-۱۸۰-
من الحجارة الرملية في وسط الرمال على مسافة ساعة من شاطيء البحر للشرق . وقد شيدت جدران هذا الحصن على ارتفاع عشرين ياردة من الارض . وله باب من حديد متجه نحو القبلة . ويترتب على الدردار والجنود أن يظلوا دوماً مرابطين في الحصن على أهبة الاستعداد . إذ أنه حسن من الخطورة بمكان لوقوعه على تخوم العشائر والقبائل البدوية . والاعداء كثيرون ، وان السلع القيمة ، والأشياء الثمينة التي يقتنيها الوجوه والأعيان بوجه خاص، وسكان المدينة بوجه عام ، تحفظ في داخل القلعة . وفيها أيضاً منازل الجنود ، مستورة بالتراب . وفيها أيضاً مسجد ، وعنابر للحنطة ولسائر انواع الحبوب وللؤن ، ومخازن للأسلحة وللعمات الحربية . كما ان فيها مدافع ملكية من الطراز البديع ، مجهزة بكل ما تحتاج إليه من ذخائر ومهمات . إن الناحية المواجهة للقبلة من نواحي القلعة شبيهة بمدينة كبرى . وأمام مدخل القلعة في الناحية الاخرى من الشارع ، مسجد يصلي الناس فيه الأوقات الثلاثة في النهار . ويوم هذا المسجد عدد كبير من المصلين.
"غزة مدينة تاريخية قائمة فوق سهل وسيع منبسط . ولها ستة احياء . وفيها
ألف وثلاثمائة منزل . وجميع منازلها مبنية من الحجر . وأسطحتها مستورة بالطين
والكلس. وفيها عدة سرايات وقصور ، وان اللسان ليعجز عن وصف سراي
حسين باشا . هذا الباشا الكريم الذي يزوره لا يقل عن مئتين من الضيوف في كل
ليلة بين مشاة وفرسان .
"وفي المدينة سبعون مسجداً ذوو محاريب . وفي احد عشر مسجداً منها تقام صلاة الجمعة . وفي القرب من السوق مسجد يقال له ) مسجد الجمعة ) ، ويصلي فيه حاكم الولاية حسين باشا ، وهو يتسع لعدد كبير من المصلين . وانه لبناء جديد وجميل . ليس له نظير . إذ تسابق البناؤون والمهندسون من القاهرة ودمشق والقدس الشريف فأبدوا كل ما لديهم من فن ومقدرة ، وابدعوا في بنائه ما شاء بداع أن يكون . والبناء الخبير الذي تولى بناء هذا المسجد بني له في نفس الوقت مئذنة عالية متقنة الصنع، لها أروقة ثلاثة ، بشكل منقطع النظير . حتى أن مسجد الجمعة الذي بناه سنان باشا فاتح اليمن لم يكن على هذه الدرجة من الاتقان . وفي وسط المدينة تكية عبد العظيم ، وبالقرب منها تكية مرغان . وفيها مثنا سبيل يرتوي من مائها العطشان .