انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 380/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 380/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 10 - 1940



أدهم قال لي

حضرة الأستاذ الجليل رئيس تحرير الرسالة

تضمنت كلمة الأستاذ عبد الغني حسن دعوة لأصدقاء المغفور له إسماعيل أدهم أن يكتبوا عن مقدار ما وصل إليهم من العلم عن عقيدته. ولقد منعني أن اكتب عنه أنني كنت أتوعده بأن أكتب عنه. فلما مات منتحراً تحرجت من إنفاذ الوعيد!

على أن الذي قدم الانتحار بكتاب إلى النيابة يطلب فيه تشريح جمجمته لم يفته أن يتحداني في يوم انتحاره بمطالبتي أن أكتب عنه بعد موته، ولم يفته أن يختار للتحدي أقوى وسيلة عرفتها من وسائل الإغراء، وهي أنه أهداني كتاب ميخائيل نعيمة عن جبران خليل جبران، وسألني عما إذا كنت أستطيع أن أكتب عن صديق لي مثل هذا الكتاب إن مات.

أما أني كنت قد توعدته بالكتابة عنه فلذلك قصة تدل على طريقة تفكيره وعلى مقدار ما عانى من المتاعب التي أفضت إلى الانتحار بسبب هذه الطريقة:

ذلك أنني دخلت منذ أقل من عام إلى مكان اجتماعنا المعتاد في نادي جماعة الفنون الجميلة ومعي كتاب (هتلر قال لي)، فدار الحديث بين المجتمعين، وما فيهم إلا مصور أو مثال أو شاعر أو أديب، عن شخصية هتلر. وانفرد أدهم بالثناء وذم الإنجليز والمصريين والمسلمين، وأسرف في كل ذلك أشد الإسراف، فتوعدته إن لم يكف أن أضع كتاباً أجعل عنوانه (أدهم قال لي) وأدون فيه آراء أدهم كما سمعتها منه.

سكت أدهم إلى اليوم الذي انتحر فيه. وفي هذا اليوم طلب إليَّ أن أكتب عنه كما قدمت. فهل اكتب؟

أرجو أن يجيبني مجيب فإني حائر أتلمس النصح.

عبد اللطيف النشار

اضطراب في مقال

حضرة الأستاذ الجليل صاحب الرسالة

بعد التحية، كتب الأستاذ الدكتور زكي مبارك في حديثه ذي الشجون بعنوان (إلى المنصورة وطن الشعر والخيال) في عدد الرسالة رقم 378 ما يلي:

(بعد ساعة واحدة من الشروع في كتابة هذه السطور آخذ طريقي إلى المنصورة وطن الشعر والخيال؛ فهل تلقاني المنصورة بالضم والعناق وهي كناس الحور العين؟)

واستطرد الدكتور فعرج على بعض ذكرياته إلى أن ذكر الجهود الشاقة التي بذلها أدباء الطليعة في مصر (الستة أو السبعة كما كتب الأستاذ الزيات منذ ثلاث سنين في عدد مضى بالرسالة) حتى وصلوا إلى السيطرة الأدبية، ثم قال:

(وقد رجعت من المنصورة بعافية لأني لم أبت فيها غير ليلة واحدة؛ فلم يتسع الوقت لعقابيل الوجد حتى تجرب حظها في القدرة على تجريح قلب تكسرت فيه النصال على النصال).

ثم استطرد الدكتور فذكر ما لقي بالمنصورة وما فعل. والذي يقرأ هذا الكلام يرى بعضه يناقض بعضاً إذ كيف يقول الدكتور في أول المقال إنه سيأخذ طريقه إلى المنصورة بعد ساعة واحدة من الشروع في كتابة تلك السطور ثم يعود بعد كتابة عمود واحد فيقول إنه رجع من المنصورة بعد أن أمضى بها ليلة واحدة. فالمعنى لا يمكن أن يستقيم إلا على فرض كون الدكتور قد كتب بعض مقاله قبل أن يأخذ طريقه إلى المنصورة ثم عاد فأتمه بعد رجوعه منها أي بعد يوم كامل على الأقل. وبفرض حدوث هذا فهلا كان واجباً أن يشير الدكتور إليه ليمنع اللبس وليستقيم المعنى.

