انتقل إلى المحتوى

مجلة المقتبس/العدد 34/الحسبة في الإسلام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 34/الحسبة في الإسلام

مجلة المقتبس - العدد 34
الحسبة في الإسلام
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 11 - 1908



وأربعة مخطوطات فيها

وصفنا في الجزء السالف المخطوط الأول الذي عثرنا عليه في فن الحسبة وما نحن أولاء نصف المخطوط الثاني. قال في مقدمته:

نحمد الله الحسيب الرقيب على نواله إيماناً واحتساباً والصلاة على رسوله محمد الحبيب النسيب وآله ما لا يحصى كتاباً ولا حساباً أما بعد فقد جمع عبده الغريق في بحر فضله الطامي عمر بن محمد بن عوض الشامي ألهمه الله تقواه فيما يكتسب ويجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب في تصنيف هذا الكتاب وهو نصاب الاحتساب مسائل اختصت بالنسبة إلى منصب الحسبة من كتب معتبرة بين الفقهاء معول عليها عند العلماء بعدما تحمل في جمعه نصباً وكمل في قيده نصباً وصرف إلى تنقيحه وتصحيحه مدة وتكلف في ترتيبه وتهذيبه شدة شديدة ليكون للمبتلى آية يعرف بها فيما يحتاج إليه غاية وهو مرتب على أبواب الأول في تفسير اللفظين المتداولين في هذا الكتاب أحدهما الاحتساب والثاني الحسبة فالاحتساب لغة يطلق على معنيين أحدهما من العد والحساب ذكر في المغرب احتسب بالشيء اعتد به وجعله في الحساب ومنه احتسب عند الله خيراً إذا قدمه ومعناه اعتده فيما يدخر عند الله وعليه حديث أبي بكر الصديق رضي اله تعالى عنه إني أحتسب خطاي هذه أي أعتدها في سبيل الله وقول النبي عليه السلام من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه أي صام وهو يؤمن بالله ورسوله ويعتقد صومه عند الله والثاني الإنكار على الشيء ذكر في الصحاح احتسبت عليه كذا إذا أنكرته عليه قاله ابن دريد والحسبة معنيين أيضاً أحدهما بمعنى الحساب مصدر كالعقدة والركعة والثاني التدبر يقال فلان حسن الحسبة في الأمر أي حسن التدبير له وفي الشرع هما الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله في كتاب أحكام السلطان ووجه الاستعارة أما الاحتساب فلأنه إن كان من الاحتساب بالمعنى الأول وهو يتعدى بالباء فهو يحتسب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الله أجراً فكان من قبيل تخصيص العام وإن كان من قبيل الإنكار فهو من قبيل تسمية المسبب بالسبب لأن الإنكار على الغير سبب للأمر بإزالته وهو الاحتساب لأن المعروف إذا ترك فالآمر بإزالة تركه آمر بالمعروف والمنكر إذا فعل فالأمر بإزالته هو النهي عن المنكر.

