محلى ابن حزم - المجلد الثالث/الصفحة السابعة والعشرون
كتاب الأشربة
ومن طريق أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار عن علي بن الحسين الدرهمي نا أنس بن عياض هو ابن ضمرة - نا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ { ما أسكر كثيره فقليله حرام } . ومن طريق قاسم بن أصبغ نا إسحاق بن الحسن الحربي نا زكريا بن عدي نا الوليد بن كثير بن سنان المزني حدثني الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن رسول الله ﷺ قال : { أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره } . ومن طريق أبي داود السجستاني ، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز هو ابن بنت منيع البغوي قال أبو داود : نا قتيبة ، وقال عبد الله : نا أحمد بن حنبل نا سليمان بن داود الهاشمي ، ثم اتفق قتيبة ، وسليمان ، وقالا جميعا : نا إسماعيل هو ابن جعفر - نا داود بن بكر هو ابن أبي الفرات - نا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ { ما أسكر كثيره فقليله حرام } . وروينا أيضا من طريق القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين عن النبي ﷺ فهذه الآثار المتظاهرة الثابتة الصحاح المتواترة عن أم المؤمنين ، وأبي هريرة ، وأبي موسى ، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وجابر بن عبد الله ، والنعمان بن بشير ، والديلم بن الهوشع كلهم عن النبي ﷺ بما لا يحتمل التأويل ولا يقدر فيه على حيلة ، بل بالنص على تحريم الشراب نفسه إذا أسكر وتحريم شراب العسل ، وشراب الشعير ، وشراب القمح إذا أسكر ، وشراب الذرة إذا أسكر ، وتحريم القليل من كل ما أسكر كثيره بخلاف ما يقول من خذله الله تعالى وحرمه التوفيق . وقد روينا أيضا من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ﷺ النهي عن قليل ما أسكر كثيره وهم يوثقونها إذا وافقت أهواءهم وجلح بعضهم بعدم الحياء في بعض هذه الآثار وهو قوله عليه السلام : { كل مسكر حرام } فقال : إنما عنى الكأس الأخير الذي يسكر منه . قال أبو محمد : وهذا في غاية الفساد من وجوه - : أحدها : أنه دعوى كاذبة بلا دليل وافتراء على رسول الله ﷺ بالباطل ، وتقويل له ما لم يقله عن نفسه ، ولا أخبر به عن مراده ، وهذا يوجب النار لفاعله . وثانيها : أنهم لا يقولون بذلك في شراب العسل ، والحنطة ، والشعير ، والتفاح ، والإجاص والكمثرى ، والقراسيا ، والرمان ، والدخن ، وسائر الأشربة ، إنما يقولونه في مطبوخ التمر ، والزبيب ، والعصير فقط ، فلاح خلافهم للنبي ﷺ جهارا . والثالث : أنه تأويل أحمق وتخريج سخيف ، قد نزه الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم عن أن يريده ، بل قد نزه الله تعالى كل ذي مسكة عقل عن أن يقوله لأننا نسألهم أي ذلك هو المحرم عندكم ؟ الكأس الآخرة أم الجرعة الآخرة ، أم آخر نقطة تلج حلقه ؟ فإن قالوا : الكأس الآخرة ؟ قلنا لهم : قد يكون من أوقية ، وقد يكون من أربعة أرطال ، وأكثر ، فما بين ذلك ، وقد لا يكون هنالك كأس ، بل يضع الشريب فاه في الكوز فلا يقلعه عن فمه حتى يسكر فظهر بطلان قولهم في الكأس . فإن قالوا : الجرعة الآخرة ؟ قلنا : والجرع تتفاضل فتكون منها الصغيرة جدا ، وتكون منها ملء الحلق ، فأي ذلك هو الحرام ، وأيه هو الحلال ؟ فظهر فساد قولهم في الجرعة أيضا . فإن قالوا : آخر نقطة ؟ قلنا : النقط تتفاضل فمنها كبير ، ومنها صغير حتى نردهم إلى مقدار الصوابة ، ويحصلوا في نصاب من يسخر بهم ويتطايب بأخبارهم ، فإن لم يحدوا في ذلك حدا كانوا قد نسبوا إلى الله تعالى أنه حرم علينا مقدارا ما فصله عما أحل وذلك المقدار لا يعرفه أحد ، وهذا تكليف ما لا يطاق ، وتحريم ما لا يمكن أن يدرى ما هو وحاشا لله من هذا . فإن قالوا : أنتم تحرمون الإكثار المهلك أو المؤذي من الطعام أو الشراب فحدوه لنا ؟ قلنا : نعم ، وهو ما زاد على الشبع والري المحسوسين بالطبيعة اللذين يميزهما كل أحد من نفسه حتى الطفل الرضيع والبهيمة ، فإن كل ذي عقل إذا بلغ شبعه قطع إلا القاصد إلى أذى نفسه واتباع شهوته فكيف والأحاديث التي ذكرنا لا تحتمل ألبتة هذا التأويل الفاسد ؟ لأن قول رسول الله ﷺ { كل شراب أسكر حرام } إشارة إلى عين الشراب قبل أن يشرب لا إلى آخر شيء منه وأيضا فإن الكأس الأخير المسكرة عندهم ليست هي التي أسكرت الشارب بالضرورة يدرى هذا ، بل هي وكل ما شرب قبلها وقد يشرب الإنسان فلا يسكر ، فإن خرج إلى الريح حدث له السكر ، وكذلك إن حرك رأسه حركة قوية ، فأي أجزاء شرابه هو الحرام حينئذ ؟ - وبالله تعالى التوفيق . قال أبو محمد : ونقول لهم إذا قلتم : إن الكأس الأخيرة هي المسكرة فأخبرونا متى صارت حراما مسكرة ؟ أقبل شربه لها ، أم بعد شربه لها ، أم في حال شربه لها ؟ ولا سبيل إلى قسم رابع . فإن قالوا : بعد أن شربها ؟ قلنا : هذا باطل لأنها إذا لم تحرم إلا بعد شربه لها فقد كانت حلالا حين شربه لها وقبل شربه لها ، ومن الباطل المحال الذي لا يقوله مسلم أن يكون شيء حلالا شربه ، فإذا صار في بطنه صار حراما شربه - هذا كلام أحمق وسخف وهذر لا يعقل . فإن قالوا : بل صارت حراما حين شربه لها ؟ قلنا : إنها لا حظ لها في إسكاره إلا بعد شربه لها ، وأما في حين شربه لها فليست مسكرة إلا بمعنى أنها ستسكره ، وهذا المعنى موجود فيها وهي في دنها فلا فرق بينها في حين شربه لها وبينها قبل ذلك أصلا . فإن قالوا : بل قبل أن يشربها ؟ قلنا : فقولوا بتحريم الإناء الذي كانت فيه ، وبتنجيسه ، وبتحريم كل ما كان فيه من الشرب ، وبتنجيسه لأنه قد خالطه حرام نجس عندكم وهم لا يقولون بهذا . فظهر فساد قولهم من كل وجه وبالله تعالى التوفيق . وهو قول السلف كما روينا من طريق يحيى بن سعيد القطان نا يحيى بن سعيد التيمي حدثني أبي عن مريم بنت طارق أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول لنساء عندها : ما أسكر إحداكن فلتجتنبه - وإن كان ماء حبها [ محلها ] فإن كل مسكر حرام . ومن طريق عبد الله بن المبارك عن علي بن المبارك حدثتني كريمة بنت همام أنها سمعت أم المؤمنين عائشة تقول : نهيتم عن الدباء ، نهيتم عن الحنتم ، نهيتم عن المزفت [ ثم أقبلت على النساء فقالت ] إياكن والجر الأخضر وإن أسكركن ماء حبكن فلا تشربنه . ومن طريق سعيد بن منصور نا عبد الحميد بن أبي هلال الجرمي قال : سمعت أم طلحة تقول : سمعت عائشة أم المؤمنين وقد سئلت عن النبيذ ؟ فقالت : إياكم وما يسكركم . ومن طريق عبد الله بن المبارك عن قدامة العامري أن جسرة بنت دجاجة العامرية حدثته أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول : لا أحل مسكرا وإن كان خبزا وماء . نا يوسف بن عبد الله النمري نا عبد الرحمن بن مروان القنازعي - ثقة مشهور - نا أحمد بن عمرو بن سليمان البغدادي نا عبد الله بن محمد البغوي نا أحمد بن حنبل ، وجدي أحمد بن منيع ، قالا جميعا : نا عبد الله بن إدريس الأودي قال : سمعت المختار بن فلفل قال : قال أنس بن مالك : الخمر من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والذرة ، فما تخمرت من ذلك فهو الخمر . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن السائب بن يزيد قال شهدت عمر بن الخطاب صلى جنازة ، ثم أقبل علينا فقال : إني وجدت من عبيد الله ريح شراب وإني سألته عنها ؟ فزعم أنها الطلاء وإني سائل عن الشراب الذي شرب ؟ فإن كان مسكرا جلدته ؟ قال : فشهدته بعد ذلك يجلده . فهذه أصح طريق في الدنيا عن عمر أنه رأى الحد واجبا على من شرب شرابا يسكر كثيره لأن عبيد الله لم يكن سكر مما شرب ، لأنه سأله فراجعه ولم ير عليه سكرا ؟ وإنما حده على شربه ، مما يسكر فقط ، نعم ، ومن الطلاء الذي يحلونه كما تسمع . نا يوسف بن عبد الله النمري نا عبد الرحمن بن مروان القنازعي ، نا أحمد بن عمرو بن سليمان البغدادي نا عبد الله بن محمد البغوي هو ابن بنت منيع - نا أحمد بن حنبل نا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية - نا أبو حيان هو يحيى بن سعيد التيمي - نا الشعبي عن عبد الله بن عمر قال : سمعت عمر يخطب على منبر رسول الله ﷺ : يا أيها الناس إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير - والخمر ما خامر العقل " .
