انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 281/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 281/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 21 - 11 - 1938



عصمت ابنونو

انتخب المجلس الوطني في أنقرة القائد (عصمت إبنونو) رئيساً للجمهورية التركية، وهو من نوابغ الترك، وقد قالت الصحف الغربية والشرقية إنه أعظم رجل عند القوم اليوم. ومما يعرف عنه أنه ذو أخلاق عالية، منها التواضع والحياء، وهو من بيت تقوى ودين، وأبوه ورع صالح، وقد ورث عنه شيئاً كثيراً، وبينه وبين أسرة عربية في فلسطين قرابة. وأذنه عن لغو الناس صماء. . ومن قول الأمير شكيب أرسلان فيه - وقد لاقاه في لوزان حين ذهب إليها رئيساً للوفد التركي بعد الانتصار وذاك الصيت الحربي وكانت له في المؤتمر تلك الشهرة السياسية: (وجدت أعضاء الوفد التركي جميعهم يحملون حقداً على العرب حاشا عصمت باشا)

فهل تتلاقى في عهد هذا الرئيس قلوب ألف بينها الإسلام وكادت تفرقها حوادث الأيام؟

ماذا يرى ج. ب. بريستلي؟

لخصنا للقارئ في الأسبوع الماضي رأي برنرد شو في شباب هذا العصر ووسائل التعليم فيه. وكان أهم ما عرض له شو أنه لا يعترف لأحد من معلميه في شرخ شبابه بفضل عليه، وأنهم كانوا آلات شيطانية لكبت غرائز التلاميذ وكف أذاهم عن أمهاتهم لا غير، وأنه لا يذكر مدرسته الأولى بخير سواء أكانت مدرسة أو جامعة، وهو يفضل تعميم المدرسة الابتدائية كمرحلة أولى لتثقيف النشء ولا يرى مانعاً من تدريس المواد الجافة لأنها تنفع في المستقبل وضرب لذلك مثلاً بجدول الضرب وأوصى بضرورة لباقة المدرس في تدريس هذه المواد، ثم تكلم عن الجمع بين الجنسين في غرفة الدرس فلم ينكره بل حتمه، وذكر الكتب التي كان لها أكبر الأثر في توجيهه الأدبي فخصص ألف ليلة وليلة الكتاب العربي الخالد ورحلة الحاج لجون بنيان وروبنصون كروزوليفو وختم حديثه بضرورة تعليم الخلط على أن يكون مادة مستقلة

وقد اطلعنا بعد ذلك على رأي ج. ب. بريستلي فرأيناه يعتذر عن الإجابة عن هذه الأسئلة (بالقطاعي!) لأن الأسئلة (القطاعي) أو التي لا رابط بينها تربكه، ثم هو لا يستطيع أن يبدي رأيه بصراحة في مدرسي المدارس إطلاقاً لأن أباه الذي ما يزال حيَّاً يرزق ما يز مدرساً في مدرسة أولية كذلك. . . وفي قوله هذا جزء من رأيه. . . وقد ذكر أن أبناءه تلاميذ في مدرسة داخلية وقد أختارها لهم لا عن تفكر وتفضيل، بل مدفوعاً بتيار العصر والعرف! أما أحسن ما يجب أن يتحلى به المدرس فهو أن يكون ذا حماسة لفنه ومقدرة طبيعية على النقد بحيث يؤثر في تلاميذه وينمي فيهم غرائز النقد والذكاء والبصر بالأشياء. ثم نعى على المدرس أن يكون متحذلقاً موحشاً. . . ولا جرم فهذا المدرس يكون قليل الثقافة قليل الخبرة، وعلى ذلك يكون أخيب المدرسين!

