انتقل إلى المحتوى

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 12/كاتبة إنجليزية من المطالبات بحق الانتخاب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 12/كاتبة إنجليزية من المطالبات بحق الانتخاب

مجلة البيان للبرقوقي - العدد 12
كاتبة إنجليزية من المطالبات بحق الانتخاب
ملاحظات: بتاريخ: 5 - 5 - 1913



تدافع عن أترابها

أنشأت المس كريستابل بنكهرست في إحدى المجلات الفرنسية الكبرى مقالاً ضافياً تذود فيه عن حقوق الإنجليزيات المطالبات بحق الانتخاب وتدافع عن تلك الحركة التى نالت إعجاب كل من يعمل لحق أو يكافح لمطلب أو يناضل لرأى ينزل عليه وفكرة يريد لها تحقيقاً.

والمس كريستابل بنكهرست اليوم على رأس المطالبات وفى طليعة أترابها المتحمسات وهي تبالغ في إطراء الحركة الشديدة التي تقوم بها النساء وتنادى في الملأ باستحسانها متبعة في ذلك خطة أمها المسز بنكهرست التي حكم عليها منذ عهد قريب بالأشغال الشاقة ثلاثة أعوام سوياً لاتهامها بأنها من الفوضويات ونحن نعرب للقراء ذلك المقال الرائق في السطور الآتية. .

أكثر الناس ويكثرون من الكلام في شأن المطالبات بحق الانتخاب ولكن مهم مثلوهن فأساؤوا وصوروهن فشوهوا وسخروا مما يسمونه (عظيمة فعالهن) فلن تصرف نحن النساء عن نهضتنا ولن نميل عن مطلبنا.

إنهم يخدعون أنفسهم ويغررون بها فإن النساء يعرفن حقهن ويعلمن ما يردن. وإنهن ليستخدمن لتحقيقها مختلف الوسائل وقد يعيبونهن عليها ولكن لن يتهمن أحد بما يسميه الفرنسيون (نقصان العقل) بل إني لأصرح أن نقصان الوسائل لدينا تهمة لا يرمينا امرؤ بها.

لقد طلبنا حق انتخاب النساء فأنكروه علينا وما نجح سؤلنا ثم كررنا الطلب ورفعنا الصوت عالياً فأعدوا وأبرقوا، وأغضبنا أمرهم فثرنا وأجمعنا فيما بيننا أن لا يحول دوننا حائل أو يردنا عن حقنا راد.

أجل. إنني أعلم أن في فرنسا حيث الأمثال شائعة والحكم كثيرة مثلاً يقول إن الصبر والسكون لا يسخطان المرء بل يزيدانه قوة على قوة.

على أن للصبر حدوداً لا يجمل عندها وقد انتهينا إليها والدليل على ذلك سخطنا. نريد إصلاحاً كبيراً. وما من إصلاح تحقق لأهله إلا بعد ما رسموا خطته وأحكموا أمرهم ف بينهم حتى إذا ملوا عصفت بينهم ريح الثورة فثاروا وفى ثورة الرجال المذابح والمعارك الدموية.

نريد أن يبحثوا في مطالبنا ويدققوا البحث. ولذلك نحن نسترعى اهتمام الناس يحدونا الأمل بأن سيأتي يوم فيه يعلم الجميع حقنا لأن الضوضاء التي أقمنا قد أصمت مسامعهم. ولكن هل يكفى هذا لنصرتنا؟

نود لو اطلعنا إلى الغيب فعرفنا عاقبة أمرنا. ولكن لن يخفت للمطالبات صوت، ولن يكسر من حدتهن شيء. لا السجون ولا العقوبات بل إنهن ليفخرن بها ويعتززن.

ويوجد الآن أربعمائة عضو في مجلس النواب من 670 قد أجازوا إعطاء النساء حق التصويت ولكن لم يعمل حتى اليوم شيء. ويتساءلون. أذلك الخلاف بين الأعضاء!

ونجيبهم. كلا. بل هو عدم الاكتراث.

