انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 329/إليها يوم تنساني. . .!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 329/إليها يوم تنساني. . .!

ملاحظات: بتاريخ: 23 - 10 - 1939



للأديب محمود السيد شعبان

مِعْزَفٌ في يدِ السَّنا ... يَتَغنَّى عَلى الحِقَبْ!

ألهبَتْ شَدْوَهُ المنَى ... ما لهُ ضلَّ فانتحبْ؟!

أنتِ لقَّنْتِهِ الهوَى ... قُبْلةً كنتِ طُهْرَهَا

فاسْكُبي في فؤادِهِ ... من معانيكِ سحرَهَا

وَامْرحي فيهِ. . . طالما ... مَسَّهُ الحبُّ فَالتَهَبْ!

أنتِ دنيا خيالهِ ... ليتهُ كان سِرَّها

أنتِ في موكبِ الجما ... لِ نعيمٌ هو التَّرَف. . .

أبدعته يَدُ الجُنُو ... ن وزانتهُ بالسَّرَفْ!

أنتِ سِرُّ الحياةِ في ... باطن الكونِ قَدْ خَفَق!

أنتِ فجرُ الوجودِ من ... كل قلبٍ هوى اْنبَثق!

كذَبَ الشِّعرُ!. . . إنما ... أنتِ فوق الذي وَصَفْ!

فخذيني إليكِ. . . لمْ ... يَبْقَ مِني سوى رَمَق!

أنتِ معنىً منَ الخلو ... دِ وعى صفحةَ الأزَلْ!

وشعاعٌ من الحيا ... ةِ حوَى الحبَّ والأمل

يا ابنةَ النور!. . . بدِّدي ... ما بقلبي من الرِّيبْ!

واسكبي في فمي الضيا ... َء الذي ضلَّلَ الحِقَب!

واغمُري الروحَ باللهي ... ب لِتحيا على وَجَلْ!

قَلَقُ الحُبِّ. . . ما ألذَّ (م) ... وَأحلَى لمَنْ أحب. .!

إيه يا حُبَّها!. . . أفِقْ! ... قد عرفنا بكَ الخَبَل!

ورشفنا الجُنونَ لما (م) ... استبَدَّتْ بنا القُبَل!

همْ يُسمُّونكَ الهوى ... أنتَ يا حُبَّها القدَر!

فترفَّقْ بنا. . . فما ... نحن إلاّ من البَشَر!

إيه يا قَلبُ!. . . دعْ دَمِي ... فيكَ يَنسابُ بالأ واشرب الحُسنَ والسَّنا! ... هكذا حُبُّها أَمَر!

يا جُنونَ الهوى! عَشِقْ ... تُكَ جَهْدي. . فكن معي!

واطْوِ فيما طويْتَ قل ... بِي وعقلي ومسْمَعِي!

أنت في هيكل الخلو ... دِ صلاةٌ لمن عَبَدْ!

أَزَلُ الدَّهر يلتقي ... فيكَ يا حُبُّ بالأبَد!!

فاْمَلأ النفسَ بالرَّجا ... ءِ وعِشْ بين أضْلُعي

أنت روحي. . . وإنما ... أنا يا فِتْنَتِي جَسَد!

يا خيالي! ادَّخِر معي ... للمُنى كلَّ ما فَتن!

لا تسلْني: متى غدِي؟! ... كيف يحيا هُنا الزَّمن؟!

يا خيالي. . . أفِقْ وخُذْ ... من رُؤى الحبِّ ما سَحر!

لا تقل لي: صِف الهوى! ... هاهنا لا يرى البَصرْ!

إيهِ يا مُلْهِمَ النُّهى ... كلَّ ما يبعثُ الشَّجَن. . .

اكشفْ السِّتر عن غدي! ... إنه في دمي استتر!!

أيها الشِّعر!. . . أحيِني! ... أنتَ مِن وحيها مدَد!

شعَّ في الكونِ نورُها ... من قديمٍ وما نفد!

أيها الشِّعر!. . . غنِّني! ... واروِ رُوحي بسحرِها!

واسكُب الطُّهر في دَمي! ... إنه بعضُ سِرِّها!

هاتِها فتنةَ النُّهي! ... هاتِها نشوَةَ الأبد!

هي دنيا خواطري ... وتسابيحُ طُهرِها!

أيها الشِّعرُ. . . هجْتَ في ... باطِني كامِنَ الذِّكَر!

عادَني فيكَ حُبُّها ... فَالْتَقَيْنا عَلى قَدَر!

فكأني بها مَعِي ... تسمعُ الشِّعَر مِن فَمي!

وكأني بصوْتِها الطُّ (م) ... هْرِ يَنْسَابُ في دمِي!

لَيْتَ هذا حقيقةً ... يَجْتَلِيها هنا البصَر!

إنه الُحبُّ. . . بَيْنَ أحْ ... ضانِهِ الكوْنُ يَرتمي! أيها الشِّعْرُ:. . . هاتِها ... مُتْعةً تبعثُ الطَّرَب!

وادَّخِرْنِي إلى غَدٍ ... سوف آتيكَ بالعجَب!

أنتَ يا شِعر خالدٌ ... لستَ يا شعرُ للعَدَم

لا تَكِلْنِي إلى الأسى! ... نِلْتُ زادِي من الأَلمْ!

واسقِنِي النورَ جُرْعةً ... هيَ أَُنشودَةُ الحِقب!

وَقَّعَتها على القلُو ... بِ يَدُ الحُسن من قِدَم!

(القاهرة)

محمود السيد شعبان