انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 1001/العائدون من الحرب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 1001/العائدون من الحرب

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 09 - 1952



للشاعر الشاب محمد مفتاح الفيتوري

(مهداه إلى القائد الأعظم اللواء محمد نجيب)

لقد عدنا. . أجل عدنا من الحرب ميامينا

على أعناقنا قد عبئوا النصر رياحينا

ومن أفواهنا قد جسموا المجد أرانينا

ألا يا ليتنا متنا بعيداً عن أراضينا.!

لقد عدنا من الحرب. . إلى الحقل إلى المصنع

لكي نحرث. . أو نبذر. . أو نحصد. . أو نجمع

لكي نبني للغير. . لكي نطهو ولا نشبع

لكي نحلم بالفجر الذي من يدنا يسطع!

لكي نصنع جربا ضخمة أخرى. . لكي نصنع

لقد عدنا إلى الأكواخ. . أكواخ أهالينا

وكنا قد كسوناها أسمال أمانينا

فماذا أبصرت أعيننا غير مآسينا

وغير الطلل الموجع نكبه ويبكينا

وإن لج بنا الشوق لمسناه بأيدينا

لقد عدنا. . ألا تبصرنا. . تبصر بلوانا

بقايا آدميين مساكين. . بقايانا

نجرجر خلفنا التاريخ أشلاء وأكفانا

ألا ليت الذي رقعنا بالموت أبلانا

ولم يبق لنا كالناس أشواقا ووجدانا

لقد عدنا. . أجل عدنا ولكن عودة المقهور

شربنا عرق الحرب. . أكلنا صدأ التنور

لبسنا كفن الثلج. . سكنا جدت الديج وها عدنا إلى القيد. . إلى قيد الأسى المضفور

فيا ضيعة هذا العمر. . هذا الصدف المكسور

وقالوا. . قال رب السوط والقانون والقوة

سأمضي قبلكم. . إني لكم. . لقطيعكم قدوه

وظل السيد المعبود في رقدته الحلوة!

وكانت كأسنا الموت. . . وكانت كأسه الشهوة

فماذا يبتغي الجلاد. . ماذا يبتغي منا!

لقد سرنا كما شاء. . وعدنا لا كما شئنا

هدمنا وتهدمنا. . وعذبنا وعذبنا

وكم حلم سحقناه. . وكم مقبرة شدنا

وكم من مرة متنا. . وكم من مرة عشنا

فلا بارك هذى اليد. . لا باركها الرحمن

إذا لم تسق بالحب صدى الحيران

إذا لم تك فأسا في جدار البؤس والطغيان

إذا لم تك ميزانا لوحانية الإنسان

إذا عاشت لغير النور والرحمة والإيمان

محمد مفتاح الفيتوري