مجلة البيان للبرقوقي/العدد 58/وطنية الشعراء
مجلة البيان للبرقوقي/العدد 58/وطنية الشعراء
على ذكر
وطنية الشاعر الألماني هايتي
إذا صح أن الشعراء هم أحر خلق الله احساساً وأرق بني الدنيا وجدانا وأكبرهم قلوباً وأعذبهم نفوساً، وصح أن الوطنية هي أحر مشاعر الإنسان وأكبر منازع الفؤاد وأعظم عاطفة في الدنيا، ورأس كل المشاعر الاجتماعية في العالم. فقد صح على هذا القياس أن الشعراء هم أنبياء الوطنية ورسلها، وقادتها وزعماؤها. ولعل هذا ما وقع بعينه في تاريخ الشعر الإنساني من يوم مشى جدهم الأكبر. ذلك الحسير المكفوف متأبطا قيثارته، يغني الياذته في طرق أثينا، مسترزقاً طالب القوت من شعره، وعجيب إن كان الشعر في فم ذلك الزعيم الأول مادة للشحاذة، وبضاعة للتسول، ثم يكون بعده والعالم عالم ثلاث عروش وبناء أمم ومسقط ممالك ومكسب انتصارات، ومفقر أجواد وسروات.
الوطنية بلا ريب حاسة متينة عميقة في الإنسان، والشعر عاطفة غريزية تتغلغل في طيات الجنان، والناس الذين يسخرون من الشعر ويقولون بأن الشعر لا لزوم له في العالم، وما دام الناس يستطيعون أن يمضوا سحابة يومهم ولا تثور فيهم نزعة إلى معرفة تسعيرة الشعر، ومادام الشعر لا أثر له في قوانين الانمان، وتعريفه المواد، ولوائح البلديات والمحافظات فما نفع الشعر وما جدوى الشعراء - هرلاء الناس الماديون الذين يريدون أن تكون الحياة كلها بالماكينات والكهرباء، إنما يستخفون بالحياة تفسها ويريدون لها الفساد والهدم، فلو أننا استطعنا أن نقتل الشعر ونمحوه من صفحة الدنيا ونضع العقوبات الصارمة للذين يحاولون طبع القديم منه، أو نشر جديد عليه إذن لقتلنا شيئاً كثيراً من القوة المحركة للحياة ولهدمها عناصر الفضيلة - واعتدينا على الوطنية فسلبناها أعز مصدر نستمد منه قوتها وعصارتها النامية.
إذا صح هذا وجب أن يكون الشعراء جميعاً وطنيين، يجب أن تكون الوطنية فيهم مشتعلة، مستعرة محتدمة، وينبغي أن يكون نصف الديوان شعر الدنيا وطنياً، والنصف الآخر في تلك الشؤون هي التي مهوى نفوس الشعراء، ولكن وا أسفاه لا يزال الشعراء في مقدمة الوطنية فيهم مختلفين، وذلك على مقدار اختلاف أمزجتهم وسرعة تقلب أهوائهم، وحض خيالهم، على أنك وإن رأيت الشاعر الجزل الفحل منهم لم يضع في كل أجزاء ديوانه قصيدة واحدة عن وطنيته ولم يحشد في شعره من تلك الروح الحماسية المشتعلة التي تضرم الأفئدة، لا تزال ترى لديه أثراً زاهياً منها في إعلائه من شأن اللغة، ولغة الشعر هي أسمى أساليب اللغة، والعمل على تمجيد اللغة ورفع مستواها، والنهوض بها، وخلق أدب جديد لها، كل أولئك وطنية بينة ظاهرة وإن لم تحو بيتاً واحداً فيها.
