انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 200/رسالة النقد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 200/رسالة النقد

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 05 - 1937



إسماعيل المفترى عليه

تأليف القاضي بيير كربتيس

وترجمة الأستاذ فؤاد صروف

للأستاذ الغنيمي

- 3 -

ذكرنا في العدد الماضي طائفة من أغلاط الفصل الأول من الترجمة العربية لكتاب إسماعيل، والآن نذكر طائفة أخرى من أغلاط الفصول التالية. ويظهر أننا سنضطر إلى الاكتفاء بذكر أمثلة قليلة من هذه الأغلاط في كل فصل حتى لا نستأثر وحدنا بباب النقد في الرسالة

(1) اقتضب الأستاذ صروف الفقرة الأولى من هذا الفصل اقتضاباً أفقدها نصف معانيها. أنظر إلى قول المؤلف:

ثم انظر إلى الترجمة العربية: (إلا أن روح التفاؤل التي كانت تملأ صدره ما كانت لتمكنه من التغلب على تلك الصعاب لو أن الوزارة الإنجليزية التي كانت يومئذ في الحكم أفهمت الرأي العام البريطاني أن دلسبس ينوي. . .

(2). .

كل ما ترجم به الأستاذ هذه العبارة هو قوله: (ومهما يكن من أمر الامتياز)

(3)

هل معنى هذه العبارة هو: (كان اسم دلسبس على فم كل إنسان في مصر) كما قال المترجم أو أن معناها: (إن شهرة دلسبس جعلت الناس يذكرون اسم مصر)

(4) (ترجم الأستاذ عبارة (بالدين العائم وهو اصطلاح لم نره قبل الآن. والذي نعرفه أن معنى هذه العبارة الإنجليزية (الدين السائر) (5) ,

اكتفى الأستاذ في ترجمة هذه العبارة بقوله: (وأخشى أنه يمهد لكارثة) وترك قول المؤلف إنه يفسد كل شيء ولا يكاد يفعل شيئاً

(6)

قال الأستاذ في ترجمة هذه العبارة (وقد أورد أرقاما تختلف قليلاً عن الأرقام التي أوردها لورد كرومر) وقد جاء الأستاذ باسم لورد كرومر من عنده فغير بذلك المعنى، لأن المؤلف يشير إلى السير أوكلند كلفن لا إلى اللورد كرومر

(7) في ص 24 من الأصل الإنجليزي يذكر المؤلف اختلاف المؤرخين في مقدار ديون سعيد باشا ثم يرجع هذا الاختلاف إلى شيئين: الديون السائرة، وديون سعيد الشخصية فيقول:

'. .

اقتضب الأستاذ هذه العبارة اقتضاباً قطع الصلة بينها وبين ما قبلها فقال (وقد بحث الأستاذ. . . وهو من كبار علماء الاقتصاد الألمان في هذا الدين في كتاب له)

(8)

ترجم الأستاذ صروف هذه العبارة بقوله إنه (كان في الجيش المصري في أيام سعيد باشا) ومع إن الأستاذ يعرف إن إسماعيل باشا هو الذي استخدم الضباط الأمريكيين في جيشه وإن الجنرال لورانج لم يكن في جيش مصر أيام سعيد. وعبارة المؤلف صريحة في هذا لأن معناها إنه خدم في الجيش المصري وقت إن كانت ذكرى سعيد لا تزال ماثلة في الأذهان

(9)

ليس معنى هذه العبارة إنه (لم يكن قوي الجسم) كما قال الأستاذ صروف بل معناها إنه لم يكن حسن الهيئة منظرياً

(10)

اكتفى الأستاذ بترجمة جزئه الأخير فقال (وكان يخيل إلى الناظر إن عينيه نصف مغمضتين) فغير بذلك معناه (11)

قال الأستاذ في ترجمتها (وكان خلفه مهملاً مغضى عنه) وما أبعد هذا القول عن المعنى الذي يقصده المؤلف وهو إن خلفه رأي من الحكمة أن لا يرى الناس كثيراً

