عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الرابع
فى فلك الزهرة
وهو يحدّه سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، الأعلى منهما مماس لفلك الشمس، والأدني لفلك عطارد، وتتم دورته المختصة به من المغرب إلى المشرق في سنة واحدة مثل فلك الشمس، غير أنْ فلك تدويره يسرع تارة، فتصبر الزهرة قدام الشمس ويبطئ أخرى، فتصير الزهرة خلف الشمس. وثحن جرم فلك الزهرة وهو مسافة ما بين سطحه الأعلى والأدنى ثلاثة الآف وسبعمائة وخمسة وتسعون ميلاً، وصورته مشابهة لصورة فلك القمر سواء، وفلك الشمس على تقدير أن يكون جرم الشمس فلك التدوير من غير فرق.
وأما الزهرة فسمّاه المنجمون السعد الأصغر، لأنها في السعادة دون المشتري، وأضافوا إليها الطرب والسرور واللهو، وجرم الزهرة جزء من أربعة وثلاثين جزءاً، وثلث جزء من جرم الأرض، وقطر جرمها أربعمائة وتسعة وأربعون ميلاً وسدس ميل تبقى في كل برج سبعة وعشرين يوماً.
وأما خواصها: فزعموا أنْ النظر إليها مما يوجب فرحاً وسروراً، وإذا كان بالناظر إليها حرارات السل تخفف عنه، وزعموا أنْ من شأنها الشبق والباه والألفة حتى لو نكح رجل امرأة والزهرة حسنة الحال وقع بينهما من المحبة والألفة ما يتعجب منه.