فلا يعجبون إذن ولا يدهشون إذا رأونا ننتصح بنصيحة السير كامبل بانرمان التي قالها لجمع من المطالبات كنت بينهن وقد سألناه ماذا ينبغي لنا أن نعمل؟

قال. أذهبن وأثرن العالم!

ونحن اليوم صادعات بما نصح. .

بدأت حركة المطالبات منذ سنين طوال على أنها لم تأخذ شكلها الحاضر ولم تكتسب قوتها إلا منذ اليوم الثالث عشر من أكتوبر سنة 1905 إذ انتدى في ذلك اليوم جمع من المطالبات في حضرة السير إدوار جراي فلما خطب الجمع ذلك الموظف الكبير وتكلم عن مطالب العمال قمت أنا والمس كنى وألقينا السؤال الآتي:

هل ترضى لجماعة النساء حق الانتخاب؟ فوجم ذلك الخطيب المفوه وجمد في موقفه ولكننا لبثنا في مكاننا ننتظر جواباً على أنهم طردونا من جنابه أفظع الطرد.

وكنا في كل اجتماع عقد بعد ذلك ورأسه لويد جورج أو آخرون نكرر على الخطباء سؤالنا.

هل يرضي الخطيب لجماعة النساء حق الانتخاب؟

فكان جوابهم كجواب السير إداورد جراي في وجومه وأخذت قسوتهم في معاملتنا تشتد، ووحشيتهم في لقائنا تزداد.

ولكن صيحاتنا التي وقروا مسامعهم دونها وكلماتنا الموجزة التي جعلوا أصابعهم في آذانهم منها أثارت ضجة في الناس واهتاجت الجمع.

ووددنالو نعلم السبب الذي يمنعنا حقنا ويغريهم بنا ويحرضهم على قتالنا. ولذلك عجنا على السير كامبل بانرمان واستأذنا في مقابلته وترددنا عليه مرات متواليات فرفض لقاءنا ولما كانت النساء إلى الجزع أجنح وعن الصبر الطويل أميل اجتمع أمرنا على أن ننصرف عن القول إلى الفعل ورسمنا لحركتنا خطة تثير ضجة كبرى.

وكنا ثلثمائة. فاحتلنا أن ندخل بالقوة مجلس النواب واشتبك القتال وحمي الوطيس فزجوا في السجن منا إحدى عشرة.

وكان لهذا الهجوم تأثير كبير وكانت الحكومة حتى ذلك العهد في ريب من قوتنا ولا تظن أن مسعانا سيصادف أعجاب الشعب الإنجليزي وهو أكثر الشعوب تقديراً لكل حركة ناهضة وأعطيت الأوامر للمستر تشرشل بمصادرتنا وحركاتنا من غير أن يقبض علينا.

فلما كنا بأبواب مجلس النواب نريد الدخول أمر المستر تشرشل أمره فإذا الجنود تبالغ في مقاومتنا وتشتد في معاملتنا حتى أن عضوين من أعضاء المجلس هما اللورد روبرت سسل وهو في الوزارة الحالية وأليس جريفيس خطباً نأنحيا باللائمة على المستر تشرشل ونقدا خطبته.

وجملة القول إن كان يجب على أن أتبع سير الحوادث التي تنقلت بينها حركتنا وأخرج منها بنتائج هذه الحرب الناشبة قامت أن نهضتنا لم تجر بعد شوطاً بعيداً وإنما استرعت الاهتمام وأصح مطلبنا. موضوع حديث الطبقات جميعاً وينبغى إن أردف ذلك بقولي أننا قد ربحنا في هذه الحركة ضربات شديدة ولكن ذلك لن يصرفنا عما نريد.

يجب علينا أن نخرب. .

لما لم تجد مجهوداتنا السلمية شيئاً ولم يقر حقوقاً أولئك الذين هم أسعد منا نحن النساء حظاً وأوفر قسطاً كان حقاً علينا أن نكثر من مساعينا وحيلنا فانقطع رأينا أن نحطم الزجاج وانتهى تخريبنا بنكسير نوافذ الدور العمومية والصحافة والمجلات فلم يكترث القوم بادئ بدء بتحطيمنا الزجاج ولكن أرباب المجلات وأصحابها الذين نزل بهم التخريب صاحوا محتجين واستصرخوا معارضين وقفت على آثارهم شركات التأمين وكان لزاماً عليها أن تدفع تعويض ما خربنا هذا والصحف تكتب ألا عاقبوهن! ألا خذوهن بتخريبهن!