أما الحسبة فلأنه إن كان بمعنى الاحتساب فهو نظير الأول من الاحتساب وإن كان بالمعنى الثاني فهو كذلك وإن كان التدبير عاماً ولكنه أريد به تدبير خاص وهو تدبير إقامة الشرع فيما بين المسلمين وإنما سمي به لأنه أحسن وجوه التدبير فصار كتسمية القود به ثم الحسبة في الشريعة عام يتناول كل مشروع يفعل الله تعالى كالآذان والإقامة وأداء الشهادة إلى كثرة تعدادها ولهذا قيل القضاء باب من أبواب الحسبة وقيل القضاء جزء من أجزاء الاحتساب وفي العرف اختص بأمور أحدها إراقة الخمور كلها والثاني كسر المعازف والثالث إصلاح الشوارع وذلك باب كبير فيه مسائل إحداها أمر الميزاب والثانية أمر الأوحال والأرداغ والثالثة أمر الدكانجة على الباب والرابع منع جلوس الباعة عليها والخامسة منع سوق الحمير والبقر للخشابين والآجريين ونحوهم والسادسة منع ربط الناس دوابهم فيها والسابعة منع عمارة الحيطان في شيء من الشوارع والثامنة منع شغل هواء الشارع بالجناح ويسمى بون داشت والتاسعة منع المبرز في الجدار بحيث يكون إزالة النجاسة منه بالوقوف في الشارع والعاشرة منع الظلة والرابع في التقسيم الأول النظر بين الجيران في التصرفات المضرة كالنظر وسد الضوء إلا فيما يرجع إلى الملك كغصب قطعة من الأرض والخامس تقويم الموازين والسادس تفحص الصنجات والسابع تنقية دكان الطباخين والخبازين ونحوهم والثامن تفحص نظافة الفقاع ودكانه والتاسع منع إسبال الإزار ونحوه على الكعبين والعاشر زجر الناس عن الغناء والنوحة والحادي عشر منه الرجال من التشبه بالنساء ومنع النساء عن التشبه بالرجال والثاني عشر أمر التنبوليين بطهارة مائهم وثيابهم وتنقية نورتهم عن الحصاة والثالث عشر إحراق المعازف وكسرها يوم الأضحى في المصلى وغيرها والرابع عشر منه الناي عن تطيير الحمامات والخامس عشر منع البغايا وتعزيرهن ومنع أوليائهن ومواليهن وأزواجهن والسادس عشر أمر أهل الذمة بتطهير الأواني التي يبيعون فيها المائعات من الدهن واللبن والسابع عشر أمر الغسالين بإقامة السنة واجتناب البدعة في غسل الموتى وحفر القبور والحمل وزجرهم عن الغلاء في أخذ الأجرة ونصب الصلحاء وذوي الخبرة بهذه الأمور في هذه المصلحة والثامن عشر تفحص الجامع يوم الجمعة والمصلى يوم العيدين وإخلاؤهما عن البيع والشراء ومنع الفقراء عن التخطي ومنع القصص المفتراة ومنه النساء السائلات عن الدخول ومنع الصبيان والمجانين فيه والتاسع عشر دفع الحيوانات المؤذية عن العمرانات كالكلاب العقور والعشرون النهي عن النجس (والأمر بالتنظيف) والحادي والعشرون منع الناس عن الوقوف في مواضع التهم كتحدث الرجال مع النساء في الشوارع والثاني والعشرون منع النقاشين والصباغين والصواغين عن اتخاذ تماثيل ذات الروح وكبر الصور. والثالث والعشرون منع المسلمين عن الاكتسابات الفاجرة كاتخاذ الأصنام والمعازف والصنج وبيع النبيذ والبختج والرابع والعشرون منع الطباخين والخبازين في أول نهار رمضان عن بيع الطعام على مثال غير رمضان والخامس والعشرون منع الناس عن اتخاذ القبور الكاذبة وخروج الناس إلى زيارة بعض المتبركين أو بعض المساجد على مشابهة الخروج إلى الحج والسادس والعشرون منع النساء عن التبرج والتفرج بالخروج إلى النظارات وزيارة القبور والسابع والعشرون منع الناس عن التصرفات في المقابر بلا ملك والثامن والعشرون منع المطلسمة والسحار والكهان عن منكراتهم والتاسع والعشرون نهي أصحاب الحمام عن منكراتهم وأمرهم بتطهير المياه وإخلاء الحمام عن المرد ودخول العراة فيه ونهي الحجام عن حلق العانة واللحية وأمرهم باتخاذ الحجاب بين الرجال والنسار الثلاثون منع أهل الذمة عن الركوب بهيئة المسلمين ولباس الصالحين واتخاذهم معابدهم في بلاد المسلمين الحادي والثلاثون منع المسلمين عن الدخول في معابدهم للتبرك والتماس الحوائج من نساكهم والثاني والثلاثون منه الناس عن الترسم برسوم الكفار في ولادتهم ومرضهم وصحتهم وصحة صبيانهم وعماراتهم وزراعاتهم وركوبهم في البحر والثالث والثلاثون منه الناس عن تعلم علم النجوم مما لا يحتاج إليه في الدين وتصديق الناس للكهنة والمنجمين والرابع والثلاثون منع الناس عن بدعة ليلة البراءة. والخامس والثلاثون منع أهل الذمة عن إظهار شعائرهم في مواسمهم في بلاد المسلمين والسادس والثلاثون منه الناس اللعابين بالنرد والشطرنج وتفريق جمعهم وأخذ بساطهم وتماثيلهم السابع والثلاثون منع القوابل عن إسقاط جنين الحوامل والثامن والثلاثون منع الجراحين عن الجب والخصاء في الناس والتاسع والثلاثون منع الحجامين عن مس الأجنبيات إلا لضرورة لا بد منها وعن حجامة الحبالى في أوان مضرتها بالحجامة والأربعون منع الناس من الإقامة في المساجد ووضع الأمتعة فيها والحادي والأربعون منع الذي مسه الشيطان باللمم عن التكلم بالغيب واجتماع الناس عنده زاعمين أنه صادق في أخباره بالغيب وهو كفر واستحل له والمصدق به مرتد والثاني والأربعون منع الخطاط ومعلم القرآن ومعلم النحو بأجر عن الجلوس في المساجد الثالث والأربعون منع المعلم ونحوه عن أخذ شيء باسم النيروز والمهرجان والرابع والأربعون تعزير الآبق وإن كان من باب الاحتساب لإجماع الصحابة رضي الله عنهم.

