تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١
في ربع من أكبر رباع مكة، وبجوار السقية البئر المشهورة، كانت تقوم دار رحبة، متسعة الجنبات، سامقة البناء، يدل مظهرها وموقعها من سائر الدور والبنى المقامة حولها، على أن صاحبها خويلد رئيس في قومه، يكثر الوافدون عليه من أشراف قريش وساداتها، وينتقل بين أرجاء الدار إماء وعبيد، تشير كثرتهم إلى ثراء صاحب الدار وسعة رزقه.
عاش خويلد في هذه الدار، وكان شيخاً عركته التجارب، وقور الطلعة، في حديثه وثوق واتزان، مع زوجه فاطمة، وهى امرأة لما تتجاوز الكهولة، على محياها مسحة من جمال، ويقال إنها كانت في صباها من أجمل بنات قريش، عذبة السمر لا يفرغ لها حديث، ومع بنيه تتفاوت أسنانهم بين الصبا واليفاع، يغلب على وجوههم بشر فيه أثارة من جلد وحزم.
هذه الدار على كثرة من فيها وزحمة الملمين بها، لا تسمع فيها صخباً، ولا تحس بها اضطراباً، فالأبناء يمزحون ويمرحون،
― ٧ ―