كتاب المواقف/موقف القرب
أوقفني في القرب وقال لي ما مني شيء أبعد من شيء ولا مني شيء أقرب من شيء إلا حكم إثباتي له في القرب والبعد.
وقال لي البعد تعرفه بالقرب، والقرب تعرفه في بالوجود.
وأنا الذي لا يرومه القرب، ولا ينتهي إليه الوجود.
وقال لي أدنى علوم القرب أن ترى أثار نظري في كل شيء فيكون أغلب عليك من معرفتك به.
وقال لي القرب الذي تعرفه في القرب الذي أعرفه كمعرفتك في معرفتي.
وقال لي لا بعدي عرفت ولا قربي عرفت ولا وصفي كما وصفي عرفت.
وقال لي أنا القريب لا كقرب الشيء وأنا البعيد لا كبعد الشيء من الشيء.
وقال لي قربك لا هو بعدك وبعدك لا هو قربك، وأنا القريب البعيد قرباً هو البعد وبعدا هو القرب.
وقال لي القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه مسافة، وأنا القريب البعيد بلا مسافة.
وقال لي أنا أقرب اللسان من نطقة إذا نطق، فمن شهدني لم يذكر ومن ذكرني لم يشهد.
وقال لي الشاهد الذاكر إن لم يكن حقيقة ما شهده حجبه ما ذكر.
وقال لي ما كل ذاكر شاهد وكل شاهد ذاكر.
وقال لي تعرفت إليك وما عرفتني ذلك هو البعد، رآني قلبك وما رآني ذلك هو البعد.
وقال لي لن تجدني ولا تجدني ذلك هو البعد، تصفني ولا تدركني ذلك هو البعد، تسمع خطابي لك من قلبك وهو مني ذلك هو البعد، تراك وأنا أقرب إليك من رؤيتك ذلك هو البعد.