انتقل إلى المحتوى

مرآة الحسناء (1872)/قافية الفاء

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



قافية الفاءِ


وقال
شوقٌ لوصلك واو الصدغ تعطفُهُ
وعاملُ الهجر عني ليس يصرفهُ
فما احتيالي وسيفُ اللحظِ منصلتٌ
والقلبُ في موضع الاشجان موقفُهُ
ويلاهُ قد قتلت صبري العيونُ فلو
أُعْطيتُ بحرَ دموعٍ كنتُ اذرفُهُ
يا من بقلبي هواهُ قد هوى ونما
حتى مَ انتَ بنار الصدِّ نتلفُهُ
ناديتُ إذ فتكت أيدي التشوُّق بي
ليت الحبيبَ يرى شوقي ويعرفُهُ
يا طالما قد حمت عن ناظري مقلٌ
وردًا أكادُ بأيدي الفكر أقطفُهُ
هذا فؤادي، وذا جمرُ الغرام بهِ
وذي دموعي ولكن لا تلطفه
وذاك قلبي، وهذا الوجدُ أثقلهُ
وذي دموعي ولكن لا تُلطِّفُهُ
لو كنتَ تعلمُ ما يلقى فؤَادي إذ
تُلقي نقابًا على وجهٍ يشرِّفهُ
لما جعلتَ على ثغر الضحى حجبًا
ولا تركتَ شفَاهَ الستر ترشفُهُ
سرُّ الهوى غامضٌ، فارخِ اللثام عسى
ضياكَ ينفذُ في قلبي ويكشفُهُ
ما لاح وجهك ذو البشرى لدى بصري
إلَّا وكاد ببرق الحسن يخطفُهُ
بيني وبينك قد جدَّ العذولُ وكم
من مغرمٍ لم يَنَلْ فوزًا معنِّفهُ
لا ترعَ سمعك للواشي أيا قمري
ولا تَدَعْ فلتاتِ الهذرِ تسعفُهُ
أن الجهولَ إذا ما الدهرُ جادلهُ
بنعمةٍ ظنَّ أن الدهرَ ينصفُهُ
يتيهُ عُجْبًا، ويُعلي أنْفَهُ عَجَبًا
إذ ليس يعلمُ أن الناسَ تأنفهُ
وقال
حتى مَ وعدُكَ بالوصالِ يُسَوَّفُ
وإلى مَ أنتَ عليَّ لا تتعطَّفُ
يا من أثار على الحشا حربَ الجفا
رفقًا فجيشُ الصبر أوشك يتلفُ
أيحلُّ في شرع الهوى قتلي بلا
ذنبٍ أجبني قد عهدتكُ تنصفُ
أفديكَ من ظبيٍ أعدَّ لقتلتي
عِدَدَ الجمالِ وما ثناهُ مخوِّفُ
فالخدُّ نارٌ والعذارُ سلاسلٌ
والطرف سيفٌ والقوامُ مسقَّفُ
يا بدرُ لي حَدَقٌ بوجهك حُدَّقٌ
أبدًا ولي طرفُ لغيرك مُطرَفُ
أنتَ الحبيبُ فلا أرومُ سوًى ولا
يثني فؤادي عن هواكَ مُعنِّفُ
خطراتُ ذكرك كلَّما خطرت على
سمعي تؤثرُ بالفؤَادِ فيرجفُ
أطلعتَ من تحت القناع لأعيني
قمرًا ولكن نورُهُ لا يُخسفُ
وعلى خدودك قد بدا لذوي الهوى
ووردٌ بغير نواظري لا يقطفُ
لك مبسمٌ عذبٌ وريقٌ طيِّبٌ
هذا لنا كاسٌ وذلك قرقفُ
ما لاح برقٌ من جمالك في الحمى
إلَّا لأبصار المتيم يخطفُ
إني عشقتكَ لا لحسنكَ وحدَهُ
لكن لذاك اللطفِ وهو الأشرفُ
هيهات أن أسلوكَ يا قمري ولي
قلبٌ يذوبُ، وأعينٌ لا تنشفُ
أورثتني أحزان يعقوبٍ بلا