(12)

لم يزد الأستاذ صروف في ترجمة هذه العبارة التي يصف فيها المؤلف أدون دليون وإكرام محمد سعيد لدلسبس على قوله (وذكر هذا الكاتب أيضاً) وأين هذه الألفاظ الأربعة من قول المؤلف (وقد قال هذا الكاتب نفسه الذي كان يرقب الأمور من وراء الستار، والذي كانت مهمته أن يلم بتصاريفها، قال إنه في الوقت الذي كان فيه محمد سعيد يكرم دلسبس أكثر من إكرام عيسو ليعقوب) وإن شاء الأستاذ أن يعرف قصة عيسو ويعقوب فليرجع إلى سفر التكوين من الكتاب المقدس. وإذا جاز للأستاذ أن يترك ما أشر به المؤلف إلى قصة عيسو ويعقوب فهل يجوز له أن يترك ما وصف به أدون ده ليون قنصل أمريكا العام في الإسكندرية والتي أوردها ليدل على سعة إطلاع هذا القنصل وصدق أخباره؟

وهنا نحب أن نرجو الأستاذ المترجم ألا يضيف شروحاً من عنده إلى ألفاظ لا تحتاج إلى شرح، وبخاصة إذا وضع هذا الشرح في صلب الكتاب وكتب إلى جواره لفظ المعرب كوضع كلمة كوبري بعد كلمة جسر؛ واعتقادنا أن ليس في قراء ترجمة الأستاذ صروف كلهم من لا يعرف كلمة جسر

وسنكتفي بذكر هذا العدد من أغلاط الفصل الثاني لننتقل بعد ذلك إلى ذكر بعض أغلاط الفصل الثالث.

(1) 16 , 000 , 000 ,. .

ترجم الأستاذ صروف هذه بقوله: (انفق منه (من 91 , 000 , 000 جنيه) 16 مليون جنيه على قناة السويس وانفق الباقي توديراً وتبذيراً

فهل هذه هي ترجمة العبارة الإنجليزية؟ وماذا أعجب الأستاذ في لفظ تودير الذي كرره في كتابه أكثر من مرة. نعم إنه لفظ عربي في معاجم اللغة ولكن الأذن لا تستسيغه ولدينا بدلاً منه التبذير والإسراف وبسط اليد والإتلاف الخ

(2) انظر إلى ترجمة الأستاذ لهذه العبارة المقتطفة من كتاب لورد ملنر فقد قال:

(إن إسماعيل خير مثال للرجل المبذر عرفه التاريخ أو تصوره مؤلفو الروايات. وما من مبذر طائش كان له سلطان غير محدود على موارد غير محدودة. فقد ارتقى العرش)

ما هي العلاقة التي يستطيع القارئ أن يفهمها بين الجملة الثانية وما قبلها أو بعدها؟ إن لورد ملنر يريد أن يقول: (إن إسماعيل باشا خير مثال للرجل المبذر عرفه التاريخ أو القصص، ولم يؤت أحد مثل ما أؤتي إسماعيل من الطيش والتصرف المطلق من كل قيد في موارد لا حد لها وقد اعتلى عرش مصر الخ.

(3) قال المؤلف يشرح سبب بقاء أدون ده ليون في مصر بعد أن أعتزل منصبه:

, , ,

كلما عنى الأستاذ بترجمته من هذه العبارة هو إنه (أقام عدة سنوات بالقاهرة بعد اعتزاله منصبه) أما سبب مقامه فيها وما كان لوجوده من الأهمية فلم يذكر الأستاذ صروف منه شيئاً.