ولكنهم لما رأوا أن وعيدهم لا يهدئ لنا ثائرة ولا يسكن فينا جأشاً بل دفعنا إلى زيادة التحطيم والسلب جعلوا يقولون في أنفسهم إننا سنزاحمهم وننافسهم إذا نزلوا على حقنا المطلوب وطفقوا يقولون أعطوهن حق التصويت فيسود السلام! ولسنا اليوم وحدنا المطالبات بحق النساء بل إن الفكرة سائرة في طريقها.

ما سكتنا عن مطلبنا بل بالعكس عمدنا إلى صناديق البريد فأحرقناها وتأثرت حركة التجارة وازداد الاضطراب.

وإن نهضتنا التي سخروا في أول الأمر منها وضحكوا أصبحت في كل يوم مدار البحث والمناقشة.

ونحن اليوم قد أقدمنا على تخريب الأملاك الخصوصية وقد سطونا على بعض القري وكانت الضجة كبري.

لا نبغي شيئاً غير ذلك فقد عرف الناس في كل مكان وجه النهضة التى أقمناها بل إني لأستطيع أن أقول إننا نلقى تشجيعاً وظهيراً من كل فج.

وماذا نحن صانعات غداة الغد؟

إني لأشفق أن تأخذنا سورة الغضب ويزداد سخطنا فيرمي بالويل والثبور ولا أعجب من تسمية بعض الجرائد مستقبل حركتنا (بخسائر جديدة).

أجل. إننا لا نعارض في تسميتها كذلك ولكن ألا يشفع لها بكم الذين نخاطبهم وخرس إلا لي نطالبهم بحقوقنا؟

ألا يعلمون السورة التي تقوم فى نفس المطالب بحق مهضوم لا يجاب له سؤال؟

إنهم ليجدون فى أنفسهم المعاذير لهذه الحركة الوحشية التي أثارها الجزع ثم أضرم الغضب نارها بعد ذلك.

هذه حالنا. نسألهم فلا يحيرون جواباً حتى أساءنا سكوتهم وإني لأخشى أن يفضي بنا إلي غضب شديد.

لماذا نترك أنفسنا تقضي من الجوع؟

إن شجاعة أترابنا لا تنكر وشهامتهن لا تجحد وقد استطاع فريق منهم أن يصرح أن طائفة كبيرة من المطالبات اللاتي قبض عليهن وأودعن ظلمات السجون رفضن كل طعام يقدم إليهن.

لذلك نريد أن نحتج على القانون الذي يبيح للرجال ما ينكره على النساء ويلزم الأولين حقوقاً يحرمها على الأخريات.

أبوا أن يعطونا حق الانتخاب ولكن لا قانون عندهم لنا. .

ما يكاد يشاع بين الناس أن إحدى المطالبات السجينات رفضت الطعام حتى تسمع قوماً يصيحون دعوها تقضى نحبها جوعاً!.

نصيحة ليست من السداد في شيء. إذ لو ماتت إحدانا في سجنها جوعاً لجر عليهم موتها ضجة كبرى وألحقهم موتها عاراً لا يمحى.

ونحن نعتمد على اشتراك الكثيرين في شعورهم معنا ورحمتهم بنا وقد وجد مطلبنا أعواناً كثيراً يحتجون لنا ويغضبون ورأت الحكومة أنها من أمرها في مأزق حرج فأصبحت من حزمها تتجنب أن تدع السجينة تموت كما تشاء من الخصاصة والطوى.

وقد احتالوا على قبول السجينات الطعام بالحث أولاً والنصح لهن ثم الإكراه أخيراً فما أفلحت الأولى ولا نجحت الثانية بل إن إكراههن علي الطعام جر خطراً شديداً وطريقتهم في الإكراه هي أن يدخلوا في أنف السجينة أو فمها أنبوبة من اللبن بشكل أترك للقارئ تخيله.