هذه أبواب الكتاب الثاني وهي كما تراها مخالفة للأول من وجوه وموافقة له من أكثر الوجوه. أما الكتاب الثالث فهو: نهاية الرتبة في طلب الحسبة تأليف الشيخ عبد الرحمن ابن نصر بن عبد الله بن محمد الشيزري الشافعي قال في أوله بعد البسملة والحمد له والصلاة: وبعد فقد سألني من استند لمنصب الحسبة وقلد النظر في مصالح الرعية وكشف أحوال السوقة وأمور المتعيشين أن أجمع له مختصراً كافياً في سلوك نهج الحسبة على الوجه المشروع ليكون عماداً للسياسة وقواماً للرياسة فأجبته إلى ملتمسه ذاهباً إلى الوجازة لا إلى الإطالة وضمنته طرفاً من الأخبار وطرزته بحكايات وآثار راجياً بذلك ثواب المنعم يوم الحساب واقتصرت فيه على ذكر الحرف المشهورة دون غيرها لمسيس الحاجة إليها وجعلته أربعين باباً يجري المحتسب على مثالها وينسج على منوالها وهي نهاية الرتبة في طلب الحسبة.

وقد جعل في الأول الكلام فيما يجب على المحتسب من شروط الحسبة ولزوم مستحباتها والثاني النظر في الأسواق والطرقات والثالث معرفة القناطير والأرطال والمثاقيل والدراهم قال فيه: لما كانت هذه أصول المعاملات وبها اعتبار المبايعات لزم المحتسب معرفتها وتحقيق كميتها لنفع المعاملة بها من غير غبن على الوجه الشرعي وقد اصطلح أهل كل إقليم وبلد في المعاملة على أرطال تتفاضل في الزيادة والنقصان سيما أهل الشام خاصة وسأذكر من ذلك ما لا يسع المحتسب جهله ليعلم تفاوت الأسعار أما القناطير القنطار الذي ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم فقد قال معاذ بن جبل هو ألف ومائتا أوقية وقال أبو سعيد الخدري ذهباً وأما القنطار المتعارف عليه فهو مائة رطل والرطل ستمائة وأربعة وثلاثون درهماً وهو اثنا عشر أوقية والأوقية سبعة وخمسون درهماً هذا رطل شيراز (شيزر) الذي رسمه فيها بنو منقذ وأما رطل حلب فهو سبعمائة وأربعة وعشرون درهماً وأوقيتها ستون درهماً ورطل دمشق ستمائة درهم وأوقيتها خمسون درهماً ورطل حمص سبعمائة درهم وأربعة وتسعون درهماً وأوقيتها سبعة وستون درهماً وحبة وثلثا حبة ورطل حماه ستمائة وستون درهماً والرطل البغدادي نصف المن والله اعلم.

