من عجائب الدهر
فبات الناس متقابلين في هذه الليلة وليس بين الجيشين إلا مقدار ميلين أو ثلاثة، وكانت ليلة مطيرة، فما أصبح الصبح إلا وقد ذهب من جماعة الطنبغا إلى الفخري خلق كثير من أجناد الحلفاء ومن الأمراء والأعيان، وطلعت الشمس وارتفعت قليلا فنفذ الطنبغا القضاة وبعض الأمراء إلى الفخري يتهدده ويتوعده ويقوي نفسه عليه.
فما ساروا عنه قليلا إلا ساقت العساكر من الميمنة والميسرة ومن القلب، ومن كل جانب مقفرين إلى الفخري، وذلك لما هم فيه من ضيق العيش وقلة ما بأيديهم من الأطعمة وعلف الدواب، وكثرة ما معهم من الكلف.
فرأوا أن هذا حال يطول عليهم، ومقتوا أمرهم غاية المقت، وتطايبت قلوبهم وقلوب أولئك مع أهل البلد على كراهته لقوة نفسه فيما لا يجدي عليه ولا عليهم شيئا، فبايعوا على المخامرة عليه، فلم يبق معه سوى حاشيته في أقل من ساعة واحدة، فلما رأى الحال على هذه الصفة كر راجعا هاربا من حيث جاء وصحبته الأمير سيف الدين رقطبة نائب طرابلس، وأميران آخران.
والتقت العساكر والأمراء، وجاءت البشارة إلى دمشق قبل الظهر ففرح الناس فرحا شديدا جدا، الرجال والنساء والولدان، حتى من لانوبة له، ودقت البشائر بالقلعة المنصورة، فأرسلوا في طلب من هرب، وجلس الفخري هنالك بقية اليوم يحلف الأمراء على أمره الذي جاء له، فحلفوا له.
ودخل دمشق عشية يوم الخميس في أبهة عظيمة، وحرمة وافرة، فنزل القصر الأبلق ونزل الأمير تغردمر بالميدان الكبير، ونزل عمارى بدار السعادة وأخرجوا الموساوي الذي كان معتقلا بالقلعة، وجعلوه مشدا على حوطات حواصل الطنبغا وكان قد تغضب الفخري على جماعة من الأمراء منهم الأمير حسام الدين السمقدار، أمير حاجب بسبب أنه صاحب لعلاء الدين الطنبغا.
فلما وقع ما وقع هرب فيمن هرب، ولكن لم يأت الفخري، بل دخل البلد فتوسط في الأمر: لم يذهب مع ذاك ولا جاء مع هذا، ثم إنه استدرك ما فاته فرجع من البار إلى الفخري، وقيل بل رسم عليه حين جاء وهو مهموم جدا، ثم إنه أعطي منديل الأمان، وكان معهم كاتب السر القاضي شهاب الدين بن فضل الله.
ثم أفرج عنهم، ومنهم الأمير سيف الدين حفطية كان شديد الحنق عليه، فأطلقه من يومه وأعاده إلى الحجوبية، وأظهر مكارم أخلاق عظيمة، ورياسة كبيرة، وكان للقاضي علاء الدين بن المنجا قاضي قضاة الحنابلة في هذه الكائنة سعى مشكور، ومراجعة كبيرة للأمير علاء الدين الطنبغا، حتى خيف عليه منه، وخاطر بنفسه معه، فأنجح الله مقصده وسلمه منه، وكبت عدوه ولله الحمد والمنة.
وفي يوم السبت السادس والعشرين منه قلد قضاء العساكر المنصورة الشيخ فخر الدين بن الصائغ عوضا عن القاضي الحنفي، الذي كان مع النائب المنفصل، وذلك أنهم نقموا عليه إفتاءه الطنبغا بقتال الفخري، وفرح بولايته أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وذلك لأنه من أخص من صحبه قديما، وأخذ عنه فوائد كثيرة وعلوما.
وفي يوم الأربعاء سلخ رجب آخر النهار قدم الأمير قماري من عند الملك الناصر بن الناصر من الكرك وأخبره بما جرى من أمرهم وأمر الطنبغا، ففرح بذلك وأخبر قماري بقدوم السلطان ففرح الناس بذلك واستعدوا له بآلات المملكة وكثرت مطالبته أرباب الأموال والذمة بالجزية.
وفي مستهل رجب من هذه السنة ركب الفخري في دست النيابة بالموكب المنصور، وهو أول ركوبه فيه، وإلى جانبه قماري وعلى قماري خلعة هائلة، وكثر دعاء الناس للفخري يومئذ، وكان يوما مشهودا.