واكبر مظاهر الشاعر الصحيح الذي يتلقى الوحي من العاطفة، ولا يعمد إلى لأفاعيل والأعاريض يصب فيها كلاماً مرصوصاً تحس أن كل كلمة منها عند قراءتك إياها تكاد تثور وتخرج من الطابور الذي صفت فيه مع غير أخواتها بلا مناسبة ولا موافقة ولا لزوم - إن أكبر مظاهر ذلك الشاعر الحقيقي الاعتزاز بوطنه والافتخار بأرضه الزهو بأهله وممتلكاته، وكم من شعراء خرجوا من ديارهم من جراء عسف أو ظلم حاق بهم، أو طلباً للرزق في غير أراضيهم إذ ضاق عليهم وعز مطلبه في وسط أهلهم فلم يكن ذلك ليكرههم في البلاد، أو يثير الحقد في نفوسهم على وطنهم بل ظلوا يحبون وطنهم وإن لم يحسن إليهم حتى حتى رحلوا إلى مضاجع الآخرة.
ساقني إلى هذا حديث الشاعر هايتي - الشاعر هنريخ هايني المتهكم السخار بالدنيا وما فيها - ذلك الشاعر الخفيف البديع الذي ظل حياته نهب أمراض أليمة وأحزان جمة حتى لقد قال يوماً عن نفسه، إذا قدر لي أن الفالج - تلك اليد الحدبدبة القابضة على صدري، سيخف يوماً، ويقل أثره، فلا ألبث أن أجد نشاطي القديم متحركاً مهتاجاً عائداً إلى بحرارته وقوته الذاهبة. نعم. أنا مريض إلى حد الموت ولكن روحي لم يصبها أذى قاتل فإنها لاتزا ل كالزهرة العطشى المطرقة برأسها الناحلة ولكنها لم تذبل بعد ولم تسقط عن أغصانها ولا تزال جذورها متينة في أرض الحق والحب، على أنه لم يكد يمضي شهر على ذلك حتى كتب الوصية الأولى من وصاياه الثلاث. وفيها ختم الوصية بوداع حار لأرضه وبلده الذي اختاره مقاماً له ومنزلاً فقال: وداعاً ألمانيا أراضي قومي ومهبط آبائي بلد الأسرار الغامضة والأحزان، بلد الغرائب والأشجان، لتهنأ أيها البلد ولتسعد، وداعاً أيها الشعب الفرنسي الكريم الذي طالما أحببت وإليه أخلصت، شكراً لكرمكم وضيافتكم وحسن مثواي بينكم.
إن هذا الشاعر الذي يحب الإنسانية كلها ويرسل شعره في مهب الرياح كلها والذي مال بعاطفته إلى فرنسا واتخذها وطناً ثانياً له لم يزل يخص وطنه الأول وأرض آبائه على البأساء والنعماء وحياة طويلة قطعها مبتثاً محزوناً بحب ظل في فؤاده فتياً قوياً لا يخفت ولا يموت.
ولقد كتب في وصيته الأخيرة إن كل ما كان يرمي إليه في مختتم حياته لم يكن إلا سعياً متواصلاً في تحبيب الشعبين الألماني والفرنسي والمشي بينهما بالمودة والوئام وقد أقام في باريس زهاء خمس وعشرين سنة ووظفت عليه في السنوات الأخيرة من حياته وظيفة من الحكومة الافرنسية ومنح منها عطاء يتقاضاه عاماً فعاما فجر عليه قبوله ذلك العطاء نقداً حاداً أليماً من أعدائه وخصومه وكارهيه إذ رأوا الفرصة سائحة للتشهير به والأزراء عليه بالخروج عن حب ألمانيا بلده والتجنس بالجنسية الفرنسية ولو كان هيني شاعراً من أولئك الشعراء الذين رصدهم الشيطان رسلا لاقتناص الأموال والذين تسمع من خلال بيوتهم وقصيدهم وسوسة النقود التي يطلبونها من وراء شعرهم ولو كان هايني باع وطنه الذي أساء بثمن بخس ساومته فيه فرنسا، إذن لسكت على الإهانة ولم يستطع صراخاً في وجه تلك التهمة الأليمة بل لقد ثارت ثورته وجن جنونه إذ قرأ قول لأعدائه فكتب في الحال إلى صحيفة من صحف ألمانيا يقول:
كلا، كلا. إن تلك الدريهمات التي تلقيتها من جيزو الوزير لم تكن ثمناً لوطنية بعتها وجنسية خلعتها ولم تكن ضريبة ولا صنيعة ولا رشوة بل إن ذلك المعاش لم يكن إلا على سبيل المعونة. لقد كانت - واسمحوا لي يا قوم أن أسميها باسمهاوان لا أخجل من ذكر حقيقتها - لقد كانت نفحة من تلك الصدقة العظيمة التي تتصدق بها فرنسا على الواغلين فيها. على المشرذين والمنفيين. على الطريدين من أرضهم. على الطريدين من أهلم المنبوذين منهم أولئك الين استهدفوا لعداء حكوماتهم بما نقدوها به وعابوها عليه وجاؤا إلى كنفها فاستظلوا بظلها واحتموا بها.
