مجلة الرسالة/العدد 190/حديث الأزهار
مجلة الرسالة/العدد 190/حديث الأزهار
للكاتب الفرنسي الفونس كار
ترجمة الأستاذ فليكس فارس
(2)
زهرة السلوان
حذار من زهرة السلوان! إنها زهرة يصيبك بهاؤها ويقتلك عبيرها. إنها لزهرة تتشح الجمال وتتكلف الابتسام، تحدجك بلفتات ساحرة وتستهويك وتقول لك: - تعال إلي، ففيَّ الإخلاص وفيَّ العزاء.
رأيت رجلاً اقتطف زهرة السلوان من حقول الحياة بعد أن عرفته هائماً تتقد في قلبه النار التي لا تنير دون أن تحرق، فأصبح خليًّ البال يحدق فيمن كان يهواها فلا يفرح ولا يحزن، لا يلذه شيء ولا يتألم لشيء
ولكن السلوان لا يدخل وحده إلى القلب، بل يجر معه رفيقه الملازم له: يجر معه الضجر والملال. ومن اقتطف زهرة السلوان يسير حزيناً مطرقاً بالأرض لأنه لن يحب بعد. . .
من سطا السلوان عليه فهو طريد لا قرار له
من ينس مرة فلن يحب أبداً
أرى الخليَّ يقطع السهول ويتسلق الروابي فيقف متضجراً ينصت إلى تغريد الأطيار ويسرح الطرف في أزهار الخمائل وجداول المروج متسائلاً أمام الطبيعة العاشقة عما أفقده عشقه، فتجيبه الطبيعة: لأنك قطفت زهرة السلوان
ويبكي هذا الطريد زماناً كان يبكي فيه إذ كان شقياً، ولكن قلبه لم يكن ساكناً لا حرارة فيه ولا خفوق
إن من الأمراض ما يفوق ألم شفاؤها آلام استفحالها
دلني على منابت زهرة السلوان لأجتنبها، قل لي أين تنور لأحول طريقي عنها
هي زهرة صفتها أسم لها؛ تنبت في الأماكن الموحشة المقفرة وقد تنمو في المدن بين الحركة والضجيج، غير أن جرثومتها عالقة في عالم الخيال في أسرار حياة الموت وموت الحياة
هي زهرة الضجر والملال والعذاب، زهرة السلوان