مجلة الرسالة/العدد 73/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 73/البريد الأدبي
اليابان سنة 1934 تثير نهضة اليابان العسكرية والاقتصادية في الأمم الغربية أيما اهتمام وجزع، ذلك لأنها تسير بخطى الجبابرة، ولا تقف عند حد، وتحمل في طريقها كل شئ. كانت اليابان قبل خمسين عاماً فقط محصورة في جزائرها لا يزيد عدد سكانها على ثلاثين مليوناً؛ أما اليوم فهي إمبراطورية عظيمة، تسيطر على كوريا ومنشوريا وقسم من منغوليا، ويبلغ سكانها وسكان الأراضي التي تسيطر عليها نحو مائة وعشرين مليوناً.
وقد أصدر الكاتب الفرنسي موريس لاشان عن اليابان ونهضتها تحقيقاً جامعاً في كتاب عنوانه (اليابان سنة 1934) وفيه يلقي الضياء على بعض الحقائق المدهشة؛ فإن اليابان مثلاً ما زالت تجمع بين روحها وتقاليدها القديمة وبين روح الدولة الحديث؛ وما زالت صور الإقطاع والعبودية القديمة تثقل كاهل الشعب؛ والشعب ترغمه التقاليد والتراث الروحي القديم وحب الإمبراطور على الخضوع والطاعة، وهو يضطرم بنوع من الاشتراكية الوطنية. ويلاحظ الكاتب أيضاً أن قوى الشعب الياباني كلها، والإمبراطور، والجيش والبحرية، وأقطاب العهد القديم من جهة وقوى الرأسمالية، وكل الجموع البائسة التي يغص بها المعمل من جهة أخرى، كلها تعمل في نفس الاتجاه وبنفس الروح، ولنفس الغاية، وهي افتتاح أسواق الصين، والسيطرة على المحيط الهادئ، بل هي في الواقع غزو العالم كله؛ وقد غزت اليابان بالفعل جزائر الهند الشرقية، وأخذت تهدد قاعدة سنغافورة، وأستراليا، ووصلت تجارتها إلى شواطئ المحيط الهندي، ونفذت إلى بلاد الحبشة، وجازت مضيق عدن وقناة السويس، وانتشرت على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
ويتوقع المسيو لاشان أن النزاع قد يضطرم عما قريب بين اليابان وأمريكا؛ ولكن يجب لاضطرامه أن يقع حادث ما؛ ومثل هذا الحادث قد يكون أول انتصار اليابان على الصين، أو انتصارها على الروسيا، أو تنازعها مع الصين والروسيا على تحقيق الإمبراطورية الكبرى التي تسعى اليابان إلى تحقيقها باسم الشعوب الصفراء، ذلك أن شعوب الصين المختلفة قد ترغم غداً على أن ترى في اليابان ما رأته الأمم الجرمانية من قبل في بروسيا، أعني زعيماً ومعلماً وقائداً.
ذكرى العلامة الطبيعي بريم
تحتفل الهيئات العلمية الألمانية بالذكرى الخمسينية لوفاة العلامة الطبيعي الألماني الفرد أدموند بريم، وقد ولد بريم في تيرنجن في فبراير سنة 1829، وكان أبوه قساً يعنى بتربية الطيور ودرس خواصها، فنشأ ولده بريم شغوفاً بهذه الناحية من الدرس، وفي سن الثانية عشرة سافر إلى أفريقية مع البارون فون ميلر في رحلة علمية دراسية، ومر بالقاهرة يومئذ (سنة 1847) فصادف بها الزلزال الشهير الذي وقع فيها عندئذ وكاد يهلك؛ ثم سافرت البعثة إلى النوبة والسودان، واصطادت كثيراً من الحيوانات المختلفة؛ وعكف بريم على دراسة خواصها المادية والروحية، وفي أثناء عوده إلى القاهرة كانت بعثة (لبوبة) الشهيرة (بجيته) فكان يطوف بها الشوارع ذلولاً مطيعة، ثم عاد بريم من القاهرة بعد عامين إلى السفر مرة أخرى مع أخيه وزميل آخر، واعتزموا اختراق السودان حتى منابع النيل، ولكن البعثة كانت غير موفقة، إذ غرق أخوه في النيل، ونفدت موارد البعثة، وعندئذ أمده حاكم السودان لهتيل باشا بشيء من المال ليتابع رحلته على ضفاف النيل الأزرق، وهناك اصطاد كثيراً من الحيوانات وأنفق نحو خمسة أعوام في هذه الرحلة، واكتشف فيها كثيراً من الحقائق العلمية؛ ثم عاد إلى ألمانيا، وانكب على دراسة العلوم الطبيعية؛ ونال إجازة الدكتوراه من جامعة بينا في علم الحيوان سنة 1856 وانتخب عضواً في الأكاديمية البروسية الملكية، وأخذ منذ ذلك الحين يكتب عن حياة الحيوان؛ ثم قام برحلة في أسبانيا، وأخرى في لايلاند وجزائر لوفوثن؛ ثم قام برحلة أخرى في شمال الحبشة في سنة 1862، وكتب كتباً عن هذه الرحلات والمباحث كلها. ولما عاد إلى ألمانيا كتب مع زميلين له كتاباً مصوراً عن حياة الحيوان في ستة مجلدات اختص منها هو بأربعة؛ وعين مديراً لحديقة الحيوانات في برلين وهمبورج مدى حين. ولكن شغف البحث حمله مرة أخرى، فسافر إلى سيبيريا الشرقية، وكاد يهلك في هذه المرة، وسافر إلى أمريكا الشمالية سنة 1883، ولما عاد إلى ألمانيا لم يمكث طويلاً حتى توفي في 10 نوفمبر سنة 1884.