وفي هذا اليوم خرج جماعة من المقدمين الألوف إلى الكرك بأخبار ابن السلطان بما جرى: منهم تغردمر، وإقبغا عبد الواحد وهو الساقي، وميكلي بغا وغيرهم.
وفي يوم السبت ثالثه استدعى الفخري القاضي الشافعي وألح عليه في إحضار الكتب في سلة الحكم التي كانت أخذت من عند الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله من القلعة المنصورة في أيام جلال الدين القزويني، فأحضرها القاضي بعد جهد ومدافعة، وخاف على نفسه منه، فقبضها منه الفخري بالقصر وأذن له في الانصراف من عنده، وهو متغضب عليه، وربما همّ بعزله لممانعته إياها، وربما قال قائل هذه فيها كلام يتعلق بمسألة الزيارة، فقال الفخري: كان الشيخ أعلم بالله وبرسوله منكم. واستبشر الفخري بإحضارها إليه واستدعي بأخي الشيخ زين الدين عبد الرحمن، وبالشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن قيم الجوزية وكان له سعي مشكور فيها، فهنأهما بإحضاره الكتب، وبيّت الكتب تلك الليلة في خزانته للتبرك وصلى به الشيخ زين الدين أخو الشيخ صلاة المغرب بالقصر، وأكرمه الفخري إكراما زائدا لمحبته الشيخ رحمه الله.
وفي يوم الأحد رابعه دقت البشائر بالقلعة وفي باب الميدان لقدوم بشير بالقبض على قوصون بالديار المصرية، واجتمع الناس لذلك واستبشر كثير منهم بذلك.
وأقبل جماعة من الأمراء إلى الكرك لطاعة الناصر بن الناصر، واجتمعوا مع الأمراء الشاميين عند الكرك، وطلبوا منه أن ينزل إليهم فأبى وتوهم أن هذه الأمور كلها مكيدة ليقبضوه ويسلموه إلى قوصون، وطلب منهم أن ينظر في أمره وردهم إلى دمشق.
وفي هذه الأيام وما قبلها وما بعدها أخذ الفخري من جماعة التجار بالأسواق وغيرها زكاة أموالهم سنة، فتحصل من ذلك زيادة على مائة ألف وسبعة آلاف، وصودر أهل الذمة بقريب من ذلك زيادة على الجزية التي أخذت منهم عن ثلاث سنين سلفا وتعجيلا.
ثم نودي في البلد يوم الاثنين الحادي والعشرين من الشهر مناداة صادرة من الفخري برفع الظلامات والطلبات وإسقاط ما تبقى من الزكاة والمصادرة، غير أنهم احتاطوا على جماعة من المشاة المكثرين ليشتروا منهم بعض أملاك الخاص، والبرهان بن بشارة الحنفي تحت المصادرة والعقوبة على طلب المال الذي وجده في طميرة وجدها فيما ذكر عنه والله أعلم.
وفي يوم الجمعة الرابع والعشرين منه بعد الصلاة دخل الأمراء الستة الذين توجهوا نحو الكرك لطلب السلطان أن يقدم إلى دمشق فأبى عليهم في هذا الشهر، ووعدهم وقتا آخر فرجعوا، وخرج الفخري لتلقيهم، فاجتمعوا قبلي جامع القبيبات الكريمي، ودخلوا كلهم إلى دمشق في جمع كثير من الأتراك الأمراء والجند، وعليهم خمدة لعدم قدوم السلطان أيده الله.
وفي يوم الأحد قدم البريد خلف قماري وغيره من الأمراء يطلبهم إلى الكرك، واشتهر أن السلطان رأى النبي ﷺ في المنام وهو يأمره بالنزول من الكرك وقبول المملكة، فانشرح الناس لذلك.
وتوفي الشيخ عمر بن أبي بكر بن اليثمي البسطي يوم الأربعاء التاسع والعشرين، كان رجلا صالحا كثير التلاوة والصلاة والصدقة، وحضور مجالس الذكر والحديث، له همة وصولة على الفقراء المتشبهين بالصالحين وليسوا منهم.
سمع الحديث من الشيخ فخر الدين بن البخاري وغيره وقرأت عليه عن ابن البخاري مختصر المشيخة، ولازم مجالس الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وانتفع به، ودفن بمقابر باب الصغير.
وفي شهر رمضان المعظم أوله يوم الجمعة، كان قد نودي في الجيش: آن الرحيل لملتقى السلطان في سابع الشهر، ثم تأخر ذلك إلى بعد العشر، ثم جاء كتاب من السلطان بتأخر ذلك إلى بعد العيد وقدم في عاشر الشهر علاء الدين بن تقي الدين الحنفي، ومع ولاية من السلطان الناصر بنظر البيمارستان النوري، ومشيخة الربوة ومرتب على الجهات السلطانية.
