انتقل إلى المحتوى

صفحة:Gaza History Aref el Aref 1943.pdf/318

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-٣١٧-


والصبر (۱) ، والشجاعة (۲) ، والوفاء ، وعدم الغدر ؛ تلك الصفات التي اشتهرت عن العرب بوجه عام. غير ان الذين يتحلون منهم بالحلم ، تلك الصفة التي امتاز العرب بها ، فإنهم قليلون. فقد دلني الاختبار على ان اكثرهم حادو المزاج ، سريعو الغضب . ومن آثار غضبهم هذا انهم كثيراً ما يحلفون بالطلاق . كما انهم محبون للانتقام ، والأخذ بالثأر . حتى انهم لا يقيمون ماعاً على قتيلهم قبل ان يثأروا لا نفسهم، ويقتلوا من قتله أو يقتلوا واحداً من اهله . وهم احزاب وحمايل وصفوف. وفيهم ، من هذه الناحية ، أثر من آثار العصبية الجاهلية . ولا بد ان تدرك فيهم هذه الحملة عند ما تنظر إلى لون بشرتهم القمحية، وشعرهم الكستنائي ، وعيونهم السود. غير ان احزابهم لا يقتتلون ، ولا يذهبون مذاهب بعيدة في السب والشتم والطعن كما هي الحال في الأنحاء الشمالية في فلسطين . قد يصل التنافس إلى اشده بين الزعماء يوم تثور معركة الانتخاب مثلاً ، او يقع الجد في حادثة من الحوادث ؛ فتقوم كل عائلة تناضل عن كيانها وتؤمن مصالحها . لكن ذلك كله يقف عند حد القول أو الكتابة او الاجتماعات التي يكثر فيها القيل والقال. فلا قتل، ولا اغتيال، ولا حرق بيادر ، ولا قطع اشجار ، ولا تسميم ابقار ، ولا ما يحزنون . أنهم يغارون على دينهم وعرضهم وشرفهم . اكثر هم متدينون . يدلك على ذلك كثرة الجوامع والمساجد في غزة ، وعلماء الدين الكثيرون الذين أنجبتهم غزة . ولكنهم ، في نفس الوقت ، ميالون للنزهة واللهو والطرب . مثلهم في ذلك مثل الشاعر الذي قال : والله مني جانب لا اضيعه وللهو مني والخلاعة جانب


(۱) لهم فيه الباع الطويل . وقديماً قبل عنهم أنهم اهل صبر وجلد . لقد انخرطوا في سلك الجندية في العهد التركي ، وتقربوا . وهدمت منازلهم اثناء الحرب الكبرى فهجروها ، وما كادت الحرب تضع أوزارها حتى رجعوا إليها ، وعمروها . ولا يخلو دور من ادوار التاريخ لم يصب . فيه الغزيون بنوع من أنواع الأذى والعذاب . ولكنهم والحق يقال صبروا على ذلك كله صبر السكرام . (۲) انها من ابرز صفاتهم . أنهم شجعان ، قويو البأس ، شديدو المراس . والمعتقد انهم ورثوا هذه الخلة بسبب الحروب الكثيرة التي المت بديارهم على مر الأحقاب . ويقال انهم هم الذين خاف بنو اسرائيل بطئهم ، يوم قال هؤلاء لموسى : ( ان فيها قوماً جبارين ) .