وكتاب بريم عن حياة الحيوان من أشهر الآثار وأقيمها في هذا الموضوع، وهو يعتبر أستاذ موضوعه في العلم الألماني؛ ولم يسبقه، بل ولم يأت من بعده أحد استطاع مثله أن ينفذ إلى روح الحيوان وإدراكه، وقد ترجم أثره إلى جميع اللغات.
عيد الأكاديمية الفرنسية
مضى اليوم على تأسيس الأكاديمية الفرنسية ثلاثمائة عام كاملة؛ ذلك لأنها أنشئت في عهد لويس الثالث عشر، في أوائل سنة 1635؛ أسسها جماعة من النبلاء الأدباء برعاية الكردينال ريشيليو الحبر السياسي وزير لويس الثالث عشر، فكانت من خالد آثاره، وسيجري الاحتفال بهذه الذكرى بمنتهى البساطة، ويقام لذلك معرض في المكتبة الوطنية في شهر يونيه القادمة؛ وستعرض فيه طائفة من الوثائق الخطية الشهيرة الخاصة بالأكاديمية، ومنها مسودة الخطبة الأولى التي أعدها السيد بول هاي صاحب الشاتليه لإلقائها في أول جلسة للجماعة العلمية في 5 فبراير سنة 1635.
وقد تساءلت إحدى الصحف الأدبية الكبرى بهذه المناسبة عما إذا كان المسيو رنيه دوميك سكرتير الأكاديمية يقبل أن يضم هذا المعرض التذكاري بعض الصور الرمزية المضحكة التي أوحى بها تقاعد الأكاديمية عند إصدار (قاموسها) الشهير، وما وقعت فيه من الأغلاط النحوية، ومنها اللوحة الشهيرة التي رسمها (فيرتبير) وعنوانها (دفن قاموس الأكاديمية)؟
البترول من ماء البحر
كتب المهندس الفرنسي مسيو ساهير إلى الحكومة الفرنسية ينبئها بأنه وصل إلى طريقة لاستخراج البترول من ماء البحر العادي، وأنه على استعداد لأن يبيعها سر هذه الطريقة نظير 25 مليوناً من الجنيهات.
وقد قالت جريدة (الماتان) في تعليقها على هذا النبأ إن المهندس ساهير واثق كل الثقة من طريقته، وأنه دعا إلى معمله بمدينة (روين) بعض الخبراء في وزارة الحربية والطيران ليشهدوا التجربة.
وقال مسيو ساهير في حديث له مع مندوب (الماتان) أنه لاحظ أن المناطق الغنية بالبترول توجد بها عدة كميات كبيرة من الماء الملح. وأن هذه الملاحظة هي أساس الفكرة التي أوصلته إلى استخراج البترول من ماء البحر، لأنها دلته على أن الماء الملح لا بد أن يكون من العناصر الأساسية.
الأدب وسيلة للتفاهم الدولي
أذاعت إحدى دور النشر الكبرى في برلين أنها تخصص جائزة قدرها عشرون ألف مارك (نحو 1500 جنيه) لمن يضع أحسن كتاب قصصي عن مسألة التفاهم بين فرنسا وألمانيا. والمفهوم أن إنشاء هذه الجائزة كان بإيعاز من وزارة الدعوة؛ وقد وافق وزير الدعوة الهير جيبلز على أن يكون الهر هانز بلونك رئيس الجمعية الاشتراكية الوطنية (الهتلرية) للكتاب الألمان هو الحكم الوحيد في فحص الكتب المقدمة وتخصيص الجائزة. وقد علقت الصحف الفرنسية على هذا النبأ بأنه من بعض أساليب الدعوة الهتلرية التي يراد بها إخفاء نياتها الحقيقية نحو الاستعداد للحرب.