وكان قد قدم قبله القاضي شهاب الدين بن البارزي بقضاء حمص من السلطان أيده الله تعالى، ففرح الناس بذلك حيث تكلم السلطان في المملكة وباشر وأمر وولى ووقّع ولله الحمد.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشره دخل الأمير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الأخضر من البلاد الحلبية إلى دمشق المحروسة، وتلقاه الفخري والأمراء والجيش بكماله، ودخل في أبهة حسنة ودعا له الناس وفرحوا بقدومه بعد شتاته في البلاد وهربه من بين يدي الطنبغا حين قصده إلى حلب كما تقدم ذكره.
وفي يوم الخميس رابع عشرة خرجت الجيوش من دمشق قاصدين إلى غزة لنظرة السلطان حين يخرج من الكرك السعيد، فخرج يومئذ مقدمان: تغردمر واقبغا عبد الواحد فبرزا إلى الكسوة.
فلما كان يوم السبت خرج الفخري ومعه طشتمر وجمهور الأمراء، ولم يقم بعده بدمشق إلا من احتيج لمقامهم لمهمات المملكة، وخرج مع القضاة الأربعة، وقاضي العساكر والموقعين والمصاحب وكاتب الجيش وخلق كثير.
وتوفي الشيخ الصالح العابد الناسك أحمد بن الملقب بالقصيدة ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان، وصلّي عليه بجامع شكر، ودفن بالصوفية قريبا من قبر الشيخ جمال الدين المزي، تغمدهما الله برحمته.
وكان فيه صلاح كثير، ومواظبة على الصلاة في جماعة، وأمر بمعروف ونهي عن منكر مشكورا عند الناس بالخير، وكان يكثر من خدمة المرضى بالمارستان وغيره، وفيه إيثار وقناعة وتزهد كثير، وله أحوال مشهورة رحمه الله وإيانا.
واشتهر في أواخر الشهر المذكور أن السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد خرج من الكرك المحروس صحبة جماعة من العرب والأتراك قاصدا إلى الديار المصرية، ثم تحرر خروجه منها في يوم الاثنين ثامن عشر الشهر المذكور فدخل الديار المصرية بعد أيام. هذا والجيش صامدون إليه، فلما تحقق دخوله مصر حثوا في السير إلى الديار المصرية، وبعث يستحثهم أيضا، واشتهر أنه لم يجلس على سرير الملك حتى يقدم الأمراء الشاميون صحبة نائبه الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري، ولهذا لم تدق البشائر بالقلاع الشامية ولا غيرها فيما بلغنا.
وجاءت الكتب والأخبار من الديار المصرية بأن يوم الاثنين عاشر شوال كان إجلاس السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد على سرير المملكة، صعد هو والخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن المستكفي فوق المنبر، وهما لابسان السواد، والقضاة تحتهما على درج المنبر بحسب منازلهم، فخطب الخليفة، وخلع الأشرف كجك وولى هذا الناصر، وكان يوما مشهودا، وأظهر ولايته لطشتمر نيابة مصر، والفخري دمشق، وأيدغمش حلب فالله أعلم.
ودقت البشائر بدمشق ليلة الجمعة الحادي والعشرين من الشهر المذكور، واستمرت إلى يوم الاثنين مستهل ذي القعدة، وزينت البلد يوم الأحد ثالث عشرين منه، واحتفل الناس بالزينة.
وفي يوم الخميس المذكور دخل الأمير سيف الدين الملك أحد الرؤوس المشهورة بمصر إلى دمشق في طلب نيابة حماة حرسها الله تعالى، فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة ورد البريد من الديار المصرية فأخبر أن طشتمر الحمص الأخضر مسك، فتعجب الناس من هذه الكائنة كثيرا.
فخرج من بدمشق من أعيان الأمراء أمير الحج وغيره وخيم بوطأة برزة وخرج إلى الحج أمير فأخبره بذلك وأمروه عن مرسوم السلطان أن ينوب بدمشق حتى يأتي المرسوم بما يعتمد أمير الحج فأجاب إلى ذلك، وركب في الموكب يوم السبت السادس منه.
وأما الفخري فإنه لما تنسم هذا الخبر وتحققه وهو بالزعقة فرّ في طائفة من مماليكه قريب من ستين أو أكثر، فاحترق وساق سوقا حثيثا وجاءه الطلب من ورائه من الديار المصرية في نحو من ألف فارس، صحبة الأميرين: الطنبغا المارداني، ويبلغا التحناوي، ففاتهما وسبق واعترض له نائب غزة في جنده فلم يقدر عليه، فسلطوا عليه العشيرات ينهبوه فلم يقدروا عليه إلا في شيء يسير.