وبريستلي يحبذ الجمع بين الجنسين في التعليم على شريطة أن يفصل بينهما بعد الرابعة عشرة. أما ما يؤخذ على شباب هذا الجيل من الكسل والفظاظة وانعدام روح المجازفة، فهو لا يرى ذلك ولا يوافق عليه ويعزو القليل منه الملاحظ فيهم، إلى روح العصر نفسه، لأن روح العصر حببت إلى الناس الترف والعيش على هامش الحياة دون التوغل في أعماقها، ولذا لا يلومهم على أنهم قُنَّع. . . لأنهم إذا عدوا طور الشباب إلى طور الرجولة أقبلوا على مصاعب الحياة وتمرسوا بها، فلو علمناهم قليلاً من النظام لظفروا بكل ما واجههم فيها

13 نوفمبر والأدب

مما يؤسف له أن تصدر مجلاتنا الأدبية وليس في واحدة منها إشارة إلى 13 نوفمبر. ولسنا نستثنى الرسالة من تلك الملاحظة بل نحن نكاد نحصها بها لأن 13 نوفمبر هو يوم فاصل بين حياتنا ومع ذاك فقد صدرت الرسالة مساء ذلك اليوم وليس فيها إشارة إليه. . . والمجلات الأدبية تعد ثبتا للحوادث وسجلاً لتوقيعات الأمة، ولم يكن أولى من الرسالة بأن تكون كذلك. ثم نحن نبحث عن صوت الأدباء في ذلك اليوم فلا نكاد نسمع لهم ركزاً، مع أن اليوم هو يومهم قبل أن يكون يوم الساسة الذين أقاموا السرادقات ليطعن بعضهم بعضاً وليوجه بعضهم إلى بعض أقذع ألوان السباب والتشهير والشتم، وهم في ذلك ينسون أنهم قادة أمة وزعماء شعب وكان أليق بهم ألا يظهروا بهذا المظهر الزري. ولكن المسئول عن هذا هم الأدباء لأنهم سمحوا للسياسة بأن تطغى على الأدب في هذا اليوم المقدس الرهيب الذي يحمل للأمة ذكرى جهادها. . وتلك ملاحظة عسى أن تنفع في السنة الآتية

د. خ دار العلوم وكلية اللغة العربية

الذي ينكر فضل دار العلوم في نهضة اللغة العربية في الشرق الحديث هو ضال جاحد قلبه، ولكن الذي ينكر أن كلية اللغة العربية هي شيء عظيم جداً في حياة الأزهر الحديث هو رجل لا يتصل بنهضة هذا البلد ولا يدري عن أطيب ثمارها شيئاً. . . فكلية اللغة العربية التي لا يدخلها إلا حامل ثانوية الأزهر والتي يدرس الطالب فيها لباب هذه اللغة وآدابها ثم يعود فيتخصص في التربية أو علم النفي أو أدب اللغة أو التاريخ على نخبة من جهابذة للعلماء المصريين من رجال الجامعتين ودار العلوم. . . هذه الكلية هي منشأة جديرة بالاحترام والفخر والعطف. . . ومصر مع ذاك في حاجة إلى المعهدين معاً، وكنا نطمع في أن تشتد أواصر المحبة والعلم بينهما بجامع الثقافة ووحدة الغرض، لا أن تدب عقارب الغيرة بينهما فينتقص أحدهما الآخر من أجل مناصب التدريس في معاهد الحكومة. . ونحن نرى أن تتدارك الحكومة هذه الحالة فتجعل مناصب التدريس الخالية في معاهدها قسمة عادلة بين المعهدين. . على أن لنا رأياً في ضم المعهدين سنبديه في حينه

عناية وزارة المعارف العراقية بحركة الترجمة والتأليف

قالت جريدة الأخبار البغدادية: -

وجهت مديرية التربية والتدريس العامة بوزارة المعارف في بغداد كتاباً إلى كل خريج مدرسة عليا من الشباب الدارس في خارج العراق يتضمن تنبيه معالي الأستاذ رضا الشبيبي وزير المعارف في تنشيط حركة الترجمة والتأليف، وقد رجت من هؤلاء الشبان المتعلمين أن يقوم كل منهم بتعريب الكتاب الذي يختاره في موضوع اختصاصه على أن يكون في نشره فائدة علمية في خدمة الثقافة في العراق والبلاد العربية عامة. على أن يقوم المترجم بأعلام مديرية التربية والتدريس بالكتاب الذي وقع عليه اختياره قبل الشروع في الترجمة.

