مجلة الرسالة/العدد 312/من برجنا العاجي
مجلة الرسالة/العدد 312/من برجنا العاجي
أبصرت اليوم من نافذة برجي (شهر يوليو) مقبلاً بخطى سريعة وهو متدثر برداء أحمر كأنه قطع اللهب، وقد تصبب من جبينه العرق، وهو يقرع باب برجي ويصيح:
- أيها الغافل عن جسمه، القابع بين جدران سجنه. انطلق قليلاً إلى نسيم البحار وهواء الجبال، وأرح نفسك واسترح من نفسك!
فسمع الجواب من أعماق نفسي:
- وكيف يستريح من هذه النفس وهي تمتطي وجوده امتطاءً؟
- أو نذعن لهذا الفارس القاسي حتى يسحق المطية سحقاً؟!
فقالت النفس (لشهر يوليو):
- أهي رحمة منك بالمطية أم أنك تريد أن تأخذها مني لنفسك أيها الشهر اللعين!
- إنها ستجد عندي الراحة والنعيم. وسأقدم لها (علفاً) من فاكهة الجبال الغضة وزهر الغابات الجميل ونسيم صيفي العليل. . . أما أنت فماذا تجد عندك؟ إنك لن تقدمي إلى هذه المطية النحيلة غير (علف) من الحبر والورق والسهاد المضني والعمل المرهق والتفكير الطويل!
- سأعطيها النور الذي يضيء لها السبيل!
- لا تخدعيها بهذه الكلمات. ومع ذلك فإن عينيها في حاجة كذلك إلى الراحة والبعد عن النور. أقصى عن وجهها شهراً واحداً ذلك المصباح الذي لزمها طول الشهور!
- إنها لا تستطيع السير خطوة بغير ذلك المصباح
- أقسم لك أن الزيت قد نفد من هذا المصباح. دعيني أذهب بها إلى حيث تملؤه من جديد زيتاً خالصاً نقياً، يرسل الضوء وهاجاً قوياً، لها وللآخرين من القراء والمريدين، طول عامها القادم. . . آمين!
توفيق الحك