فصل وأما المثقال فهو درهم ودانقان ونصف وهو أربعة وعشرون قيراطاً وهو خمسة وثمانون حبة والدرهم الشامي ستون حبة وقد اختلف صنج الشام أيضاً فالمثقال بمحروسة شيزر يزيد على مثقال حلب نصف قيراط ومثقال حماه مثل الشيرزي ومثقال دمشق يزيد على الشيزري ومثقال المعرة مثقال الدمشقي.

فصل وقفران المكيلات ومكاكيكها مختلفة أيضاً فالقفيز بمحروسة شيزر ستة عشر كيلاً وهو مكيال متعارف فيها يسمع رطلاً ونصفاً بالشيزري والقفيز الحموي ينقص عن الشيزري شنبلان والقفيز الحمصي مثل الحموي والمكوك الحلبي يزيد عن القفيز الشيزري ثلاثة شنابل والمعري مثله وهو أربع مرازب من كل مرزبان أربعة أكيال بالحلبي والغرارة ثلاثة مكاكي بالحلبي وجميع ما ذكرته غير مستقر في جميع الأزمان وإنما اصطلح كل قوم على شيء في زمن كل سلطان ثم يغير ذلك بتغير السلطان.

وتكلم في الباب الرابع على معرفة الموازين والمكاييل وعيار الأرطال والمثاقيل وفي الخامس على الحسبة على الحتويين والدقاقين والسادس في الحسبة على الخبازين ثم الفرانين فصناع الزلابية فالجزارين والقصابين فالشوايين فالرواسين فقلايي السمك وفالطباخين فالهرايسيين وفالنقانقيين فالحلوانيين فالصيادلة فالعطارين فالشرابيين فالسمانين فالرزازين فالدلالين والمنادي فالحاكة فالخياطين فالقطانين فالكتانيين فالحريريين فالصباغين فالأساكفة فالصيارف فالصاغة فالحدادين فالبياطرة فنخاسي العبيد والدواب فالحسبة على الحمامات وقوامها وذكر منافعها ومضارها ثم الحسبة علا الفصادين والحجامين والأطباء والكحالين والمجبرين والجرايحيين ومؤدبي الأطفال والحسبة على أهل الذمة.

وفي الباب الأربعين جمل وتفاصيل من الحسبة ذكر فيها ميالزم المحتسب فعه من أمور الحسبة في مصالح الرعية غير ما ذكره فمن ذلك السوط والدرة والطرطور أما السوط فيتخذه سوطاً لا بالغليظ الشديد ولا بالرقيق اللين بل يكون سوطاً بين سوطين حتى لا يؤلم الجسم ولا يخشى منه غائلة وأما الدرة فتكون من جلد البقر والجمل محشوة بنوى التمر وأما الطرطور فيكون من اللبد منقوشاً بالخرق الملونة مكللاً بالخرز والودع والأجراس وأذناب الثعالب والسنانير وتكون هذه الآلة كلها معلقة على دلبة ليشاهدها الناس فترعد منها قلوب المفسدين وينزجر بها أهل التدليس.

وعدد أوراق هذا الكتاب 33 صفحة وهو بخط مقروء لم تكتب سنة كتابته ولا تاريخ تأليفه والصحة تغلب عليه بالجملة.

أما الكتاب الرابع فهو المعروف باسم نهاية الرتبة في طلب الحسبة أيضاً تأليف محمد بن أحمد بن بسام المحتسب قال في مقدمته بعد البسلمة والحمد له والصلاة: قال الله تعالى الذين أن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر ولله عاقبة الأمور فأمر بذلك مع القدرة عليه والتمكن منه ومن الأمر بالمعروف أيضاً نصفح أحوال السوقة في معاملاتهم واعتبار موازينهم وغشهم ومراعاة ما تجري عليه أمورهم وقال تبارك وتعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وقال عز من قائل حكاية عن بيه شعيب عليه السلام ويا قوم أوفوا المكيال والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين وقد رأيت المؤلفين من المتقدمين سبقوا إلى ذكر كثير مما يحتاج إليه وينتفع به ولم أجد أحداً منهم ذكر ما ينبغي ذكره من الغبن والفحش والخيانة بين الناس في المعاملات والمبايعات.