وفيما يلي نص كتاب وزير المعارف في هذا الصدد:

لوحظ أن حركة الترجمة والتأليف العامة في البلاد ضئيلة الإنتاج، ولما كانت هذه الوزارة حريصة جداً على تشجيع الإنتاج العلمي وعضد حركة الترجمة والتأليف بجميع الوسائل المستطاعة نرى أن تذيعوا على كافة خريجي الجامعات والمعاهد العلمية العالية سواء كانوا موظفين في هذه الوزارة أو غيرها أن هذه الوزارة على استعداد أن تعاضدهم في نشر ما يقومون بترجمته من الكتب القيمة كل في موضوع اختصاصه إما بشراء حق الترجمة إن قبل تقرير الكتاب في المدارس أو بغير هذه الطريقة. هذا على شرط أن تقتنع هذه الوزارة بأن العمل يؤدي إلى خدمة نهضتنا العلمية أو الفنية في العراق.

أمة عربية تزول!

كان للكلمة الموجزة التي كتبناها عن مصير طرابلس الغرب تحت حكم الدوتشي (حامي الإسلام!) صدى قوي في البلاد العربية فثارت النفوس بالاستنكار، وتحركت الألسن بالاحتجاج، وتردد ذلك كله في الصحف الحرة اليقظى، وسنقتطف منها نبذاً تدل على قوة الوحدة الشعورية في الأقطار العربية:

قالت جريدة (الرأي العام) العراقية تحت عنوان (طرابلس - برقة ضحية الاستعمار الإيطالي) بعد أن نشرت قرار المجلس الفاشستي بضم طرابلس الغرب إلى إيطاليا:

(إننا نقف موقف المتفرج على ما يراد بقوم هم من العروبة في الصميم، وقد كتبوا صفحات نضالهم ضد القوة الاستعمارية الغاشمة بدمائهم الكريمة، فأية غضبة أعلناها في سبيل طرابلس الغرب العربية وهي تتمزق إرباً؟ وأية مظاهرة قمنا بها لنعلن سخطنا ولو بالمظاهرات على هذه الهمجية التي تفرضها دولة مستعمرة هي من ألد أعداء العرب على قطر عربي استنجد بنا ألف مرة ومرة وناشدنا النجدة والمعونة؟

لحد هذا اليوم نخلع على بعض رجالات العرب صفات البطولة لمواقف مجيدة كانت لهم ضد الاستعمار الإيطالي أيام الدولة العثمانية غير العربية، أفلا يكون شيء من ذلك أثناء وجود دول عربية ذات مركز قوي إن لم تتمكن من حشد الجيوش وجمع الجموع فهي غير عاجزة عن رفع صوتها وإعلان احتجاجها على الأقل؟ أو يعيش رجال من العرب على حساب البطولة (العربية) في أيام العهد (العثماني) غير العربي وهم أتباع، بينما لا تكون لهم تلك البطولة عينها أو بعضها وهم سادة وزعماء في بلدان عربية منبعثة من جديد؟ وما معنى هذا؟ وأية قومية عربية هذه؟

لا مفهوم للوحدة العربية التي نتغنى بها إذا كانت طرابلس الغرب أول ضحايا الاستعمار الوحشي من البلدان العربية لا مدلول لها في منطق (الوحدة) ولا يعنينا أمرها بشيء، ولا تهزنا مأساتها الدامية. لا مفهوم للوحدة العربية ما دمنا لا نهاجم المستعمرين والمفترسين البلدان العربية على حد سواء. إن هذا الأمر بعيد جداً عن الوحدة بل عن الوطنية (ما دمنا نقول بوطن واحد عربي) بل بعيد عن صفات العروبة ومزاياها.

وقالت في موضع آخر:

في جزء غال من أجزاء الوطن العربي المقدس يعيش شعب عربي أبي في بحران من الظلم الفادح والاستبداد العنيف.

