مجلة المقتبس/العدد 83/فجر العلم الجديد
مجلة المقتبس/العدد 83/فجر العلم الجديد
أفق إذ شارف الدجى أجله ... وودعته النجوم مرتحله
وفحمة الليل علقت سحراً ... شرارة النور فهي مشتعلة
ومقلة الفجر في انتباهتها ... ما برحت بالظلام متكحلة
لا سائر في السبيل منصرف ... في طاعة أو مباكر عمله
إلا خفير يمشي عَلَى مهل ... حمى عليه نعاسه العجله
يحيل في كفه هراوتهِ ... أو ينتفخ البوق طارداً ممله
والغيث غمر الحياء سادلة ... خيوطه من سحائب هطله
يغزل الأرض سندساً بهجاً ... فتكتسي في الربيع ما غزله
والريح رعناء تهجمها ... عَلَى زجاج الكوى ومقتتله
تشتد في عصفها لتسكله ... مقبلة تارة ومنفتله
ترومه عنوة فيعجزها ... والنور باللين نافذ خلله
ذكرت أيامنا التي سلفت ... فداخلتني صبابة ووله
كم غدوة نرشف الصبوح منها ... أطرافها بالظلام متصلة
يدير كأس الطلى مشعشعة ... فتصبح الشمس في الضحى خجله
فتحسيها من كف فاتنة ... عصيت فيها اللوام والعذله
وحتى نخال النجوم هاوية ... والأرض في مشيها بنا ثمله
ونحسب الدهر في كهولته ... والشيب غض الشباب مقتله
وأطيب العمر ما انطوى وطوى ... وقائع المرء ما عليه وله
وليس مستقبلاً نشك به ... أمانه قد تصيب أو وجله
كيف يهز الغد الفتى جذلاً ... وربما كان فجره أجله
لولا التمني لهاله غده ... وحقه أن يخاف ما جهله
أطل طفل الزمان فابتسمت ... له ثغور الخلائق الجذله
فهل يطيل ابتسامهن وهل ... يرعى الرجاء الذي لنا قبله
مروحاً حانياً عَلَى أمل ... غض أبوه الزمان قد نجله
وهل يؤاسي الجراح منعطفاً ... عَلَى أخي الوجد شافياً علله إذا جن الظلام أنسه ... بالبدر أو حمل الصبا قبله
وأن يخنه في نفسه عرضاً ... حقق فيمن يحبه أمله
وهل يفي أو نرى لياليه ... غاشية بالخطوب مشتمله
تمر بالناس غير مشفقة ... وبالأماني غير محتفله
سر عن العالمين محتجب ... عليه ستر للغيب قد سدله
دمشق // جرجي الحداد.