انتقل إلى المحتوى

كتاب الأم/كتاب الحدود/حد قاطع الطريق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



حد قاطع الطريق


[قال الشافعي]: رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} الآية.

[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال، قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال، قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا، قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا هربوا طلبوا حتى يوجدوا فتقام عليهم الحدود وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض.

[قال الشافعي]: وبهذا نقول وهو موافق معنى كتاب الله تبارك وتعالى وذلك أن الحدود إنما نزلت فيمن أسلم فأما أهل الشرك فلا حدود فيهم إلا القتل أو السباء والجزية واختلاف حدودهم باختلاف أفعالهم على ما قال ابن عباس رضي الله عنهما إن شاء الله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فمن تاب قبل أن يقدر عليه سقط حق الله عنه وأخذ بحقوق بني آدم. ولا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ قيمة ربع دينار فصاعدا قياسا على السنة في السارق.

[قال الشافعي]: رحمه الله والمحاربون الذين هذه حدودهم القوم يعرضون بالسلاح للقوم حتى يغصبوهم مجاهرة في الصحاري والطرق [قال]: وأرى ذلك في ديار أهل البادية وفي القرى سواء إن لم يكن من كان في المصر أعظم ذنبا فحدودهم واحدة فإذا عرض اللصوص لجماعة أو واحد مكابرة بسلاح فاختلف أفعال العارضين فكان منهم من قتل وأخذ المال ومنهم من قتل ولم يأخذ مالا ومنهم من أخذ مالا ولم يقتل ومنهم من كثر الجماعة وهيب ومنهم من كان ردءا للصوص يتقوون بمكانه أقيمت عليهم الحدود باختلاف أفعالهم على ما وصفت. وينظر إلى من قتل منهم وأخذ مالا فيقتله ويصلبه وأحب إلي أن يبدأ بقتله قبل صلبه؛ لأن في صلبه وقتله على الخشبة تعذيبا له يشبه المثلة وقد قال غيري: يصلب ثم يطعن فيقتل. وإذا قتل ولم يأخذ مالا قتل ودفع إلى أوليائه فيدفنوه أو يدفنه غيرهم، ومن أخذ مالا ولم يقتل قطعت يده اليمنى ثم حسمت ثم رجله اليسرى ثم حسمت في مكان واحد وخلي، ومن حضر وكثر وهيب أو كان ردءا يدفع عنهم عزر وحبس وسواء افترقت أفعالهم كما وصفت في مقام واحد أو كانت جماعة كابرت ففعلت فعلا واحدا مثلا: قتل وحده أو قتل وأخذ مال أو أخذ مال بلا قتل حد كل واحد منهم حد مثله بقدر فعله ولو هيبوا ولم يبلغوا قتلا ولا أخذ مال عزروا ولو هيبوا وجرحوا أقص منهم بما فيه القصاص وعزروا وحبسوا ولو كان القاتل قتل منهم رجلا وجرح آخر أقص صاحب الجرح منه ثم قتل وكذلك لو كان أخذ المال وجرح أقص صاحب الجرح ثم قطع لا تمنع حقوق الله حقوق الآدميين في الجراح وغيرها ولو كانت الجراح مما لا قصاص فيه وهي عمد فأرشها كلها في مال الجارح يؤخذ دينا من ماله. وإن قتل أو قطع فأراد أهل الجراح عفو الجراح فذلك لهم. وإن أراد أولياء المقتولين عفو دماء من قتلوا لم يكن ذلك يحقن دماء من عفوا عنه وكان على الإمام أن يقتلهم إذا بلغت جنايتهم القتل.

[قال الشافعي]: رحمه الله وأحفظ عن بعض أهل العلم قبلنا أنه قال: يقتلون وإن قتلوا عبدا أو ذميا على مال يأخذونه وهذا مخالف للقتل على غير الغيلة [قال]: ولقوله هذا وجه؛ لأن الله عز وجل ذكر القتل والصلب فيمن حارب وسعى في الأرض فسادا فيحتمل أن يكون إذا نيل هذا من عبد أو ذمي من المحاربة أو الفساد ويحتمل أن يكونوا إذا فعلوا ما في مثله القصاص. وإن كنت أراه قد خالف سبيل القصاص في غيره؛ لأن دم القاتل فيه لا يحقن بعفو الولي عنه ولا يصلحه. لو صالح فيه كان الصلح مردودا وفعل المصالح؛ لأنه حد من حدود الله عز وجل ليس فيه خبر يلزم فيتبع ولا إجماع أتبعه ولا قياس بتفرق فيصح وإنما أستخير الله فيه.

كتاب الأم - كتاب الحدود
كتاب الحدود وصفة النفي | السارق توهب له السرقة | ما جاء في أقطع اليد والرجل يسرق | باب السن التي إذا بلغها الغلام قطعت يده | في الثمر الرطب يسرق | باب النفي والاعتراف في الزنا | ما جاء في حد الرجل أمته إذا زنت | باب ما جاء في الضرير من خلقته لا من مرض يصيب الحد | الشهادة في الزنا | باب أن الحدود كفارات | باب حد الذميين إذا زنوا | حد الخمر | باب ضرب النساء | السوط الذي يضرب به | باب الوقت في العقوبة والعفو عنها | حد السرقة والقاطع فيها وحد قاطع الطريق وحد الزاني | باب السن التي إذا بلغها الرجل والمرأة أقيمت عليهما الحدود | باب ما يكون حرزا ولا يكون والرجل توهب له السرقة بعدما يسرقها أو يملكها بوجه من الوجوه | قطع المملوك بإقراره وقطعه وهو آبق | قطع الأطراف كلها | من يجب عليه القطع | ما لا يقطع فيه من جهة الخيانة | غرم السارق | حد قاطع الطريق | الشهادات والإقرار في السرقة وقطع الطريق وغير ذلك | حد الثيب الزاني | وشهود الزنا أربعة | ما يدرأ فيه الحد في الزنا وما لا يدرأ | باب المرتد الكبير | باب ما يحرم به الدم من الإسلام | تفريع المرتد | الشهادة على المرتد | مال المرتد وزوجة المرتد | مال المرتد | المكره على الردة | ما أحدث المرتد في حال ردته في ماله | جناية المرتد | الجناية على المرتد | الدين على المرتد | الدين للمرتد | ذبيحة المرتد | نكاح المرتد | الخلاف في المرتد | تكلف الحجة على قائل القول الأول وعلى من قال أقبل إظهار التوبة إذا كان رجع | خلاف بعض الناس في المرتد والمرتدة | اصطدام السفينتين والفارسين | مسألة الحجام والخاتن والبيطار | مسألة الرجل يكتري الدابة فيضربها فتموت | جناية معلم الكتاب | مسألة الأجراء | باب خطأ الطبيب والإمام يؤدب | الجمل الصئول