وقتل منهم خلقا، وقصد نحو صاحبه فيما يزعم الأمير سيف الدين إيدغمش نائب حلب راجيا منه أن ينصره وأن يوافقه على ما قام بنفسه، فلما وصل أكرمه وأنزله، وبات عنده، فلما أصبح قبض عليه وقيده ورده على البريد إلى الديار المصرية، ومعه التراسيم من الأمراء وغيرهم.
ولما كان يوم الاثنين سلخ ذي القعدة خرج السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد بن المنصور من الديار المصرية في طائفة من الجيش قاصدا إلى الكرك المحروس، ومعه أموال جزيلة، وحواصل وأشياء كثيرة.
فدخلها يوم الثلاثاء من ذي الحجة وصحبته طشتمر في محفة ممرضا، والفخري مقيدا، فاعتقلا بالكرك المحروس، وطلب السلطان آلات من أخشاب ونحوها وحدادين وصناع ونحوها لإصلاح مهمات بالكرك، وطلب أشياء كثيرة من دمشق، فحملت إليه.
ولما كان يوم الأحد السابع والعشرين من ذي الحجة ورد الخبر بأن الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي النائب بصفد ركب في مماليكه وخدمه ومن أطاعه، وخرج منها فارا بنفسه من القبض عليه، وذكر أن نائب غزة قصده ليقبض عليه بمرسوم السلطان ورد عليه من الكرك، فهرب الأحمدي بسبب ذلك.
ولما وصل الخبر إلى دمشق وليس بها نائب انزعج الأمراء لذلك، واجتمعوا بدار السعادة، وضربوا في ذلك مشورة ثم جردوا إلى ناحية بعلبك أميرا ليصدوه عن الذهاب إلى البرية.
فلما أصبح الصباح من يوم الاثنين جاء الخبر بأنه في نواحي الكسوة، ولا مانع من خلاصة، فركبوا كلهم ونادى المنادي: من تأخر من الجند عن هذا النفير شنق، واستوثقوا في الخروج وقصدوا ناحية الكسوة وبعثوا الرسل إليه، فذكر اعتذارا في خروجه وتخلص منهم، وذهب يوم ذلك، ورجعوا وقد كانوا ملبسين في يوم حار، وليس معهم من الأزواد ما يكفيهم سوى يومهم ذلك.
فلما كانت ليلة الثلاثاء ركب الأمراء في طلبه من ناحية ثنية العقاب، فرجعوا في اليوم الثاني وهو في صحبتهم، ونزل في القصور التي بناها تنكز رحمه الله، في طريق داريا، فأقام بها، وأجروا عليه مرتبا كاملا من الشعير والغنم وما يحتاج إليه مثله، ومعه مماليكه وخدمه.
فلما كان يوم الثلاثاء سادس المحرم ورد كتاب من جهة السلطان فقرئ على الأمراء بدار السعادة يتضمن إكرامه واحترامه والصفح عنه لتقدم خدمة على السلطان الملك الناصر وابنه الملك المنصور.
ولما كان يوم الأربعاء سابع المحرم جاء كتاب إلى الأمير ركن الدين بيبرس نائب الغيبة ابن الحاجب ألمش بالقبض على الأحمدي، فركب الجيش ملبسين يوم الخميس وأوكبوا بسوق الخيل وراسلوه - وقد ركب في مماليكه بالعدد وأظهر الامتناع - فكان جوابه أن لا أسمع ولا أطيع إلا لمن هو ملك الديار المصرية، فأما من هو مقيم بالكرك ويصدر عنه ما يقال عنه من الأفاعيل التي قد سارت بها الركبان، فلا.
فلما بلغ الأمراء هذا توقفوا في أمره وسكنوا ورجعوا إلى منازلهم، ورجع هو إلى قصره.
البداية والنهاية - الجزء الرابع عشر | |
---|---|
698 | 699 | 700 | 701 | 702 | 703 | 704 | 705 | 706 | 707 | 708 | 709 | 710 | 711 | 712 | 713 | 714 | 715 | 716 | 717 | 718 | 719 | 720 | 721 | 722 | 723 | 724 | 725 | 726 | 727 | 728 | 729 | 730 | 731 | 732 | 733 | 734 | 735 | 736 | 737 | 738 | 739 | 740 | 741 | 742 | 743 | 744 | 745 | 746 | 747 | 748 | 749 | 750 | 751 | 752 | 753 | 754 | 755 | 756 | 757 | 758 | 759 | 760 | 761 | 762 | 763 | 764 | 765 | 766 | 767 |