رفقٍ فكيفَ ظلمتني يا يوسفُ
لم أرعَ في غَسَق الدُّجى شُهبَ العُلى
إلَّا ومن جفني المقرَّحِ أرعفُ
هلَّا ثناكَ عن الصدودِ تغزُّلي
بك أيها الغصنُ الذي لا يقصفُ
غزلٌ حكى الصهباءَ فعلًا والصبا
لطفًا ولستُ بهِ لغيركَ أُتْحِفُ
إن كنتُ يا ذا السخطِ عندكَ نكرةً
فإذا أُضِفْتُ إلى الرضا أتعرَّفُ
أبلى الهوى قلبي بكلِّ أسًى فيا
قلبي على بلواكَ ما لك مسعفُ
فاخْفِ الهوى عمن يلومكَ وادّرعْ
جلدًا فإنَّ الحبَّ داء متلفُ
أَيُعينني جلدٌ على البلوى وذي
جَبلٌ أصمُّ وذاك قاعٌ صفصفُ
والصبرُ يحلو للفتى بمصابهِ
إنَّ التَّصَبُّرَ في البليَّةِ يُعْرَفُ
وقال
ماذا أقولُ أَذلٌّ فيك أم شرفُ
يا أيها العشقُ حيث الرشدُ لا يقفُ
هيهات ما دام حكمُ الحسن منتصرًا
فليس للصبِّ إلَّا الذلُّ والتلفُ
حكمٌ لهُ خضعت كلُّ النفوس بلا
حربٍ وسحرٌ لديهِ القلبُ يرتجفُ
فما بدت طلعةُ الحسن العجيب لدى
عينيَّ إلَّا وكادَ العقلُ ينخطفُ
يا طلعةً غلبت كُلَّ القوى ولها
قد ذلَّ من قام فيهِ الكبرُ والصَّلَفُ
وا حسرتاهُ فبي أودى الغرامُ ويا
ويلاهُ فالقلبُ مني غالهُ الدَّنفُ
أفدي التي طالما قاومتُ سطوتها
باللهوِ لكنني بالعجز أعترفُ
بديعةٌ لو مشت يوماً على تُرَبٍ
لاوشكت تحتها الامواتُ تنشغفُ
وغادةٌ ذاتُ جسمٍ كالرخام بدا
يزهو بنهدينِ لا يغشاهما كلفُ
نهدانِ كالفضّةِ البيضاءِ ما برزا
الاَّ لسلبِ فؤادٍ كلهُ شغفُ
فلي غدا حبُّها فصلاً أقوم بهِ
كذا لها فضلُ حسنٍ فيهِ تتَّصفُ
كلُّ من الكون اعطتهُ طبيعتهُ
فصلاً بهِ عن جميع الكون يختلفُ
يا من على اعيني القت غشاء هوىً
وفي فؤادي عناءً ليس ينصرفُ
طعنتِ قلبي فوا حزني ووا المي
بحربةٍ قد ثوى في جرحها اللهفُ
ابكي وليس البكا يجدي المحبَّ سوى
فرط العذاب الذي يجري بهِ الاسفُ
بئس الزمانُ الذي القى عنانَكَ في
يدِ الغبيِّ وابقى الشهمَ ينتزفُ
فلا رعى الله دهراً فيهِ زاحمني
أوغادُهُ في هوىً يعزَى له الشرفُ
وقال
تجنَّبْ طعاماتٍ غلظنَ فكم قضى
بهنَّ شهيداً من عن النهم ما عفَّا
ولا تزوجَنَّ البطنَ بابنة أكلةٍ
فتندمَ عَّما فات اذ تلدُ الحتفا
وقال
بالطرف اومت الى الكاساتِ ناهدةٌ
اعطافُها قد شربنَ خبرةَ الظرفِ
فرحتُ سكرانَ لا عقلٌ ولا جلدٌ
فكان سكري قُبيَل الراح بالطرفِ
وقال
ارتنا في رياض الحسنِ لمَّا
تثنَّت غصنَ قدِّ ذا شنوفِ
عليهِ بلبلَ الالباب غنى
فقام اللحظَ يرقص بالسيوفِ

