١٥٢
وأخذ الناصر يسترضي نواب الشام بحلب وحماة وطرابلس وصفد ، ويكتب إلى من يثق به من امراء مصر ، ويهيجهم على الملك المظفر ، فصادف ذلك هوى في نفس . ، واعتزم مناصرته ، كما ناصره عدد كبير من الامراء ، وقدموا له الهدايا . ثم. شرع الملك الناصر في النفقة على الامراء ، والعساكر الواردة مع النواب . فلما انتهى أمر النفقة قدم السلطان بين يديه الأمير (كراي المنصوري ) من القدس على عسكر يسير إلى غزة، فسار إليها . وصار كراي يعمد في كل يوم سماطاً عظيماً للمقيمين والواردين وأنفق في ذلك أموالا جزيلة من حاصله . واجتمع عليه بغزة عالم كبير . وهو يقوم بكلفهم ، ويعدهم عن السلطات بما يرضيهم . ولما قدم الخبر ) أي اجتماع الامراء والجند في غزة وتخالفهم ( إلى مصر قلق الملك المظفر ، واضطريت الدولة . وانفض مصر من حوله حتى لم يبق بديار مصر إلا خواصه . ثم ثار الناس عليه ، عساکر فهرب من قصره.
وسار إلى مكان قريب من غزة ، فجهز السلطان ) استدمر كرجي ) وعدداً من الامراء لاحضاره مقيداً . فاتفق دخول الامراء إلى غزة قبل المظفر . ولما بلغهم قربه ركب منهم قرا سنقر ، وسار النواب والامراء ولقوه شرقي غزة . وقد بقي معه عدد من مماليكه ، فتأهبوا للحرب ، ولبس الامراء السلاح ليحاربوهم . فأنكر المظفر على مماليكه تأهبهم للقتال ، وقال : ( أنا كنت ملكاً وحولي أضعافكم ، ولي عصبة كثيرة من الامراء، وما اخترت سفك الدماء . » وما زال حتى كفوا عن القتال . وسار بنفسه حتى صار مع الامراء، وأسلم نفسه إليهم . فسلموا عليه ، وساروا به إلى معسكرهم ، وانزلوه بجيمة ، وأخذوا سلاح مماليكه ، ووكلوا بهم من يحفظهم
١٩ - وهنا في غزة بويع الملك الناصر للمرة الثالثة بالسلطنة (۷۰۹) فصار يطلق عليه السلطان الملك الناصر ناصر الدين أبي المعالي محمد بن الملك المنصور قلاوون). ولما مات ( ٥٧٤١ـ ) تألم الناس لموته لأنه أبطل المكوس ، وعمر البلاد ، وانشأ الجوامع والمدارس .
۲۰ـ وقد تولى الملك بعده ثمانية من أولاده : أولهم أبنه السلطان الملك المنصور أبو بكر . وقد بايع هذا الخليفة الحاكم بأمر الله أبا العباس أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بمصر .