ورويناه أيضا من طريق شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر - ورويناه أيضا من طريق أبي كريب محمد بن العلاء عن عبد الله بن إدريس الأودي عن زكريا هو ابن أبي زائدة - عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر . ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني أبو بكر بن علي هو المقدمي - نا القواريري هو عبيد الله بن عمر - نا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود قال : أحدث الناس أشربة لا أدري ما هي ؟ فما لي شراب منذ عشرين سنة أو قال : عددا آخر إلا السويق والماء - غير أنه لم يذكر النبيذ . ومن طريق سعيد بن منصور نا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود قال : أحدث الناس أشربة لا أدري ما هي ؟ وما لي شراب منذ عشرين سنة إلا الماء والعسل واللبن ؟ ومن طريق البخاري ، وأحمد بن شعيب ، قال البخاري : نا محمد بن كثير ، وقال ابن شعيب : أنا قتيبة بن سعيد ، ثم اتفق ابن كثير وقتيبة عن سفيان بن عيينة عن أبي الجويرية الجرمي قال : سألت ابن عباس عن الباذق ؟ فقال : سبق محمد الباذق ، ما أسكر فهو حرام - أبو الجويرية سمع ابن عباس ، ومعن بن يزيد - وروى عنه أبو عوانة ، وسفيان . ومن طريق إسحاق بن راهويه نا أبو عامر هو العقدي - والنضر بن شميل ، ووهب بن جرير بن حازم ، قالوا كلهم : نا شعبة عن سلمة بن كهيل ، قال : سمعت أبا الحكم يقول : قال ابن عباس من سره أن يحرم ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ . ومن طريق أحمد بن شعيب أنا سويد بن نصر أنا عبد الله هو ابن المبارك - عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن عباس قال لرجل سأله : اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره . وبه إلى عبد الله بن المبارك عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين قال : المسكر قليله وكثيره حرام . ومن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر كل مسكر خمر وكل مسكر حرام . ومن طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة أنا أبو عوانة عن زيد بن جبير قال : سألت ابن عمر عن الأشربة ؟ فقال : اجتنب كل شيء ينش . ومن طريق سعيد بن منصور نا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية - عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه سمع عبد الله بن عمر قد قال له رجل : آخذ التمر فأجعله في فخار واجعله في التنور ؟ فقال له ابن عمر : لا أدري ما تقول آخذ التمر فأجعله في فخار ثم أجعله في تنور ، لا تشرب الخمر ، ثم قال ابن عمر : يتخذ أهل أرض كذا من كذا خمرا يسمونها كذا ، ويتخذ أهل كذا من كذا خمرا يسمونها كذا ، ويتخذ أهل أرض كذا من كذا خمرا يسمونها كذا - وذكر كلاما حتى عد خمسة أشربة ، قال ابن سيرين لا أحفظ منها إلا العسل ، والشعير ، واللبن . قال أيوب : فكنت أهاب أن أحدث الناس باللبن حتى حدثني رجل أنه يصنع بأرمينية من اللبن شرابا لا يلبث صاحبه . وهكذا رواه حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عمر ، وابن المبارك عن عبد الله بن عون عن ابن سيرين عن ابن عمر - فهذا ابن عمر لا يرى لطبخه معنى . وقد رويناه من طريق إسرائيل عن أبي حصين عن الشعبي عن ابن عمر : الخمر من خمسة : من التمر ، والحنطة ، والشعير ، والعسل ، والعنب . ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن ثابت البناني ، وقتادة ، كلاهما عن أنس بن مالك قال : لما حرمت الخمر قال أنس : إني لأسقي أحد عشر رجلا فأمروني فكفأتها وكفأ الناس آنيتهم حتى كادت السكك أن تمتنع - قال أنس : وما خمرهم إلا البسر ، والتمر مخلوطين . قال أبو محمد : سمى منهم أنس في أحاديث صحاح تركنا ذكرها اختصارا أبا طلحة ، وأبا أيوب ، وأبا دجانة ، وأبا عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وسهيل بن بيضاء ، وأبي بن كعب - فهذا الإجماع المتيقن أن تكون حرمت الخمر فيهرق الصحابة رضي الله عنهم كل شراب عندهم من تمر أو بسر . فصح أنه عند جميعهم خمر ولم يخصوا نيئا من مطبوخ بخلاف أقوال هؤلاء المحرومين من التوفيق ؛ ولو عندهم قليله لما أهرقوه ، لأنه قد صح النهي عن إضاعة المال . قال أبو محمد : وقال الطحطاوي ههنا قولا لا ندري كيف انطلق به لسانه ؟ وهو أنه قال : إنما أهرقوه خوف أن يزيدوا منه فيسكروا . قال علي : وهذا هو الكذب البحت عليهم كلهم ، وليت شعري من أخبره بهذا عنهم ؟ وهل يحل أن يخبر عن أحد بالظن ؟ وروينا عن شعبة بن الحجاج عن يحيى بن عبيد هو ابن أبي عمر البهراني قال : سمعت ابن عباس يقول : كان رسول الله ﷺ ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر ؛ فإن بقي شيء سقاه لخادم أو أمر به فصب . وهكذا رويناه من طريق ابن أبي شيبة ، وأبي كريب عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن يحيى بن عبيد البهراني ؛ فلو كان حلالا كما يدعي الطحاوي أو كان الطبخ يحله كما يزعم سائر أصحابه ما أهرقه رسول الله ﷺ وقد نهى عن إضاعة المال وأمره باعثه عز وجل أن يقول : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } . ومن طريق سعيد بن منصور نا نوح بن قيس نا محمد بن نافع أن أنس بن مالك قاله له في البسر : خلصه من الرطب ثم انبذه ثم اشربه قبل أن يتسفه . روينا قبل عن علي أنه تقيأ نبيذا شربه إذ علم أنه نبيذ جر . وقد روينا هذا نفسه عن طاوس - يعني تحريم كل قليل أو كثير من أي شيء أسكر . وعن عطاء ، ومجاهد ، قالوا كلهم : قليل ما أسكر كثيره حرام - . وهو قول أبي العلاء بن الشخير - وعبيدة السلماني ، ومحمد بن سيرين ، والقاسم بن محمد . وروى سليمان بن حرب عن جرير بن حازم سمعت ابن سيرين يقول لبعض من خالفه في النبيذ : أنا أدركت أصحاب ابن مسعود وأنت لم تدركهم كانوا لا يقولون في النبيذ كما تقولون . ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا جرير بن عبد الحميد عن ابن شبرمة قال : رحم الله إبراهيم شدد الناس في النبيذ ورخص هو فيه . ومن طريق أحمد بن شعيب نا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي - ثقة مأمون - عن أبي أسامة هو حماد بن أسامة - قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : ما وجدت الرخصة في المسكر صحيحا عن أحد إلا عن إبراهيم . روينا من طريق ابن أبي شيبة عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال : لا خير في النبيذ إذا كان حلوا . قال أبو محمد : وقد روينا عن إبراهيم خلاف هذا كما روينا من طريق سعيد بن منصور نا أبو عوانة . وخالد بن عبد الله هو الطحان - كلاهما عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي أنه كره المخمر من النبيذ . ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا المغيرة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون المعتق من نبيذ التمر والمعتق من نبيذ الزبيب . وروينا عنه إباحة ما طبخ حتى ذهب نصفه وبقي نصفه - فهذا إبراهيم قد خذلهم ، ولقد روى عمن بعده الترخيص فيه عن الأعمش ، وشريك ، ووكيع ، وبقي بن مخلد - وأما مثل قول أبي حنيفة وأصحابه فلا . قال أبو محمد : وقولنا هو قول مالك ؛ والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي سليمان ، وأصحابهم - واختلف فيه عن سفيان الثوري . قال أبو محمد : وقد رووا عن النبي ﷺ الكذب وما لا حجة لهم فيه ولا يوافق قولهم - وروينا عنه الصحيح المتواتر الذي هو نص قولنا ؛ . ورووا عن عمر ، وعلي ، وابن عمر ، وعائشة ، وابن مسعود ، وأنس : الكذب ، وما لا يوافق قولهم . وروينا عنهم الصحيح ، ونص قولنا - والحمد لله رب العالمين .