وقد قسم كتابه إلى مئة وأربعة عشر باباً: (1) فيما يجب على المحتسب من أمور الحسبة، (2) في النظر في الأسواق والطرقات (3) في الخبازين والخبز (4) في السقايين والماء (5) في الشسوقية وغشهم (6) في جزاري الضأن والمعز وغيرهم (7) في الشوائين وتدليسهم (8) في الهرايسيين وغشهم (9) في الزلبانيين وغشهم (10) الرواسين وغشهم (11) الطباخين وغشهم (12) الحلوانيين وغشهم (13) هرايسي التمر وغشهم (14) الباقلانيين وغشهم (15) السماكين وحماليه (16) الملح والصبر والبوري (17) قلائي السمك (18) الطيور وصياديها (19) الطحانين وغشهم (20) الفرانين (21) الحطابين (22) القصابين (23) الجبانين (24) الجبارين (25) الحمامات (26) الغزالين (27) الكتانيين (28) الحريريين (29) القطانين (30) القلانسيين (31) الخياطين (32) سماسرة البز (33) البزازين (34) الغسالين (35) القصارين (36) المرزين (37) الرفائين (38) الصيادلة والعقاقير (39) الأشربة والمعاجين (40) العطر والعطارين (41) الصيارف (42) الصباغ والصباغين (43) الأطباء والفصادين (44) الكحالين والكحل (45) المجبرين (46) الجرايحيين (47) البياطرة (48) صباغي الحرير والغزل (49) الخزازين وصناع الشراك (50) الأساكفة وصناع الخفاف (51) عمل الإسقاط وغيره (52) عمل البطط (53) الحناطين والعلافين (54) صنعة السرابات (55) الزتهار وغشه (56) الأبزار والإبزاريين (57) السماسم وبايعيه (58) الخشب وباعته (59) الزفاتين (60) الحدادين (61) السامريين وغيرهم (62) النحاسين وسباكي النحاس (63) النجارين والبنائين والفعلة والنشارين (64) نجاري الضبب (65) نجاري المراكب (66) النخاسة باعة العبيد (67) النخاسين باعة الدواب (68) الطوابين وغشهم (69) الدلالين ودلالي العقارات (70) تقديرات المراكب (71) باعة الفخار (72) سقائي البرام (73) الزجاجين وغشهم (74) معلمي الصبيان من الفقهاء ومعلمات البنات (75) الدهانين وغشهم (76) المكارية وغشهم (77) النحاتين والمصولين في التراب (78) كساحي السماد وحمالته (79) الغرابيل ومناخل الشعر (80) حافري القبور (81) الوراقين والمبهرجين (82) فيمن يكتب الرسائل على الطرق والرقاع والدروج (83) كتاب الشروط (84) الوكلاء بأبواب القضاة وتدليسهم (85) الميازين ومضرتها (86) إصلاح الجوامع والمساجد (87) قراءة القرآن قدام الموتى (88) غسالي الموتى (89) المراصد والمراقب (90) طباخي الولائم (91) معرفة الموازين (92) معرفة المكاييل (93) معرفة مثاقيل الذهب (94) معرفة الأرطال والقناطير (95) معرفة الأقساط (96) معاصر الزيت وغشها (97) التبن والتبانين (98) القرط والقراطين (99) الأنماط (100) صناع الأخمرة (101) الحصر العبداني (102) اللبود واللبادين (103) الأرجوان وصباغه (104) العصارة (105) الأبارين (106) الحلفاء (107) المحامل وصناعها (108) الروايا والقرب (109) الدباغين (110) في أهل الذمة (111) التعزير (112) مجالس الحكام (113 مجالس الولاة والأمر لهم بالمعروف والنهي عنالمنكر.

هذا فهرست كتاب الحسبة وأنت ترى فيه كما رأيت في الكتاب الأول بعض أسماء صناعات لا عهد لنا بها اليوم مثل عمل البطط ونجاري الضبب وغيرهما وهناك عشرات من الفصح والمفردات التي نكاد لا نجد له مرادفاً في العربية اليوم إذا عربنا أو كتبنا في مثل هذه الموضوعات كضروب الآنية والماعون.

