انتقل إلى المحتوى

صفحة:Gaza History Aref el Aref 1943.pdf/52

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-٥١-

المدافعين عن المدينة لم يأسوا ، بل قاموا بهجمات معاكسة ، وضيقوا الخناق على المقدونيين ، وعلى مهندسيهم. ويقال ان حربة من حراب الغزيين اخترقت درع الاسكندر فجرحته في كتفه ، وعلى قول في ركبته ؛ فانسحب المقدونيون ، ولم يفطن قائد حامية غزة إلى أن انسحابهم هذا كان خدعة حرية .

وقد استحضر المقدونيون من صور عدداً من آلات الحرب، فاستعملوها . وقد أتموا البرج الذي انشأوه حول المدينة. ثم قاموا بأربع هجمات متالية، فتمكنوا أولا من هدم جانب من السور ثم احتلوا المدينة بأكملها .

وكان الفاتح المقدوني الكبير على جانب عظيم من الغضب يوم فتح غزة ولا سيما أثناء الحصار . فلم يكد يدخلها ظافراً حتى أعمل سيفه في حاميتها لما أصابه من جرح لنفسه من اولا فذبحها عن بكرة أبيها . وكأن هذا لم يشف منه الغليل ، فقد انتقم السكان . فقتل منهم خلقا كثيراً . وباع النساء والاولاد في السوق بيع العبيد وقد ذكر المؤرخون أنه قتل اثناء حصار غزة من الفرس والعرب عشرة آلاف رجل ، جلهم من العرب. ولقد شنع الاسكندر في جسم ( بانس ) قائد الحامية تشنيعاً فظيع ، ثم طعنه بالرمح ، فخر صريعاً.

۹ - لم تعثر فيها عثرنا عليه من اطلال وآثار في هذه البلاد على أثر للفرس إلا الجور والهرابات التي حفروها في بطن الأرض. وإنك لتجد أينما سرت وحيثما حالات ، عدداً من هذه الجور التي وإن كانت محفورة في بطن الأرض ، إلا أنها متقنة الوضع محكمة البناء . والمظنون انهم كانوا يستعملونها كمهاريج لجمع الماء ومطامير الخزن الحبوب.

وأما من حيث السكان فانا لم نعثر، رغم البحث الطويل، على جماعة من السكان أو اسرة من الاسر التي تعيش في غزة أو حولها من بقايا الفرس . إلا في قرية جباليا الواقعة على مسافة ميلين من غزة للشمال، فان أكثر سكان هذه القرية إن لم يكونوا - من بقايا الفرس. يدلك على ذلك سخنهم ، وتركيب اجسامهم ، ولا سيما لاجتهم أثناء الكلام . إنهم وإن كانوا يتكلمون اللغة العربية إلا أنهم يمتطون الكلام بشكل لا يدع مجالا للريب بأنهم من أصل فارسي .