انتقل إلى المحتوى

مفيد العلوم ومبيد الهموم/كتاب الرد على الكفرة/الباب الرابع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


( الباب الرابع في الرد على الدهرية )

وهم شرذمة قليلة قالوا العالم في الأزل كان أجزاء مبثوثة تتحرك على غير استقامة فاصطكت اتفاقًا فحصل عنها العالم بشكله الذي تراه ودارت الأدوار وكرت الأكوار ولست أرى أن هؤلاء ينكرون الصانع لكن يعتقدون في حدوث العالم ما ذكرت ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ويقولون الآدمي يحدث من نطفة والنطفة من الآدمي والبيضة من الدجاج والدجاج من البيضة الجواب الأول بضرورة العقل نعلم أن العالم مصنوع ولا بد للمصنوع من الصانع أفي الله شك فاطر السموات والأرض وأعلم قطعًا أن الدهري متى يمرض أو يفتقر أو يضطرب به البحر فإنه يلجأ إلى الله تعالى يا رب فرّج وأفعل بي كذا ولهذا لم يرد التكليف بمعرفة وجود الصانع بل ورد بمعرفة التوحيد ونفي الشريك الجواب الثاني ليس الآدمي نطفة ولا النطفة من الآدمي بل آثار قدرة القديم فقد تكون نطفة ولا يحدث آدمي والدجاجة والبيض من آثار القدرة الباهرة فتنبهوا خذلهم الله لقولهم الآدمي كالنبت قلنا يا حمير الآدمي شخص حي عالم كيف يكون كالنبت النامي ثم النبات لا بد له من منبت وأعلم ان التعطيل من وجوه منها تعطيل الصنع عن الصانع ومنها تعطيل الصانع عن الصنع ومنها تعطيل الباري عن الصفات الذاتية ومنها تعطيل الباري عن الصفات المعنوية ومنها تعطيل ظواهر الكتاب والسنة أمّا تعطيل العالم عن الصانع فلم يذهب اليه سوى الملاحدة لعنهم الله وأمّا تعطيل سلامة الاعتقاد في هذه المجازات والمعارضات والأودية المظلمة والبحار المغرقة فلم يخلص سوى أهل السنة والجماعة والصدر الأجل سيد الوزراء ورأسهم ورئيسهم في هذا الاعتقاد والحمد لله حق حمده

شعر
هنيئا وزاد الله فيه زيادة
وذلك مجد يملأ العين والصدرا