شعب أعزل من كل شيء غير قوة الإيمان، شعب فقد كل شيء غير الشرف، لا يزال يقاوم الخطر الذي يكتسحه، ويرد عن العروبة الداهية التي تدهمها، شعب من هذا الطراز يعتقد أن على العرب واجباً نحوه يجب أن يؤدوه، وفرضاً له يجب أن يقضوه

إن تأييد الشعب العربي الطرابلسي البرقوي في نضاله ضد الاستعمار الإيطالي الفاشستي أمر محتم على كل عربي يتألم لألم إخوانه العرب ويخشى المصير الذي صاروا إليه، لأن عطف العالم العربي على المناضلين الطرابلسيين وتأييده لهم يزيدهم قوة فوق قوتهم وإيماناً على إيمانهم

ويفهم في الوقت نفسه المستعمرين أن قضية الطرابلسيين هي قضية العرب أجمعين، وأن على الذي يريد صداقة العرب أن يصادق إخوانهم الطرابلسيين لا أن يتزلف إليهم بيد ويبطش بالأخرى بإخوانهم. . .

حول مقال

سيدي الأستاذ الزيات

تحية وسلام وبعد فقد قرأت يا سيدي ضمن ما أقرأ لك ما كتبته تحت عنوان (شيطان) في عدد الرسالة الغراء رقم 279. والحقيقة أنك قد أتيت على وصف هذه المأساة أدق وصف وحللت شخصياتها أوضح تحليل. واغلب الظن بل ومما لا أشك فيه أن هذه الصورة ليست من نسج الخيال إنما هي بنت الحقيقة، وليس من الغريب أن تقع أمثال هذه المآسي في بلدنا هذا بل إنها واقعة فعلاً في معظم البيوتات المصرية سواء منها الكبيرة أو دونها كل على قدر ما نال. وقد اصبح هذا الداء هو (داء العصر) ولابد أنك يا سيدي الفاضل ترى معي أنه داء عضال لا يرجى برؤه إلا إذا لحظته العناية وقيض الله له نطاسياً بارعاً يستخرج المصل الكافي لقتله - وهذا حسبنا - أو على الأقل يكون واقياً لبقى المجتمع شره الوبيل

وإني لأضع هذه الرسالة في عنقك فأنت خير من يرسل لرفع لوائها وينفث في الأمة روح المعرفة والتوازن بين عادات الغرب الضارة وبين عاداتنا الشرقية الكريمة كي تصلح الشئون ويسعد القوم

والسلام عليم ورحمة الله

قارئ

توحيد برامج التعليم في الشرق الإسلامي

نشرت الصحف مقالاً للأستاذ الجليل محمد العشماوي بك عن توحيد برامج التعليم في الشرق العربي تناول فيه تاريخ الثقافة العربية بعد الإسلام مشيراً إلى الوحدة في الأصل والطريقة والتفكير والغاية التي كان يسير عليها التعليم في مدارس بغداد والبصرة ودمشق والقاهرة وتونس، ثم ذكر نهضة العلوم الحديثة وتبدل روح العصر وما ينبغي لمصر أن تقوم به لتضطلع بحق بالزعامة التعليمية في الشرق العربي فاقترح أن أن تعي المدارس المصرية بدراسة أحوال هذا الشرق وعاداته وتاريخه ودعوة بعض أفراده من شعوبه المختلفة للدراسة في مصر على نفقة المعاهد المصرية وغير ذلك من الوسائل التي تسهل توحيد البرامج في بلدان الشرق فيما بعد، والتي لا يمكن تنفيذ المشروع بدونها. والمشروع بعد هذا جميل وليس خالياً كما يظن دعاة استقلال القومية المصرية أو المعارضون لفكرة اتحاد الشرق العربي لأنه لا يضر وطنيتنا في شيء، بل هو يقويها ويزيد في مقوماتها ويفتح أمام شبابنا ميادين فسيحة لخدمة إخواننا وبني عمومتنا في الممالك الشرقية. ونحن لا نشك في نجاح هذا المشروع ما دام قد نال عناية الرجال المسؤولين