علاء الدين مرة الى الحمام التى فى باب الزهومة فلما كان في بعض تغسيله خرج إلى مسلخ الحمام واستدعى بدواة وقلم وورق وأخذ في تصنيف مقالة في النبض إلى أن أنهاها ثم عاد ودخل الحمام وكمل تغسيله وقيل انه قال لو لم أعلم أن تصانيفي بعدى عشرة آلاف سنة ما وضعتها والعهدة فى ذلك على من نقله عنه وعلى الجملة كان إماماً عظيما وكبيراً من الأفاضل جسيما وكان يقال هو ابن سينا الثاني قال ونقلت من ترجمته في مكان لا أعرف من هو الذى وضعه قال شرح القانون في عشرين مجلداً شرحاً حل فيه المواضع الحكمية ورتب فيه القياسات المنطقية وبين فيه الاشكالات الطبية ولم يسبق الى هذا الشرح لأن قصارى كل من شرحه أن يقتصر على الكليات الى نبض الحبالى ولا يجرى فيه ذكر الطب إلا نادراً وشرح كتب بقراط كلها ولا كبرها شرحان مطول ومختصر وشرح الاشارات وكان يحفظ كليات القانون ويعظم كلام بقراط ولا يشير على مشتغل بغير القانون وهو الذي حستر الناس على هذا الكتاب وكان لا يحجب نفسه على الافادة ليلا ولا نهاراً وكان يحضر مجلسه فى داره جماعة من الأمراء والمهذب ابن أبى حليقة رئيس الأطباء وشرف الدين بن صغير وأكابر الأطباء ويجلس الناس في طبقاتهم ومن تلاميذه الأعيان البدر حسن الرئيس وأمين الدولة ابن القف والسديد الدمياطى وأبى الفرج السكندرى وأبي الفرج بن صغير وحدثني عنه غير واحد منهم شيخنا أبو الفتح التعمرى قال كان ابن النفيس على وفور علمه بالطب واتقانه لفروعه وأصوله قليل البصر بالعلاج فاذا وصف لا يخرج بأحد عن مألوفه ولا يصف دواء ما أمكنه أن يصف غذاء ولا مركباً ما أمكنه الاستغنا بمفرد وكان ربما وصف القمحية لمن شكا القرحة والنطماج لمن شكا هواء و الخروب والقضامة لمن شكا إسهالا ومن هذا ومثله ولكل بما يلائم مأكله ويشا كلها حتى قال له العطار الشرابى الذى كان يجلس عنده إذا أردت أنك تصف مثل هذه الوصفات أقعد على دكان اللحام وأما اذا قعدت عندى فلا تصف إلا السكر والشراب والأدوية وحكى لى شيخنا أبو الثناء الحلبى الكاتب
صفحة:معجم الأطباء (1942) -أحمد عيسى.pdf/303
المظهر