قال في الفصل الرابع من السقايين وغشهم: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ويعرفه أنه لما كانت الأمواج تجيب الأوساخ والأقذار إلى الشطوط وجب أن تكون يدخل السقاؤن في الماء إلى أن يبعدوا عن الأوساخ وأن لا يستقوا من مكان يكون قريباً من سقاية ولا مستحم ولا مجراة حمام ومن اتخذ منهم راوية جديدة فلينقل بها الماء إلى الطين أياً فإن ماءها يكون متغير الطعم والرائحة من أثر الدباغ فإذا زال التغير أذن له المحتسب في بيع مائها وينبغي أن يكون في أوساطهم التبابين ليستروا عوراتهم وسقاة الماء بالكيزان أصحاب القرب يؤمرون بنظافة أزيارهم وصيانتها بالأغطية وتغطية قربهم التي يسقون منها في الأسواق بالميازر ويمنعهم أن يسقوا بكيزانهم المجذم والأبرص وأصحاب العاهات والأمراض الظاهرة وجلاء الكيزان النحاس كل ليلة وتطيب شبابيكها بشمع المسك واللادن الطيب العنبري وافتقاد الخوابي بالبخور والغسل كل ثلاثة أيام.

وقال في جزاري الضأن والمعز والإبل والقصابين وغشهم: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة من أهل معيشتهم ثم بعد ذلك يستحب أن يكون الجزار مسلماً بالغاً عاقلاً يذكر اسم الله على كل ذبيحة وأن يستقبل القبلة وأن ينحر الإبل معقوله من قيام والبقر والغنم مضجعة على الجانب الأيسر لأن ذلك وردت به السنة عن النبي ويأمرهم أيضاً أن لا يجر الشاة برجلها جراً عنيفاً وأن لا يذبحوا بسكين كالة فإن في ذلك تعذيباً للحيوان وقد نهى رسول الله عن تعذيب الحيوان ويلزمه في الذبح أن يقطع الودجين والمري والحلقوم ولا يشرع في السلخ بعد الذبح حتى تبرأ الشاة وتخرج منها الروح لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر منادياً ينادي في المدينة أن لا تسلخ شاة مذبوحة حتى تبرد وتجوز الزكاة بكل شيء إلا الألسن والظفر فإن رسول الله نهى عن الزكاة بهما ويمنعهم أيضاً أن لا يذبحوا جملاً يكون مقرح الجسم إلى أن يبرأ جميع ما فيه من القروح وقد كان أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله في سجل مجلد في ديوان الإنشاء بأن لا يذبح من البقر إلا المخلوع الورك والأعور والأعمى والمقلوع السن والمريش العين والمجفون والجرب وكل مشقوق الحافر والمقطوع والمكوي كل شيء كانت عيونه ظاهرة والصحيح الرقاد والمعلوفة إذا كان بها شيء من هذه العيوب المذكورة فينهاهم المحتسب عن ذلك جميعه وينهاهم أن لا ينفخوا شاة بعد السلخ فإن نكهة ابن آدم تغير اللحم وتزفره ومنهم من يشق اللحم من السفاقين وينفخ فيه الماء ولهم أماكن يعرفونها في اللحم ينفخون فيها الماء فيجب مراعاتهم في ذلك ومنهم من يشهر في الأسواق البقر السمان ثم يذبح غيرها وهذا تدليس وأما القصابون فيمنعهم من إخراج توالي اللحم على حد مصاطبه والركبتين فلا يلاصقوا ثياب الناس فيضرون بها ويأمرهم أن يفردوا لحوم المعز من لحوم الضأن وأن لا يخلطوا بعضها ببعض وينقطوا لحوم المعز بالزعفران ليتميز عن غيره وتكون أذناب المعز معلقة على لحومها إلى آخر البيع ولحم المعز يعرف برقة لحمه وعظمه وبياض شحمه ويأمرهم أن لا يلصقوا على شيء من سائر اللحوم شيئاً من القزدير فإن الحكماء قد ذكروا بأنه يسمه ولا يخلطوا اللحم السمين بالهزيل بل يباع كل واحد منهما على حدته ويمنعهم أيضاً أن لا يخلطوا شحم المعز بشحم الضأن وعلامة شحم المعز صفو لونه وبياضه وشحم الضأن تعلوه الصفرة وكذلك بطون المعز لا تختلط ببطون الضأن وكذلك الأليات تباع مفردة لا يخالطها جلد ولا لحم وإذا فرغ من البيع وأراد الانصراف أخذ ملحاً مسحوقاً ونثره على القرمة لئلا تلحسها الطلاب أو يدب عليها شيء من الهوام فإذا لم يجد ملحاً وإلا الأشنان والمصلحة أن لا يشارك بعضهم بعضاً لئلا يتفقوا على واحد ويمنعهم أيضاً من بيع اللحم بالحيوان وهو أن يشتري الشاة بأرطال لحم معلومة ويدفع إليه كل يوم ما يتفقان عليه من اللحم فإن النبي نهى عن ذلك.

