كتاب الأم/كتاب الصلاة/باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام).
[قال الشافعي]: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد عن النبي ﷺ.
[قال الشافعي]: وبهذا نقول ومعقول أنه كما جاء في الحديث ولو لم يبينه؛ لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة؛ لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاس.
[قال الشافعي]: والمقبرة الموضع الذي يقبر فيها العامة وذلك كما وصفت مختلطة التراب بالموتى وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت، ثم لم يحرك القبر فلو صلى رجل إلى جنب ذلك القبر، أو فوقه كرهته له ولم آمره يعيد؛ لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء وكذلك لو قبر فيه ميتان، أو موتى فإن غاب أمرها عن رجل لم يكن له أن يصلي فيها؛ لأنها على أنها مقبرة حتى يعلم أنها ليست بمقبرة وأن يكون يحيط العلم أنه لم يدفن فيها قط قبل من دفن فيها ولم ينبش أحد منهم لأحد والذي ينجس الأرض شيئان: شيء يختلط بالتراب لا يتميز منه شيء وشيء يتميز من التراب وما لا يختلط من التراب ولا يتميز منه متفرق فإذا كان جسدا يختلط بالتراب ويعقل أنه جسد قائم فيه كلحوم الموتى وعظامهم وعصبهم وإن كان غير موجود لغلبة التراب عليه وكينونته كهو في الأرض التي يختلط بها هذا لا يطهر وإن أتى عليه الماء وكذلك الدم والخلاء وما في معانيهما مما لو انفرد كان جسدا قائما ومما يزال إن كان مستجسدا فيزول وينحى فيخلو الموضع منه ما كان تحته من تراب، أو غيره بحاله وشيء يكون كالماء إذا خالط التراب نشفه، أو الأرض تنشفه وذلك مثل البول والخمر وما في معناه.
[قال الشافعي]: والأرض تطهر من هذا بأن يصب عليه الماء حتى يصير لا يوجد ولا يعقل فيها منه جسد ولا لون.