(4)

قال الأستاذ في ترجمة هذه الجملة: (فالأعمال التي كان يقوم بها على سبيل التسلية قد أصبحت ضربة لازب عليه) فهل كان الخديوي يقوم بأعمال الدولة كلها التي ذكرها المؤلف قبل هذه العبارة على سبيل التسلية أو إنها كانت واجبات يراها فرضاً عليه ولكنها في نفس الوقت كانت (مصدر سروره وغبطته)

(5) ثم أنظر إلى الفقرة الآتية من قول الأستاذ صروف: (والكاتب لا يقتصر على القول بأن قصر عابدين بناء وضيع الشكل من الوجه الهندسي بل يضيف إليه قوله إنه بهو المآدب والحفلات لا يشف مرآه أو أثاثه أو زخرفه عن شيء من العظمة) (واقرأ بعد ذلك معناه الحقيقي الذي يريده المؤلف (لكنه في كتابته يبدي آراء من عنده إلى حد ما ولا يقتصر على ذكر الحقائق المجردة حين يصف قصر عابدين (بأنه متواضع البناء) وحين يقول: (إن حجرة الاستقبال غير فاخرة الأثاث أو بديعة النقش) ولا داعي إلى ذكر النص الإنجليزي بأن ما أوردناه هنا هو ترجمته الحرفية ونحب أن نقول هنا إن ترجمة بوضيع كما فعل الأستاذ أكثر من مرة ليست ترجمة دقيقة.

(6)

هذه معان لم يترجم منها الأستاذ صروف شيئاً

(7) ,

وهذه العبارة كلها أيضاً لم يترجمها الأستاذ بأكثر من قوله (وعلى كل يجدر بنا أن نقتبس العبارات التالية توفية للكلام حقه)

(8)

قال الأستاذ صروف في ترجمة هذه العبارة (أما البيان الذي قدمه القنصل فلم يكن يراد نشره ولذلك أطلق لنفسه العنان ليقول كل ما يخطر بباله. ونحن نجل هذا القنصل عن أن يطلق لنفسه العنان ليقول كل ما يخطر بباله ونعتقد إنه (في هذا التقرير السري الذي كتبه إلى رئيسه والذي لم يكن يراد نشره كان صريحاً كل الصراحة لا يخفي من الحق شيئاً)

(9) لينظر القارئ معنا إلى هذه الفقرة الطويلة من قول الأستاذ صروف (على إن إسماعيل لم يكتف بأن صرح بعزمه على إلغاء السخرة، وفي الحقيقة إن كلمة السخرة كانت على كل شفة حتى إن القنصل الفرنسي العام كتب يومئذ إلى وزارة الخارجية الفرنسية يقول (إن هذه اللفظة تفرق بين الأعمال الحكومية والمصالح العامة وهي تنطوي دائماً على إشارة إلى الأعمال الجارية في ترعة السويس بحيث إن جميع العيون تشخص إلى) وليقل لنا هل يفهم لها معنى؟

(10) ولينظر إلى هذه العبارة الأخرى من ترجمة الأستاذ صروف (وليس ثمة سبب يحملنا على القول بأن الخديو كان مستعداً أن يسلك تلك الخطة لو لم يكن مقتنعاً بصوابها. وعلى كل فقد أظهر بمعاداة فرنسا جرأة عظيمة

ألم يكن أسلس من ذلك أن يقول مثلاً (وليس ثمة ما يحملنا على الاعتقاد بأن الوالي قد فعل ما فعل وهو غير مقتنع بأنه إنما يؤدي الواجب المفروض عليه. وسواء أكان ذلك أو لم يكن فقد كان وقوفه في وجه فرنسا عملاً جريئاً. أما عبارة المؤلف فهي: -

(11) '

إلى القارئ كيف ترجم الأستاذ صروف هذه العبارة: (وعليه فإن الصدمة التي صدم بها إسماعيل قنصل فرنسا في مصر تدحض التهمة التي وجهها ملنر إلى إسماعيل). فهل هناك ترجمة أبعد عن الحقيقة من هذه الترجمة؟

تلك أمثلة من أغلاط الفصلين الثاني والثالث ذكرناها موجزة لكي يتسع لها باب النقد في الرسالة ولكي يسمح لنا الأستاذ الأديب صاحبها أن نواصل نقدنا حتى نتمه، وسنسير على هذا الإيجاز في الفصول المقبلة إن شاء الله.

الغنيمي