وقال في عمل البطط: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً يمنعهم أن يعملوا من جلود الجمال الميتة ويحلفون بما لا كفارة لهم منه أنهم لا يعملونها من الميتة ويفتش دكاكينهم كل وقت وبيان ذلك عليهم أنهم إذا عملوها من الميتة كان لونها مائلاً إلى السواد ويعتبر عليهم بالرائحة وخشونة اللمس وأيضاً أنه لا بد أن يبقى عليه اليسير من الشعر لأن الصانع لا يقدر على إنقاء الشعر من الميتة وما عمل من جلود الميتة يمكن عند جفافه والصواب أن يمنعوا من عمل المصاصات لأن كل من يمص بها لا بد ينزل شيء من بصاقه في أطعمة الناس من الزيوت والعسل وغيرهما وذلك ضرر ووسخ ولاسيما إن كان الفاعل أبخر فالصواب أن يمنعوا من ذلك.

وقال في الزتهار وغشه: ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً عارفاً بغش صناعاتهم فقد يغش بالسبك بتربة تعرف بالشمعة تكون إلى الحمرة مائلة بدقيق الرمل حتى ينقل وقد يغش العصفر بالتراب الأحمر وهو يزيده المثل أو قريباً منه فينبغي أن يحلف من يبيعه بما لا لهم منه كفارة أنهم لا يخلطون فيه شيئاً مما ذكرنا ولا يخلطوا دقيق الفول وأيضاً قد ندق قشور الرمان ويغش به الكركم المطحون ويغش أيضاً بالتربة المصرية وقد يغش بالحناء وبالرمل.

وقال في نجاري الضبب ينبغي أن يعرف عليهم عريفاً ثقة عارفاً بمعيشتهم بصيراً بهذه الصناعة وينشر جواسيسها وهو باب جليل يحتاج إلى ضبطه لأن فيه حفظ أموال الناس وصيانة حريمهم فينبغي أن يراعي حفظ أموال الناس ويحلفوا بحضرة عريفهم بما لا كفارة لهم منه أن لا يعملوا لرجل ولا امرأة مفتاحاً إلا أن يكونا شريكين مشهورين ويؤمرون أن لا يثقبوا رأس الأبيات لطرح الأسنان التي فيها سريعة الرؤوس مدورة الأسافل مبرودة مجلسة وكذلك أسنان المفتاح مبرودة مجلسة حتى لا يخرب ذكر الغلق لا من فوقه ولا من تحته ويؤمروا أن يغمسوا الأغلاق بالجواسيس المختلفة حتى لا يعمل مفتاح على مفتاح ومن خالف ذلك أدب.

هذا ما ساعد عليه المقام من البحث في هذه المخطوطات النادرة وفيها فوائد كثيرة غير التي ذكرناها فعسى أن يتصدى بعض من يهمهم إحياء آثار السلف إلى تمثيلها كلها بالطبع لتستفيد بها اللغة والتاريخ والمدنية والاجتماع والغيض لا يغني عن الفيض والجملة لا تنفع مع التفصيل والله أعلم.