انتقل إلى المحتوى

صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٩٥ —

المحكية والمكتوبة. فان لكل اقليم من الأقاليم العربية لغة محكية ولغة مكتوبة تخالفان ما لغيره كثيراً او قليلا، واللغتان خاضعتان للتطور المستمر ، فلغت مصر المحكية والمكتوبة اليوم غير هما قبله ، وكلتاهما غير غير لغتي سوريا. من امثلة ذلك في اللغة المحكية انهم يسألون في فلسطين اذا لق الواحد الآخر عن حاله ، وفي دمشق عن لونه ، وفي مصر عن زيه و في لبنان عن خاطره. وقد كان الناس قبل هذه النهضة الأخيرة ، قبل انتشار لغة المدرسة ، ولغة الصحافة ، ولغة التمثيل ، ولغة الغناء ، لو سار السوري في مصر ، او المصري في سوريا ، لسار بترجمان . بل لو تغيب السوري او المصري عن بلاده الى بلاد لا يسمع فيها لغته لعشرين سنة او اقل ، ثم رجع الى بلاده، لرأى من تطور اللغتين المحكية والمكتوبة فيها مالم يكن له به عهد ، وما يحس معه انه اصبح غريباً في قومه .

ومن امثلة ذلك في اللغة المكتوبة ان السوريين يجمعون لفظة «ميل بمعنى الهوى على اميال كسيف واسياف . وقد شاع هذا الجمع في سوريا ومصر دهراً طويلًا ، ثم رأينا ان المصريين الخذوا يجمعون هذه اللفظة على ميول كسيف وسيوف. وكلا الجمعين صحيح . ولعل السوريين يعدلون مع الأيام عن اميال الى ميول بحكم التقليد .. ومن ذلك ان السوريين يقولون بحث عن الأمر او في الأمر. ولكن رأينا كثيرين من كتاب مصر يقولون بحث الأمر بدون حرف جر . ومن ذلك ان السوريين يقولون سمى فلان ولده كذا على وزن فعل بتشديد العين ولكن المصريين عدلوا في الزمن الأخير عن وزن فعل إلى وزن أفعل فهم يقولون اسمى فلان ولده كذا ، وكلا الوزنين صحيح وقد استعمل المتنبي وزن الفعل في قوله ...