إنني ما سألتهم تلك المعونة المالية إلا بعد ظهور تلك الأحكام القاسية في ألمانيا التي تريد أن تهدم امري وتسلمني إلى المتربة والعيش الضنك بمصادرة تواليفي الحاضرة بل مصادرة كل ما يخرج في المستقبل من قلمي وكل بنت حسناء بلدها فكري. بعد ظهور تلك الأوامر العنيفة التي أريد بها أن أجرد من كل شيء يلاحق ولا محاكمة ولا سماع دفاع.
وقد عاد فكتب بعد ذلك مقالاً مسهبا فيصحف المانيا عن هذه التهمة التي ألصقت به باطلاً، حوى ذلكم المقال دعابة مرة شأن دعابات هايني المتهكم المستهزيء بمظالم الدنيا ونحن نفتطف شذرة من ذلك المقال وقطعة تصور للقارئ. صورة الشاعر على حقيقته.
قال هايني لدى اعتراف أريد أن أنزل عنه وذات صدر أريد أن أنفثها وإن كان الحزم يتطلب السكوت عليها وكتمان أمرها ولكن لقد قضى العهد الذي كان ينبغي فيه الحرص وقد أصبحت اليوم وبي رغبة شديدة في أن أؤكد للناس أنني لم أكن يوماً متجنساً بجنسية الفرنسيين ولم أكن في فرانسا فرنسياً وإن تجنسي لم يكن إلا محض وهم ألماني قام في أذهان نفر من أهل وطني ولا أدري أي عقل بليد خبيث مسف دنيء اخترع تلك الأكذوبة ومشى بتلك السخرية ولقد ادعي كثيرون من مواطني أنهم أقتفوا أثر هذه الاشاعة حتى أدركوا لها مصدراً حقيقياً لا غبار عليه من الباطل ويعنون بذبك تلك الأقوال التي امتلأت بها أنهار الصحف الالمانية وغرهم بي سكوتي فتبينوا حقاً ما ليس بالحق ولقد خدع كذلك كثيرون من أعدائي السياسيين وخصومي في الأدب في برلين وباريس فرموني بتلك التهمة مع الرامين وتجنوا علي مع المتجنين واعتقدوا أن أرتدائي ثوب الجنسية الفرنسية قد حماني من كيد الكائدين ورد عني دسيسة الدساسين على أنني أحمد لأعدائي هذا الجهل وأشكر لهم سوء الفهم فقد أنقذني ضعف بصائرهم من كثير من السوء وعصمني من الكدر ومن شر أولئك الفضوليين المتداخلين الحاشرين أنفسهم في أمر المادين أعينهم الواضعين أنوفهم في كل شأن لكي يحرموا الناس ما يكسبونه لأنفسهم فإن الغريب الذي لم يشتمل ببردة الجنسية الفرنسية في باريس لا يستطيع أن يظفر من أهلها برضي أو حب لا يجد رخصاً في النفقة ولا يصيب إلا غبنا في الشراء وظلماً في الثمن ولا يستطيع أن يعيش إلا إذا خرج عن المال الكثير فهو نهب مقسم بين الخداع والارهاق ولا يصيب كل أولئك إلا على يد الغرباء الذين