انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 323/كلمة ولوع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 323/كلمة ولوع

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 09 - 1939



للأستاذ خليل شيبوب

غريبةٌ هذه الحياةُ ... وكل ما في الورى غريبُ

يا هند ما بال مقلتيك ... ملؤهما الدمع والصفاء

كأنما تحت حاجبيك ... من الدجى النجم والضياء

فكفكفي الدمع لا عليك ... تبتسم الأرض والسماء

هذا فؤادي يجثو لديك ... عبادة والهوى ضروب

غريبة هذه الحياة ... وكل ما في الورى غريب

لما سكرنا من التصابي ... صرنا بأمنٍ من الوجلْ

نحن حسبنا الهوى يحابي ... قلباً بقلبٍ قد اتَّصل

فضاع ما كان من حساب ... وخاب ما كان من أمل

الموت أشفى من بعض ما بي ... لو أنه حاضر قريب

غريبة هذه الحياة ... وكل ما في الورى غريب

نحن اجتمعنا ثم افترقنا ... وهكذا العمر ينقضي

الحب نار بها احترقنا ... والنار تفني وإن تُضي

بنا اشتفى من لو اتفقنا ... ما كان يرضى فلا رضي

يراقب السُّمّ قد شرقنا ... به ولا يشعر الرقيب

غريبة هذه الحياةُ ... وكل ما في الورى غريب

ما قيمة الكون والبرايا ... في عالم بارز الرؤى

لعلها هُيِّئَتْ ضحايا ... لعالَمٍ آخر نأى

وإنما هذه الرزايا ... أوجَعُها الحُب مخطئا

حسبت في نوره هدايا ... إذاً ضلالي فيه مريب

غريبة هذه الحياةُ ... وكل ما في الورى غريب

يا هند إني فقدت رشدي ... سامحك الله في رشادي

أضعته فيك وهو عندي ... أعز في العين من رقادي يا حبها ما نقضت عهدي ... لها ولا حُلْتُ عن ودادي

أدعوكِ هنداً وأي هند ... أدعو ولا سامع مجيب

غريبة هذه الحياةُ ... وكل ما في الورى غريب

نحن ضيوفٌ على الزمان ... منزلنا الليل والنهار

وما لنا فيه من أَمان ... ولا لنا فيهما قرار

من تحتنا لُجَّةُ المكان ... وفوقنا لُجَّةٌ تُدار

وعمرنا شرُّ ما نعاني ... فداؤنا ما له طبيب

غريبة هذه الحياة ... وكل ما في الورى غريب

(الإسكندرية)

خليل شيبوب