انتقل إلى المحتوى

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان/مقدمة المؤلف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي تعالى عن الشريك والمثل والكفؤ والنديد، والحمد لله الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، وهو فعال لما يريد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة خلقت لأجلها الجن والإنس من إماء وعبيد ، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بالملة الحنيفية القيمة وخالص التوحيد، اللهم فصلِّ وسلم على سيدنا محمد قاطع ذرائع الكفر وحبائل التقليد، وعلى آله وصحبه الآخذين بسنته والمقتدين بأمره في المدن والقرى والبيد، وعلى العدول الحاملين لهذا العلم النافين عنه تحريف كل غالٍ عنيد، وانتحال كل مبطل مريد، وتأويل كل جاهل ضديد.1

أما بعد فإن وقفت على الرسالة التي جمعها الشيخ أحمد بن زيني دحلان، أنقذه الله من دحلان الخذلان، وسماها (الدرر السنية، في الرد على الوهابية) ورأيت مؤلفها يدَّعي في ديباجة رسالته الباطلة الساقطة الدنية الردية، أنه جمع فيها ما تمسك به أهل السنة في زيارة النبي والتوسل به من الدلائل والحجج القوية، من الآيات والأحاديث النبوية، فتعجبت منه التعجب الصراح، كيف وليس في الباب حديث واحد حسن فضلاً عن الصحاح، فتأملت فيها تأمل الناقد البصير، لكي أعلم أنه هل صدق في تلك الدعوى أم كذب كذب المجادل الضرير، فوجدت دعواها عارية من لباس الصدق والحق المبين، محلاة بحلية الزور والكذب والباطل المهين، فإنه ليس فيها من الأحاديث إلا ما أورده التقي السبكي في "شفاء الأسقام"2 وهي دائرة بين الاحتمالات الثلاثة السقام: غما موضوعة عملتها أيدي الوضاع اللئام، أو ضعاف واهية رواها من وسم بمثل كثرة الغلط والخطأ والأوهام، أو شيء يسير من الصحيح والحسن في زعمه قاصر عن إفادة المرام،كما بين ذلك كله الإمام أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عبدالهادي في "الصارم المنكي"، وليس فيها من الآيات والأحاديث الصحيح والحسان ما يدل على المطلوب المحكي، وكان حقاً على المؤلف تعاطي واحدد مما يذكر، لئلا يعد كلامه مما يهجر وينكر: إما إيراده لأحاديث صحيحة أو حسن دالة على المطلوب غير ما أورده في الشفاء3، أو الإجابة عما تكلم به عليها صاحب الصارم وغيره من الأئمة الأذكياء. وإذ لم يفعل هذا ولا ذاك فليس لها فائدة، ولا يؤول هذا الطول إلى منفعة وعائدة.

ومن عجائب صنيعه أن المؤلف مع زعمه أنه من جملة المقلدين، يستدل بالأدلة الشرعية وهو منصب المجتهدين، فعنَّ لي أن أنبه على ما وقع فيه من مساوئ المفاهيم وزخارف الأقوال، وأراجيف الاستدلال، لئلا يغتر بها من يقف عليها ممن لا خبرة له بحقائق علم السنة من المتون والرجال، فالله أستعين وأقول، وبه أحول وبه أصول.

هامش

  1. مبالغة من الضد.
  2. سماه في "الصارم" شفاء السقام، وذكر في هذا الكتاب بالاسمين، فتركناه على أصله في كل موضع فليعلم.
  3. يعني "شفاء الأسقام" الذي مر ذكره آنفاً.