لعل الإسراع في الكتابة إلى جانب احتمال أن يند بالقلم - كما يقول الدكتور تعليقاً على من أخذ عليه فتح كلمة (سجية) في بيت الشعر المشار إليه هناك - يمكن أن يشرد بالذهن مما نود دائما أن ننزه عنه قلم أديبنا الكبير الدكتور زكي مبارك.

وتفضلوا يا صاحب الرسالة بقبول إجلالي وإكباري.

(المحلة الكبرى)

محمود أحمد وصيف

القراءات السبع

حضرة الأستاذ الكبير صاحب الرسالة السلام عليكم ورحمة الله. وبعد فقد كتب الأستاذ الباحث علي الطنطاوي في العدد 379 من الرسالة الغراء (كلمة في القرآن) جاء فيها:

(واقتصر الناس على الحرف الواحد حتى نشأ النحاة وأهل اللغة والقراء؛ فوقع بينهم اختلاف كبير في حركة أو إمالة أو مد أو همز فكان من ذلك القراءات السبع).

وهي عبارة تفهم القارئ أن للنحو واللغة والقراء مدخلاً في اختلاف القراءة. وما أظن الأستاذ - وهو باحث فاضل - يعتقد ذلك أو يميل إليه؛ فإن الحق الذي لا شبهة فيه أن النبي أقرأ أمته على الأحرف السبعة تخفيفاً وتيسيراً؛ وأن هذه القراءات المشهورة الآن - وإن تكن على الحرف الذي اقتصر عليه عثمان رضي الله عنه حسماً لمادة الخلاف - مروية عنه بطريق التواتر، وإنما لم يكتب المصحف العثماني مشكولاً منقوطاً تيسيراً لقراءته على الأوجه التي صح سماعها عن صاحب الوحي قطعاً. ولا غرابة في أن يكون للحرف الواحد أوجه كثيرة؛ ومن ذلك - مثلا - اختلاف الكلمة بين الاسمية والحرفية في مثل قوله تعالى (فناداها من تحتها) قرئ بكسر (من) وفتحها. ومن ذلك اختلافها في حرف المضارعة في مثل قوله تعالى (وما ربك بغافل عما يعملون) قرئ بالتاء والياء ومن هذا أيضاً اختلاف حركة الإعراب في نحو قوله جل ثناؤه (واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام) بنصب كلمة (الأرحام) وجرها.

فلو كتب المصحف الإمام مشكولاً منقوطاً لثبتت به قراءة واحدة فقط، وفيه من الحرج ما فيه. لكن لما كثر الناس ونشأ اللحن خيف على القرآن الكريم أن يلحن فيه، وان يقرأ على غير وجهه، فطلب زياد بن أبيه - وكان أميراً على العراق - إلى أبي الأسود الدؤلي، وهو من كبار التابعين المتقنين للقراءة أن يضع للناس علامات تضبط قراءاتهم ففعل، وكان ذلك مبدأ للشكل ثم النقط.

هذا، وأكبر الظن أن الأستاذ اطلع على تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير، وعلى الشفا للقاضي عياض، فوجد فيهما بغيتيه أو ما يدنو منهما. ولعل علماءنا لا يزالون يرون أنه ما ترك الأول للآخر شيئاً، أو أنهم ينتظرون من الشباب الناهض همة وإقداماً على أني أؤيد الأستاذ في ما ذهب إليه، وأسأل الله للعاملين سداداً وتوفيقاً.

هذه عجالة نمد بها سن القلم، أو نرفع بها سهو الكاتب، ولعل صدر الرسالة الغراء - وهي رسالة العلم والدين والأدب - ينشرح إن شاء الله لتحقيق معنى الحديث الشريف (أنزل القرآن على سبعة أحرف).

طه محمد الساكت

مدرس التفسير والحديث بمعهد القاهرة

أخلاق القرآن

أورد الدكتور عبد الوهاب عزام الآية الكريمة التي ختم بها بحثه في أخلاق القرآن هكذا: (تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك نطبع على قلوب الكافرين) وقد نطق بها كذلك في حديثه في المذياع وصحتها: (. . . كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين) الأعراف (101) وأعتقد أنها اختلطت في ذهنه مع الآية الأخرى (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) يونس (74).

