ان هذا المؤلف صورة تلك الحقيقة الرائعة ازفها الى من تدبر واستبصر
ثم القى السمع وهو شهيد . وقد سميته « الجراثيم الثلاث » ليوافق مسماه ويطابق
معناه , ورتبته على مقدمة وثلاثة ابواب الاول في الامراء والثاني في العلماء
والثالث في النساء ولكل باب فصول وليس ثمة ان شاء الله من فضول .
اسئل الله ان ينجينا من سم تلك الجراثيم و يصب سوط عذابه على كل خوان
اثيم انه لا مسئوول غيره ولا مأمول الاخيره .
تنبیه
لكاني بالقاري. وقد اجفل كما اجنات لاول وهلة ، يقول : اذا كان
الامراء والعلماء علة العلل في موت الامم فعند من ترجي الحياة ? يقول: ان
مظاهر التكوين بين مادة ومعنى، وزعيم اولهما الامراء ولباب الثاني العلماء ؛
فاي صلاح نرجو في الكون اذا ادعينا ان هذين الصنفين علة فساده ? يقول :
الم ينطق كتاب الله تعالى بوجوب اطاعة اولى الامر علينا معاشر المسلمين
وماهم الا الامراء والعلماء على اختلاف بين المفسرين يؤول الى وفاق ، فكيف
قول لمن وجبت علينا طاعتهم شرعاً انهم علة العمل في موت الملة وفساد حال
الامة ? يقول ألم تتفق آراء ذوي البصائر على صحة قول الشاعر :
ه لا يصلح الناس فوضى لاسراة لهم ولا سراة اذا جهالهم سادوا »
فجعلوا مناط صلاح الورى عقلا الامرة والعلم فكيف يسوغ لنا ان نعد
الدواء رأس الادواء ونخبط في شأن الأمراء والعلماء خبط عشواء ? سبحانك
مالنا ان نقول مثل هذا ان هذا الا انك مبين
فتقول: مهلا ايها القاري، الكريم ولا تعجل بالامر قبل ان يقضي اليك بیانه و يسطع لك برهانه. لقد اخذ مني الوهم على نحو ما اخذ منك ؛ ولكاني بك وقد حطمت هذا القيد كما حطمته اذا نظرت الى الحقيقة من حيث سطع لي نورها .