كتاب المواقف/موقف محضر القدس الناطق
أوقفني بين يديه وقال لي أنت في محضر القدس الناطق.
وقال لي أعرف حضرتي واعرف أدب من يدخل إلى حضرتي.
وقال لي لا يصلح لحضرة العارف قد بنت سرائره قصوراً في معرفته فهو كالملك لا يحب أن يزول عن ملكه.
وقال لي لا يصلح لحضرتي العالم الرباني، إنما قلبه أين أثبته أو نسبته قائم فإذا لم أنسبه تاه وإذا لم أثبته ماد وهو لا يقوم إلا باسمه أو علم اسمه.
وقال لي إذا أتيتك اسماً من أسمائي وكلمني به قلبك أوجدته بي لا بك كلمتني بما كلمته منك.
وقال لي ليكلمني منك من كلمته وليحذر منك أن يكلمني من لم أكلمه.
وقال لي إذا رأيتني وكنت من أهلي وأهل اسمي فحادثتك فذاك علم وتعرفت إليك فذاك علم فحصل بيني وبينك علم وحصل بينك وبين العلم يقين.
وقال لي إذا رأيتني وأردتني وتحققت بي كانت المحادثة عندك وسوسة وكان التعرف عندك وسوسة.
وقال لي ألفت بين كل حرفين بصفة من صفاتي فتكونت الأكوان بتأليف الصفات لها والصفة لا ينقال هي فعاله وبها تثبت المعاني وعلى المعاني ركبت الأسماء.
وقال لي إذا جاءتك دواعي نفسك ولم ترني فقد جاءك لسان من ألسنة ناري فافعل كما يفعل أوليائي أفعل بك كما فعلت بأوليائي.
وقال لي أذنت لك في أصحابك بأوقفني وأذنت لك في أصحابك بي عبد ولم آذن لك بأن تكشف عني ولا بأن تحدث بحديث كيف تراني.
وقال لي هذا عهدي إليك فحفظه بي وأنا حافظه عليه وأنا حافظك فيه وأنا مسددك فيه.