خيانة العهد

دعاني الى السلوانِ صدُّكِ والجفا
وغدرُكِ لم يترك بقلبي سوى الوفا
عشقتُكِ جهلاً مذ تظاهرت بالولا
وما كنتُ ادري ما بقلبكِ من خفا
وهيهاتِ ان تُصفي المودَّةَ غادةٌ
فمن يسلها رغمَ الهوى بجدِ الصفا
اذا جذبتني للتصابي يدُ الصبى
ثناني الحجى عنهُ فحسبي تشرُّفا
وما انا ممن يرتضي بهوى التي
خلائقها ساءَت عنها الوفا انتفى
فان كنتِ قد عفتِ الودادَ فانني
تركتُ الهوى لكن ودادي ما عفا
انا لستُ اهوى ذا بهاءٍ بوجههِ
اذا لم يكن باهي السجيّةِ منصفا
ولم اخُنِ الميثاقَ حتى منيَّتي
فاني ممَّن قابلَ الغدرَ بالوفا
فقلبيَ صافِ کالزلال وليّنٌ
ولكنهُ أقوى احتمالاً من الصفا
اذا لم يكن فعلُ الجميل كوجههِ
فذا شبهُ قبرٍ بالبياضِ تزخرفا
فلا تحسبي أَنَّ الجمالَ الذي بدا
بوجهكِ يوليكِ المقام المشرّفا
سلوتكِ مذ خنتِ العهودَ جهالةً
وكنتُ على حتفي بحبّكِ مشرفا
ومن عادةِ الحسناءِ ان لا تقومَ في
ذمامٍ وأَن تبدي البديلَ الوفا جفا
جرعتُ كؤوسَ الذلِّ والعزُّ جانبي
فحسبيَ ما لاقيتُ منكِ وقد كفى
اضعتُ شبابي في المحبَّة ليتني
بذاتكِ عمري لم اكن متعرّفا
لحى الله ايامًا بها كنتُ ضاربًا
بوادي هواكِ هايمًا متلهفا
بحبكِ قد أودي السقام باضلعي
وها قد دعاهنَّ السلوُّ الى الشفا
وإن تكُ عيني بالهوى هدرت دمي
سدىً فعليهِ اليومَ تبكي تأَسُّفا
فكم من عذولٍ في هواكِ عققتهُ
فيا ليتني طلعتُ العذولَ المعنفا
وما الحسنُ الَّا ساحرٌ خادعٌ فكم
يحاولُ ان يُغري النفوس ويُتلفا
دعيني دعيني من هواكِ فانني
فتىً ليس يهوى من تُسيءُ التصرفا
وقد ينثني قلبُ المحبِّ عن الهوى
اذا ما رأَى ودَّ الحبيبِ تكلفا
فحرَّرتُ روحي من عبوديّةِ الجوى
بثورة عقلٍ طالما كان مسعفا
أَأَرجعُ للحبّ المذلِّ وكم وكم
على دوح قلبي طائرُ العزِّ رفرفا
ولم يمحُ عن صدري رسوم الهوى سوى
رياض فويقٍ حيثما الطبرُ قد هفا
هناكَ جلاءُ الحزن والكرب والضنا
هناك الاماني والتهاني والصفا
سقى اللهُ روضًا قد الفتُ بظلهِ
كواعبَ اترابًا يعاطينَ قرقفا
فلا باعد الوسميُّ ذاك الحمى ولا
جفتهُ الصبا ماالغصنُ يحنو تعطُّفا

