مجلة الرسالة/العدد 782/الكتب
مجلة الرسالة/العدد 782/الكتب
1 - أذان وعين
تأليف الأستاذ سلمان الصفواني
مجموعة من المقالات (الخفاف) القصار تقارب الخمسين كل منها في صفحتين وقلما تزيد أو تنقص عنهما بضعة سطور. بدأ الأديب العراقي الأستاذ سلمان الصفواني صاحب جريدة (اليقظة) العراقية بنشر مقالاته هذه متوالية في صحف العراق بعد خروجه من المعتقل في بغداد سنة 1944 وكانت الرقابة يومئذ تحد من الحريات بسبب الحرب العالمية الثانية، قال الأستاذ في مقدمته: (وكانت معالجة القضايا العامة بصورة جدية وصريحة من أصعب الأمور على كاتب مثلي في ذلك الحين، فالحرب ما زالت قائمة، والأفكار الحرة خاضعة للرقابة السياسية، وهذه الرقابة لا تتورع عن كيل التهم لمن لا يجارونها في اتجاهاتها من الوطنيين الأحرار، وكان مجال (التأويل) وسعا في هذا الشأن إلى حد صارت معه الكتابة بمنطق سليم ورأى سديد من الأمور العسيرة) فالمؤلف يكتب هذه المقالات بقلم) الصحافي) الذي عاقته الرقابة عن الصراحة والجرأة، ولا يكتب بقلم (الكاتب الأديب) الذي يحفل بموضوعه ويصوغه بكل قوته وبكل وسعه في التفكير والتعبير. وقد كتبت المقالات (عفو الساعة) لا لتنشر في كتاب بل لتنشر في (صحيفة) يقرؤها (جمهرة) قراء الصحف للمتعة والتسلية والفائدة، وربما كان ذلك بعض السر في (خفتها) ويسرها، وشفيع الأستاذ عند قرائه ما أوجزنا الإشارة لمقالاته حين نشرها عنوانها (أذن وعين) لأنه كما قال أراد أن يروى فيها ما تسمعه (الأذن) يوصف فيها ما تراه (العين) وبهذا العنوان نشر مجموعته هذه وهي (المجموعة الأولى) من تلك المقالات.
ولست هناك فكرة (جامعة مشتركة) بين مقالات هذه (المجموعة) وتكاد كل مقالة تستقل بموضوع، والمؤلف يعالج موضوعه في حيز ضيق علاجا هينا قلما ينفذ إلى الصميم، وقصاراه لمسة رفيقه هنا ووخزة سائرة هناك بال تأن ولا استقصاء في الدرس سواء في ذلك الموضوعات التي روى فيها ما سمعته أذنه والموضوعات التي رأتها (عينه) بل مثلها أيضا الموضوعات الفكرية التي لم يتقيد فيها المؤلف بعنوانه (أذن وعين)
وليس من همي هنا أن أعرض على القراء الموضوعات التي تناولها الأستاذ في مجموعته لا بالتفصيل ولا بالإجمال، وحسبي الإشارة إلى بعضها. فمنها اتحاد الأمة العربية، والتنظيم السياسي، وآثارة، وسياسة التوجيه في الأمة، ومعنى العروبة ومن تشملهم، والقومية العالمية وأسسها، والدعوة إلى معرفة حق الأديب، والقومية والمالية، وبعض نواحي المشكلة الفلسطينية، وتدوين الأدب الشعبي في العراق وحرية الأقلام. ونرجو أن تكون المجموعة الثانية) أنضج وأعمق لتكون جديرة بجمعها في كتاب.
2 - كأس ومصباح
تأليف الأستاذ محمد أديب نجوى
هذه مجموعة من عشر أقاصيص نشرت في صحف حلب، سماها كاتبها باسم الأقصوصة الأولى منها (كأس ومصباح كما جرت عادة القصصيين أخيراً اقتداء بقصصي فرنسا دون إضافة (وقصص أخرى) ويتراوح طول الأقصوصة منها بين اثنتي عشر صفحة وأربع صفحات؛ والمجموعة مصدرة بقصيدة جيدة للأستاذ عمر أبو قوس مدير مطبوعات حلب يقدم بها المجموعة إلى القراء، ويليها إهداء كتبه صاحب المجموعة على قبر أبيه يهدي إليه مجموعته لأنه هو الذي تقبل أولى قصصه بالرضا والإكبار ثم مات وتركه يناضل الأيام.
وربما كانت محنة النفس الغضة بهذه الفاجعة وما تلاها هي منشأ ما تنبض به أقاصيص المجموعة جميعا من قلق وكآبة وسخرية عابسة، وبنية الأقصوصة في هذه المجموعة سليمة يعززها الصدق في الإحسان، والاستقامة في التفكير، والقصد في الخيال، وأسلوب التعبير عربي صحيح تغلب عليه الأناقة مع إفراط في الاستعمارة لا يوهن من تماسكه ولا يحجب ما يريد صاحبه التعبير عنه من معان وصور، ومع ميل الغموض ناشئ عنالاكتفاء باللمسات السريعة الخاطفة المتفرقة عن الاسترسال لملء كل فراغ في الصورة، ومن شأن هذا الأسلوب أن يثير الشعر والخيال فينطلقان لملء هذه الفراغات على أي نحو يناسب ما حولها
محمد خليفة التونسي