حسين محمد الأنصاري

سؤال

على قمة جبل قاسيون أثران قديمان على شكل قبتين يعتقد أنهما شيدتا للرصد، وقد اختلفت أقوال العلماء فيمن بناهما، فأرجو ممن عنده علم به أن يخبرني على صفحات هذه المجلة الغراء وله مني الشكر.

(سائل)

تعقيب

سيدي المحترم رئيس تحرير الرسالة

سأل الأستاذ محمود المرسي خميس في عدد الرسالة 376

الصادر بتاريخ 1691940 (لمن تعطى الأفضلية في الاهتداء إلى من اشتركوا في معنى واحد؟) ثم سأل: (أنقول إن المعاني

شائعة ولا تجوز الملكية والاختصاص؟) وأظن إن هذا السؤال

جدير بالبحث من الوجهة الأدبية.

فالذي يعرفه كل مطلع على الأدب العربي أن الشعراء يتفقون كثيراً في المعاني بل وفي بعض الألفاظ في البيت الواحد، وقد تعرض لذلك النقاد ووضعوا للأمر قانوناً عادلاً من قوانين النقد ساروا عليه في كل ما تعرضوا له في هذا الصدد.

ذلك القانون هو أن (من استرق شيئاً واسترقه، فقد استحقه) أي أن الشاعرين بصرف النظر عن أيهما أسبق للمعنى يَفْضُل أحدهما الآخر إذا اشتركا في معنى واحد بجودة الصياغة وحسن السبك واختيار الألفاظ إلى غير ذلك من أصول البلاغة. فقد كان الناس ينشدون بإعجاب بيت الأعشى

وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها

فلما جاء أبو نواس بعد هذه المرحلة الطويلة من الزمن بين الشاعرين، وأخذ هذا المعنى بعينه وحسن فيه على قدر ما وسعه تملكه من زمام البلاغة ثم قال:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء

لما قال أبو نواس هذا نسي الناس بيت شاعرهم الأول وحكموا لأبي نواس بفصل الخطاب، واصبح هو صاحب المعنى ومبتكره وعلى ذلك قس كل شاعرين أو أديبين اشتركا في معنى من المعاني.

(الخرطوم - سودان)

(ا. ب)

إلى علماء النحو في جميع الأقطار

1 - تقول كتب النحو من صغيرها إلى كبيرها: إن مميز العدد من ثلاثة إلى عشرة حقه أن يكون جمعاً، مثلاً سبع ليالٍ، وثمانية أيامٍ، وخمسة آلاف. . . فما بالنا نقول (وتسكتون على هذا القول): ثلاثمائة، وخمسمائة، وتسعمائة. . . بإفراد لفظ مائة الذي هو تمييز للعدد، ولم نقل ثلثمئات، وخمسمئات و. . . كنص القاعدة، وكما نقول في الألف، وما وجه العلة في جمع الألف دون المائة؟

2 - وتقولون: إن ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة تكون على عكس المعدود في التذكير والتأنيث، فما قولكم في قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)؟ حذف التاء من عشرة مع إضافتها إلى الأمثال وواحدها مذكر! وما تعليل ذلك؟

3 - وقلتم إن (لن) حرف وضع للنفي المؤبد (والعياذ بالله)! فإذا كان ما زعمتم صحيحاً، فمالي أقرأ في كتاب الله تعالى قوله (فلن أكلم اليوم إنسياً) فأرى كلمة اليوم في الآية جاءت بعد النفي بلن فأفسدت قاعدتكم، واقتلعتها من أساسها، ولو كانت (لن) لتأبيد النفي كما وهمتم لما كان هناك موجب لتقييد هذا النفي باليوم!. . .

وكذلك أقرأ قوله تعالى (ولن يتمنوْه أبداً) فأراني متحيراً في إيراد لفظ أبداً بعد لن، ولو صح ما قلتموه من تأييد النفي بلن لكان لفظ (أبداً) تكرار لا داعي له، والأصل عدمه.

وحاشا لكلام الله أن يخضع لأحكامكم!. . .

أفتونا فيما جئتم به من علم في كتبكم، وهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

مصطفى محمد إبراهيم

مدرس لغة عربية