إلى الخواجا الياس صالح في اللاذقية جوابًا لرسالةٍ اتتهُ منهُ

حَدَقٌ سفكنَ دماك ام ذي اسيفُ
ومسقَّفٌ أرداك ام ذا معطفُ
وسوالفٌ غشيتْ فؤَادَك ام دُجىً
وسلافةٌ اخذتكَ ام ذا مرشفُ
وهل الغزالةُ قد بدت من افقها
لك أم غزالٌ حسنهُ لا يكسفُ
وضرام جمرٍ في حشاك يثورُ ام
وجدٌ تمورُ بهِ القلوبُ وتتلفُ
با ايُّها الصبُّ المقيمُ على الهوى
خذْ منهُ حذْرَكَ فالهوى لا ينصفُ
وتوقَ ان غازلتَ الحاظ الظبا
فهي الظبُيَ ولكم جريحٌ مدنفُ
بابي وبي افدي التي هدرت دمي
بلواحظٍٍ بعنو لديها المرهفُ
هيفاءُ في قلبي هواها كالرُّبى
قد قام حيثُ الصبرُ قاعٌ صفصفُ
ومليحةٍ لم يأَلُ عهدَ ولائها
كلفٌ لحبّ الغير لا يتكلّفُ
وإذا المحبَّةُ مازجت روحَ الفتى
تُوحي لهُ بالطيّباتِ فيعرفُ
يا وردةً بيد الصبى يا من بها
لا زلتُ من كاس الصبابةِ ارشفُ
بل يا مليكة مهجةٍ بكِ قد عفت
وضياءَ عينٍ بالمدامعِ تنزفُ
رضيَّتِ قلبي تحت اثقال الجفا
ورضيتِ قطعَ الوصلُ وهوالمسعفُ
وقصصت جنح الصبرِ من قلبي لذا
قد عادَ في صدري يجدُّ ويجدفُ
فشردتُ لا الوي على احدٍ وفي
عينيَّ طيفُكِ واقفٌ مستوقفُ
يا ليلةً ليلاءَ هالَ ظلامُها
شُهُبَ العلى فغدت كمثلي ترجفُ
حيثُ الدُّجى يتلو على كلِّ الملا
خُطَبَ السكوتِ وبالتصابي يهتفُ
والارضُ في عمق الفضاءِ شريدةٌ
نرجو الهدَى وسوى الضيا لا يكشفُ
وانا اخوضُ بحارَ شوقٍ حيث لا
سلمٌ هناك ولاخلاصٌ يسعفُ
وإذا غدا املُ التخلُّص فاسدًا
فالقصدُ عندي صالحٌ مستظرفُ
فتىً أحتوى كلَّ الحذاقة والذكا
ولهُ يُجّرُّ من اللياقةِ مطرفُ
ينسابُ في ثوب المعارفِ مارحًا
وبلفظِه لوحُ الفصاحةِ يرصفُ
شعرٌ له طربت اليهِ ذوو الحجى
وبدُرِّهِ أُذُنُ الزمانِ تُشنفُ
أَنَّى ثملتُ بهِ وملتُ ولم يكن
خمرًا واينَ الخمرُ فهو الاشرفُ
كَلمٌ يصح بطيبها كَلُم الحشى
وتضجُّ عن طربٍ اليها القرقفُ
من كلّ معنىً يسلبُ الالبابَ إذ
يُتلىَ كأَنَّ السحرَ فيهِ مُخَلَّفُ
كن يا ابن صالحَ بين ارباب النُّهى
عَلَمًا بالقابِ الصلاحِ يُعَرَّفُ
وردت عليَّ اليومَ منك خربدةٌ
تبغي الوفا وأنا لديها محجفُ
وصفت صفاتِكَ لي بخير بلاغةٍ
وصفت فشمتُ بها خيالَكَ يعطفُ
فكأَنني يعقوبُ من شوقي لها
وكانها لما اتتني يوسفُ
وقال
حسامكَ ام عيناك أمضى وارهفُ
وثغرك أم عقدُ الترائب أشرفُ
وفرقك أَسنى ام هلالُ السما وهل
خدودك ام وردُ الخمائل اتحفُ
فديتكَ يا بدرًا تلأْلأَ حسنُه
فأشرقَ في قلبٍ من الوجد يتلفُ
أدا رنَّحت عطفيكَ رابعةُ الصبى
رايتَ غصون البانِ تصبو وتعطفُ
وإن رأَتِ الغزلانُ جيدك اطرقت
وان شامتِ الاقمار نوركَ تخسفُ
بروحي من الغاداتِ غيداءَ أن بدت
تكادُ شموس الكون في الاوج تكسفُ
عليلةُ اجفانٍ صحيحةُ اعينٍ
لماها وريقُ الثغر مسكٌ وقرقفُ
وقامتها غصنٌ بقلبي غرستهُ
فيا حبذا غصنٌ رشيقٌ مهفهفُ
أقول لها والطرفُ سح سحابهُ
وقلبي في نار الصبابة يرجفُ
رويدك حتى مَ الجفا لمتيمٍ
له جسدٌ من لطف ودكِ انحفُ
وكيف اطيقُ الهجرَ احملُ ثقلهُ
واني ضعيفٌ من جفونك اضعفُ
فلا تحسبيني مثل خصرك قادرًا
على حمل اثقالٍ فاني مدنفُ
فخصركِ يقضي الوصل منك على المدى
واني في الهجرانِ مضنى ومتلفُ
الى مَ الى مَ الهجر يهتكُ أَعظُمي
وحتى مَ منكِ النفسُ لا تتعطفُ
أَما انتِ غصنٌ في رياضِ محاسن
وعهدي أنَ الغصن يدنو ويعطفُ
ولكن دلالُ الخودِ يجدي نفارَها
فهلا التفاتٌ للنفار سيخلفُ
وللصب قلبٌ لا يزال على ظمىً
وليس لهُ الَّا من الثغر يرشفُ
وما الحب الَّا كالزمانِ فانهُ
يُذلُّ الفتى طورًا وطورًا يشرِّفُ
زمانٌ لقومٍ بهجةٌ وترفهٌ
كذاك لقومٍ حسرة وتحيُّفُ
فكم يبتلي ناسًا وبهتك عيشهم
وكم لاناس راح يرعى ويسعفُ
كأَني بهِ يأْبَى الوفا لذوي النهى
ويرعىَ ذمامَ الجاهلينَ وينصفُ