مفيد العلوم ومبيد الهموم/كتاب الرد على الكفرة/الباب الثاني
( الباب الثاني في حقيقة الكفر )
فلما كان حقيقة الإيمان التصديق بالله وبرسوله في مخبراته كان الكفر الذي هو ضده تكذيبًا لله ولرسوله وقيل الكفر هو الجهل بالله وبصفاته فالكافرون وإن قالوا نحن نعرف الله لقول الله تعالى ﴿ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى﴾ فقد كذبوا الله لقوله تعالى ﴿وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ وقوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ (فصل) وأصناف الكفرة عشرون صنفًا رأسهم ورئيسهم الدهريون القائلون بأن الآدمي كالنبات والحشيش وهم مفتونون في ذلك فإن الحشيش والنبات لا بد له من منبت ولو جاز نبت من غير منبت لجاز بذر من غير باذر وبناء من غير بان وكتاب من غير كاتب (والثاني) الفلاسفة أصحاب الهيولى والعناصر والسوفسطائية والطبائعية والأزلية والمنجمية والملحدة الذين رأوا الأفعال من النجوم والثنوية حين رأوا الفعل من النور والظلمة والمجوس الذين رأوا الخير والشر من بزدان وأهرمن والخرمية أباحوا ما أرادوا وعبدة الأوثان والبراهمة والصابئة والحلولية والتناسخية واليهودية والسامرية والسابع عشر النصارى وعبدة الأوثان وعبدة الرؤس والبقر والمتحيرة الذين لا دين لهم والمزدكية والباطنية شر من الجميع والاباحية فهؤلاء الأصناف من الكفار لعنهم الله (الفصل الثاني) في الكلمات تكون كفرًا لو قال لا أخاف الله ولا أستحي من الله يصير كافرًا ولو قال ان أمرني الله به لم أفعله يكفر أو قال أنا على رضاك أحرص مني على رضا الله أو قال لا أدري أن الله خلق هذا أو قال هذه بينك وبين الله أو قال لو كان فلان رسول الله لم أطعه أو قال لو جئت بالدرهم الواضح إلى رضوان لفتح لك باب الجنة أو قال ان الصلاة لا توافقني أو قال داري وبيتي مثل السماء والطارق أو قيل له هذا حكم الله فيقول لا أعرف حكم الله أو قال لامرأة شدي الزنار وتخلصي أو قال كافر أعرض عليّ الإسلام فيقول ارجع إلى وقت كذا أو ينتقص نبيًا من الانبياء أو قيل له أن النبي كان يحب كذا فيقول لا أو يقول أنا أعلم الغيب أو يقول الرجل لامرأته أحل الله أربع نسوة فتقول أنا لا أرضى بهذا أو هذا عندي ظلم مثل هذه الكلمات إذا تلفظ بها قصد بها الكفر أو لم يقصد يكون كفرًا ولو قال إن كنت رسولًا فانتزع الحق منك يكفر ولو قال يجوز وطئ الحائض يكفر ولو أن نصرانيًا أسلم ثم مات أبوه فيقول ليتني لم أسلم حتى أرث أبي يكفر ولو قال شعيرة رسول الله على وجه التصغير يكفر ولو قال ليت الخمر لم يكن حرامًا يكفر ولو قال ليت الزنى والقتل والغصب كان مباحًا يكفر ولو قال عرض لي أمر أردت أن أكفر يكفر ولو قال المجوسية خير من هذا الأمر والدين والمقالة يصير كافرًا ولو قال سآخذ حقي منك في القيامة فقال كيف تعرفني في ذلك الزحام والزحمة يكون كافرًا ولو قيل لرجل في الغضب أما تخاف الله فقال لا يكفر ولو علّم امرأة حتى ترتد وتفسخ النكاح بينهما كفر ولو قيل لرجل لماذا لا تدور حول الحلال فقال إذا وجدت الحرام فلا أدور حول الحلال يكفر (حكاية) قيل للمأمون سئل عالم عن قتل رجل حائك ماذا يلزمه فقال يلزمه طغار زيت فدعا المأمون بالعالم فقال ويحك ما الذي أفتيت به قال كنت أمزح قال المزح بأحكام الله في دين الله فأمر حتى ضرب بالسياط ومات تحت السياط فلا يجوز التمزح والتهزل بأحكام الله في دين الله فإن موقعه عظيم.