ارتضوا أن ينزعوا وطنيتهم ويدخلوا في شملة الجنسية الفرنسية فأجمعت النية ذات يوم أن أضع إمضائي في ذيل تلك الصبغات وقاء من كل ذلك الشر ومنجاة من كل تلك المتعبة على أن تلك الصبغات لم تقيدني بأي قيد ولم تربطني إلى شيء وإنما ذللت لي عند الضرورة الظفر بالحق المدني كأي فرد فرنسي يسكن با ريس العظيمة على أنني طالما انزويت رعباً وانكارا من فعلة كتلك ومن قيد كهذا ولقد وضعتني تلك الترددات التي قامت بصدري وذلك الاشمئزاز العميق في فؤادي من ترك جنسيتي الأولى في مركز حرج وموقف غريب هو السبب الأكبر في كل ما نالني من نصب وألم وحزن في مدى الأعوام التي قضيتها في باريس وقد أدى بي ذلك إلى الظفر بمكان في الحكومة كان مغلقاً في وجهي وقد كنت موضوع الغيرة في كثيرين من الفرنسيين أنفسهم لأنه لم يصب الماني قبلي في هذا البلد ما أصبت من حب الشعب في فرانسا في العالم الأدبي وفي المجتمع والاسمار والندى حيث جعل كثيرون من أهل الخطر والألقاب العظيمة والأسامي النبيلة يلتمسون التعرف بي التماسا وينشدون صداقتي نشدانا لا كما يرعي الأمير الاديب ولا كما يبتسم الخطير للصغير ولا لأكون تحت الرعاية ومتعهد شعر لأصحاب الدولة بل كرفقاء وحلفاء وأهل ود وصحب أعزاء.
فالأمير الفارس القريب على العرش الذي قرأ شيئاً من كتبي في الأصل الألماني راح يظن أنه الموفور المسعد إذا أنا قبلت عليه ورغبت في الدخول في خدمة الحكومة وأن أنسى فما أنا بناس ذلك اللطف وتلك الرقة التي لقيتني بها ذات يوم في حديقة صديق خطير الشأن ذلكم الرجل العظيم واضع تاريخ الثورة الفرنسية ومؤرخ الامبراطورية البونابرتية. ذلك الرجل العظيم جيزو الذي كان في فرنسا يومذاك السلطان والكل في الكل. إذ أخذ بذراعي وجعل يماشيني وهو يلح علي الا ما نفضت له عن صدري وكاشفته بحاجتي. واعداً إياي أن ينليني ما أطلب. ويحقق ما أشتهي. إلا أن نغمات صوته. تلك النغمات المالقة، العذبة الكريمة لا تزال ترن في مسمعي، ولا أزل أتنفس عبير تلك الأزاهر التي كانت تحف بنا ونحن نتسابر متمشيين بين منافس البستان. لك الله تلك الأزاهر التي كنا نخطر أمامها. تلك المانوليا. الجميلة بأكمامها المتفتحة المرمرية اللون. التي ترسل أنفاسها العبقة المتأرجة في الأفق كأبهى وأفخم وأعز ما يكون قلب هذا الشاعر الألماني في أيام نعماه.
