استطاع ولم تتجاوز سنه الخامسة والعشرين ، أن يقوم من خديجة مقام الزوج والأب والأهل جميعا. ورأت خديجة ألا تحول بين زوجها وبين الاشتراك في الحياة العامة ، وأن تخلى بينه وبين ما أخذ نفسه به من تأمل وتفكير ، فأعفته من تدبير مالها ، وأخذت تقوم هي عليه كما كانت تفعل قبل زواجها . وكانت خديجة تعلم حق العلم ، أنها لم تتزوج رجلا من عامة الناس ، تشغله المطالب الصغيرة ، فحرصت على أن يحيطه في في الدار بجو من الهدوء والطمأنينة ليستطيع فيته أن يخلو إلى نفسه ، واليها ، وإلى الناس ، كلما استطاع إلى ذلك سبيلا .. ولم يمنعه ذلك كله بفضل ما هيأته له خديجة من أسباب الحياة الوادعة الهنيئة ، من أن يلى داعى الجماعة . فقد كان يشارك فريشا في أحاديثهم وسمرهم ، يجلس واياهم في دار الندوة بجوار الكعبة ينصت اليهم وهم يتحدثون في تجارتهم وفى مصالحهم ، ويشير عليهم برأيه الثاقب الحكيم حتى أخذت الجماعة تفسح لة مكان الصدارة يوما بعد يوم : فقام منها مقام الناصح ومقام المشير ، ومقام الموفق لرغباتها ، الحلال لمشكلاتها
صفحة:Khadījah Umm al-Muʼminīn (Dār al-Fikr al-ʻArabī, 1948).pdf/32
المظهر