انتقل إلى المحتوى

مفيد العلوم ومبيد الهموم/كتاب الغرائب/الباب العاشر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الباب العاشر في خاصية الماء

ولولا تسخير الله سبحانه وتعالى الماء لم يصل أحد إلى مقصوده في تلك البلاد ومنها القاء البذر في الأرض ينبت بواحدة سبعمائة إلى غير ذلك ومنها المدن والبلاد فلو لم تكن البلاد لتضرر الآدمي من السّبع والحر والبرد ومنها أن جعل الآجال مكتومة فلو أظهرها لتنغص عيش الآدمي ومات غمًا ومنها أنه أخرج أمة محمد في آخر الأمم ليقل مكثهم تحت التراب فلا يستوحشون في القبور كثيرًا ومنها أن أحسن صورتك عظمًا في عظم وعرقًا في عرق ولحمًا في لحم فلو كان مشوه الخلق كالقرد والخنزير أو على صورة الخنثى المشكل ما كنت تصنع يا خاطيء ومنها أن خلق الشمس والقمر والسحاب والرياح ونبات الأرض وأمطار السماء والأنعام والبهائم والطير والملائكة في شغل شاغل لأجلك وأنت فارغ لا خير لك فأين الشكر ومنها قبول توبتك من ذنوبك في جميع العمر ولم يخسف بعباده الأرض لدى الذنوب ولم يمنعهم الرزق فلو جعل البركة في الذباب والحيات كما جعل في البقر والغنم لم يتلذذ الآدمي من خوف الأسد والذئب ولو جعل في المواشي قوة السباع لما انتفع بها أحد فلله على العبد نعمتان نعمة النفع وما يوصلها إليه ونعمة الدفع وما يدفع عنه وما دفع الله أكبر فنعمة النفع السمع والبصر والنطق ونعمة الدفع كالعمى والخرس والبكم.