عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثالث
فى فلك عطارد
وهو يحده سطحان كرويان متوازيان مركزهما مركز العالم السطح الأعلى منهما مماس لمقعر فلك الزهرة، والأدنى لمحدب فلك القمر، ويتم دورته التي تختص به من المغرب إلى المشرق في سنة واحدة، وينفصل عنه فلك خارج المركز بمتزلة الفلك الخارج المركز للقمر في داخل ثخن الفلك الكلي، ويقال له المدير، وينفصل عن فلك المدير فلك آخير خارج المركز يقال له خارج المركز الثاني، والكوكب في فلك التدوير، ويلزم أن يكون لعطارد أوجان، أحدهما في الفلك الكلي، والثاني في المدير، ويكون له أيضاً حضيضان، وزعموا أنْ ثخْن فلك عطارد وهو مسافة ما بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى ثلاثمائة ألف وثمانمائة وثمانون ألفاً واثنان وثمانون ميلاً على رأي بطليموس صاحب الرصد، فإنّه استخرج ذلك بالبراهين الهندسية، والله أعلم.
وأمًا عطارد فسماه المنجمون منافقاً لكونه مع السعد سعداً ومع النحس نحساً على زعمهم، وجرمه جزء من اثنين وعشرين جزءاً من جرم الأرض، ودورة جرمه مائتان وستة وثمانون فرسخاً، وقطر جرمه مائتان وثلاثة وسبعون ميلاً، ويبقى في كل برج سبعة وعشرين يوماً تقريباً، وهو كثير الرجعة والاستقامة، يدور حول الشمس.