القديم والجديد في الأدب
في مصر اليوم كما في سائر انحاء العالم العربي ، صراع هائل بين دعاة القديم والجديد في الادب ، صراع هو من لوازم هـذا الانتعاش الذي سرى في جسم الامة . والحرية تشكر الاستاذ سلامه موسى ـ احد المجددين ـ على هذا المقال الذي خصها به بموضوع اليوم
في بدء النهضة العربية الادبية الحديثة أخذ ادباؤنا ينقبون عن أدب العرب القديم . وهذا طبيعي فالناهض يلتفت إلى الوراء يتعرف سبب سقوطه و يبحث عن ثروة أجداده . وقد أخذ الادباء في درس الادب القديم وكان من سوء حظهم أن وقعت في أيديهم كتب الحريري والهمذاني والخوارزمي واسلوبها جميعها يتسم بالافراط في الصنعة والمبالغة في التزويق والزخرفة والتضحية بالمعنى لاجل اللفظ . فشاءت لذلك هذه الصفات بين ادبائنا كما ظاهر من كتاب : مجمع البحرين » الذي وضعه البازحي في سنة 1855 وجرى فيه على طريقة الحريري . وقد كان هذا في بدء النهضة مثل حي بن يقظان لابن طفيل او كتاب الحيوان للجاحظ او تاريخ الطبري دون كتب السجع للمؤلفين الآخرين الذين ذكرتهم لما اتسم أدبنا الآن بكثرة الصنعة والتزويق واهمال المعنى والغاية . هو من سوء حظ الأدب الحديث . فلوكانت الكتب المطبوعة ففي أدب العرب شيء كثير جدير بالاعجاب و بالتقليد . ولكن فيه ايضاً شيئاً كثيراً يجب ان نتقيه ونمتنع عن تقليده . فمن ذلك كثرة الصنعة والتعبير عن المعنى الواحد بجملة الفاظ كما هو أحياناً دأب الجاحظ وجميع كتاب السجع .