انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 271/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 271/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 09 - 1938



في الليل

يا ليلُ طُلْ يا لَيْلُ ... على أليف الوِسَادْ

الويل كلُّ الويلْ ... لمن دهاه السهادْ

دقيقةٌ ساعاتْ ... وساعةٌ أيامْ

شَطْرٌ من الليل فاتْ ... كأنه أعوامْ!

مُضْنيً طَوَاهْ المساءْ ... وَلَفَّهُ في الظُّلَمْ

فهاجت الأدواءْ ... في جسمه المنهدمْ

حيرانُ! ما يستريحْ ... كزورق في عُباَبْ

يشكو بقلب جريح ... ما ذاقه من عذابْ

ويرسل الأسماعْ ... تصغي إلى الأفواهْ

فما توَافِي الرِّباعْ ... بمثله أَوَّاهْ!

ويبصر الأشجارْ ... من حوله وَسْنَى

وفوقها الأطيار ... تقضي الدجى أَمْناَ

أَكلُّ ما في الوجودْ ... غفوانُ حتى الجمادْ

إلا المُعَنَّى الشريدْ ... فقد جفاه الرقادْ؟

الفجْرُ! أين سناه ... يشع في مُقْلَتَيْهْ

وأين طِيبُ نداه ... يَرِفُّ عطفاً عليه

يا ليلُ طلْ يا ليلْ ... على صريع الهوَى

سيلُ من السهد سَيْلْ ... طواه فيمن طوَى

نَزَا به العِرْبيدْ ... يستعجل الوعدا

والدهرُ جافٍ عنيدْ ... يزيده بُعْدا

كم عَاثَ بالعقربيْن ... في الساعة الدائرةْ

وما هما واقفَين ... بل عينُهُ القاصرةْ

وكم أَرَاهُ الخيالْ ... في الموعدِ الُمنْتَظَرْ دُنْيَا من الآمالْ ... تْسبِي النهَى والفِكَرْ

وَحان وَقتُ اللقاء ... ولم يُوَافِ الحبيبْ

فلم يَزَلْ بالرجاءِ ... يدعوه أّلا يخيبْ

وَبَثَّ منه العيونْ ... ترتادُ أقْصَى مَدَى

يا مُسْرِفاً في الظنون ... صَفِرْتَ منها يَدَا

وعاد يطوي حشاهْ ... على لظىً سَوَّارْ

يضجُّ! وا أسفاه ... نار ولا كالنار

والليلُ عوْن الهمومْ ... يهيجها السكونْ

ما الليل للمحروم ... إلا مَثار الجنون

نَمْ يا خَلِي الفؤاد ... وانعمْ بطيب المنامْ

خَلَّ الْجَوى والسُّهاَدْ ... لِذِي الهوى والسقام

(منوف)

فريد عين شوكة