وزهدهن في الطعام وهن يرين في الإمساك عنه الفخر كل الفخر قد أثر على هؤلاء البائسات تأثيراً بليغاً وأنحف جسومهن حتى أننا رأينا المس ليتون تترك السجن كأنها من الهزال هيكل عظمى.

وقد عرفت في السجن عن رضي مني ألم الظمأ ولست وحدى التى رفضت الشرب والري. فقد كتبت سيلفيا أختي وهي اليوم طليقة السراح فى سجنها تقول: أماه العزيزة. إنني أناضل وأجاهد. ويحرسني كل يوم نفر من الحفاظ ويعودني طبيبان وقد تماوت مرتين في اليوم فجعلوا يفتحون فمي (بخابور) من الصلب ينفذونه بالقوة بين فكي. وأنا أقاوم جهدي كل يوم ولثتاي تدميان كل حين. وكتفاي مرضوضان من طول ما كابدت في مقاومتي وعانيت. أذيد خلون الأنبوبة في حلقي كرهاً. وليلة أمس الأول أحسست بألم في القلب بعد ما أكرهوني على الطعام وبت ليلتي مريضة موجعة وكذلك كانت حالي بالأمس وكنت أحسبني سأجن وأروح مخلوطة العقل أما اليوم فأنا قادرة على التغلب والنضال. . . . . . . أخشي أن أفقد معدتي طول الحياة.

إذا كان هناك فريق يحرض على تركنا فريسة الجوع والخصاصة فهناك فريق آخر ينصح للحكومة أن تنفينا إلى (سانت هيلين) كما نفى نابليون. ولو انتصحت الحكومة بهذا الرأي لدلت على ضعفها إزاءنا وإن رغبتهم في أبعادنا ستظاهر مطلبنا وتنصر حقنا إذ يعلم الجميع أننا خطيرات مهيبات الجناب.

نفى نابليون إلى (سانت هيلين) خشية أن ينسل إليه أنصاره وأعوانه ويلتف حوله فتيانه وكأني بهم يخافوننا خوفهم (نابليون) وحسبنا ذلك فخراً.

ولكن (سانت هيلين) لتضيق بنا سهلها وحزنها ونحن في كل يوم نزداد عدداً وقوة ورباطة. وهم يستحسنون لنا قانون لينك بتهمة أننا نجمع الجماهير حولنا ولو صح ما يقولون لكان أيضاً عملاً إذ لو قتلت إحدانا لانقلبت الضوضاء ضجة تصم الأسماع ولن يزجرنا قانونهم عن حركتنا.

وقد اتهموا الحكومة بالضعف لاقتصارنا في عقابنا على السجن وهم على خطأ مبين فليس التشدد في العقوبات والإرهاق بالمثلات الدواء الناجع لهذه الضائقة الجائحة ويتجنون علينا بأننا نستخدم مالا يتفق وطبيعتنا ويقولون أن الشدة ليست من شأننا ونحييهم بأن جان دارك كانت امرأة مثلنا ولا حاجة بنا إلى طالة الكلام على شهامة أترابنا.

لما تناقش رجال حكومة النرويج في حق انتخاب النساء قامت على سداده حجة انتهت بتقريره.

قال الخطيب صاحب الحجة انظروا ما يحدث في إنجلترة واجتنبوه فاجتمع الرأي على إعلان حق النساء في تلك البلاد.

سننشر مطلبنا في البلدان والأصقاع لاسيما في فرلسة ولست أريد بمقالي هذا أن أذيعه اليوم هنا بل جئت لأعرض على الناس رغبات المطالبات ووسائلهن في تحقيقها ولا أود الآن بحثها فهي إنجليزية محضة ونحن في إنجلترة نعمل مالا يتفق مع روح النساء في الممالك الأخرى. وعسى أن يمشى على أسوتنا ويقي على آثارنا وسيبقى علماً علينا أننا أقمنا حركة أعجبت العالم والتي أستميح القراء عن إطالة الكلام عنها أجمل المعاذير. اه.