نعم. لقد قلت حقاً ما عليه ظل باطل. لقد كانت تلك العزة المتشامخة الرافعة الرأس التي هي دأب الشاعر الألماني هي التي منعتني حتى من قبول الصبغة الظاهرية أن أكون فرنسياً. لقد كان ذلك وحياً كمالياً سماوياً لم أكن لي على الخلاص منه؟؟؟ وإذا قيست عاطفتي نحو وطني بما اصطلح الناس على تسميته الوطنية فلقد كنت مرتداً منشقا خارجيا. ولكن ذلك لم يمنعني أن أثور وأتألم وأتمرد من أي أمر ولو خفيا يراد منه يتم الطلاق بيني وبين أمتي. هذا هو الاحساس العميق المتغلغل في نفوس الشعراء والمهذبين الذي لا تمحوه قوة الأرض. نعم قلما يتكلم الشعراء عن وطنيتهم وقلما يتغنون بحبهم أرضهم، ولكن الوطنية عميقة في حبات أفئدتهم. لقد كان زواجي بألمانيتي الجميلة. ألمانيتنا العزيزة. ذلك الملاك الحارس - وأسفاه - زواجاً غير رغد ولا سعيد. نعم إنني لا أذكر ليالي قمراء زاهرة نعمت فيها بأحضانها. يوم كانت تضمني إلى صدرها الرحيب. ذلك الصدر النقي. الطاهر. ولكن تلك الليالي الحلوة كانت معدودة. وكم أعقبتها أيام هي ظلمات بعضها فوق بعض فقصمنا عرى تلك الزيجة بالانفصال والفراق. ولكنه لم يكن إلا طلاقاً صورياً غير حقيقي. لأنني لم أفكر يوماً أن أفارق خادمي الأمين. نعم لطالما كنت أكره الناس في الارتداد. ولطالما كان المروق من الدين والخروج على العقيدة بغيضين إلى قلبي كريهين. وما كنت أرضى أن أهجر حتى ولا قطة ألمانية. بل ولا كلباً من كلاب بلدي العزيز وغن كان لايطاق.
كلا. لم أفقد شرياناً واحداً من ألمانيتي. ولم ينزف من دمي عرق واحد من جنسيتي. كلا. لم أعرض نفسي لخيانة كتلك. إن التجنس بغير الجنسية الأولى أمر يليق بأناس غيري. قد يعقل أن يفعل ذلك محام سكير ملح على الشراب. ومغفل نحاسي الرأس والأنف يريد أن يصيب وظيفة ناظر مدرسة. أو معلم في كتاب. نعم هذا الرجل وأمثاله قد يبرأون من أممهم التي لا تعرف شيئاً عنهم ولم تسمع بهم ولن تسمع بذكرهم ولا يضيرها خروجهم، ولكن لا هذا يصدر عن شاعر أزجى إلى ألمانيا أجمل أشعارها وأبدع قصيدها الغنائي. بل انها لتروح لدي فكرة لعينة شنعاء. بل فكرة مجنونة تذهب باللب وتفقد الرشد. لو أنني قلت عن نفسي ها أنذ شاعر ألماني وفي الوقت نفسه فرنسي متجنس بجنسية الفرنسيس، بل ليخيل إلي لو أنني فعلت ذلك أني قد أصبحت أشبه بتلك المخلوقات الشنعاء ذات الرأسين التي يقدمونها في الأسواق والمعارض. أعيش برأس فرنسي وبالرأس الآخر أبدي عاطفتي ومشاعري في أوزان اللغة الألمانية. وا أسفاه - الشعر الفرنسي!؟ ما أبغضه على نفسي وما أشنأه لدي أنني قلما أستطيع هضم أشعر شعرائهم الذين لا رائحة لهم البتة. أنني كلما ذكرت الشعر الفرنسي الذي يسمى مجازاً شعراً غنائياً تبين لي جلال الشعر لالماني وروعة جماله واعتقدت إذ ذاك أنني جمعت منه لنفسي إكليل الغار. كلا. أنني أتنازل عن ورقة واحدة من ذلك الاكليل. وصانع القبور الذي سينحت قبري عند ضجعتي الأخيرة لن يجد أحد من الناس مجترئاً على أن يمنعه من حفر هذه الكلمات على صفحة القبر هنا يرقد شاعر ألماني!.
هذا صوت شاعر عميق العاطفة - شفاف الاحساس - يعبر عن مبلغ حبه بلاده على حين ابتأس فيها ولقى الشر من ناحيتها. وتشرد في الآفاق من سوء ما ناله على يدها فظل الحياة يفخر بوطنيته ويزهى بحمل اسم بلده لأن الشعراء الحقيقيين هم الذين يحملون لواء الوطنية في طليعة صفوف الأمم والشعوب. . .