اذا كانت في هذه الحواشي والتعاليق استدراكات مفيدة خلت منها أمهات كتبها . والا فان هذه الابحاث المقتضبة غير المستوفاة قليلة الفائدة. فانك اذا قرأت كتاب الكامل من اوله الى آخره فلا تخرج منه صرفياً ولا نحوياً ولا لغوياً ولا يقضى حاجتك كلها مايرويه من الشعر وما يقصه الأخبار ، ولا بد لك في استيفاء حاجتك من ذلك كله ان ترجع الى من كتبه الخاصة به . الكتب ومن يقرأ صحفنا الراقية وبعض ما يظهر بين آن وآخر من ير انها اشبه بكتاب الكامل من حيث الأسلوب فهي ليست الاتعاليق في كل فن وعلم ومطلب ، قد تستفيد منها ولكنك لا تجد حاجتك كلها فيها . تبحث في الأدب والعلم والفلسفة والاقتصاد وغير ذلك ولكنها كلها ابحاث مقتضبة غير مستوفاة ولا مشبعة ، وقلى بين كتابنا، مهما احاط بموضوعه من يستطيع ان يفرغ كل ما يمكن ان يعلم عن ذلك الموضوع في مقاله .. وما رأي كتابنا وأدبائنا لو كلفوا ان نجعلوا من مقالاتهم ورسائلهم التي ينشرونها في الصحف او يجمعونها في كتاب برأسه محاضرات وأباحوا للسائلين ان يسألوا افلا يضيقون ذرعاً بما يتوارد عليهم من السؤالات والاستيضاحات ? او لا يضطرون ان يتوسعوا في البحث بما يكون توطئة له او استدراكا عليه او تعمقاً فيه مما لا تحسب معه رسائلهم المنشورة وكتبهم المجموعة الا شيئاً يسيراً لا يغني القارئ كثيراً ، بل قد يشوش عليه الامر ويستدرجه الى اعتياد الالمام بكل موضوع والاكتفاء منه بنتف يتناولها باسرار النظر ... وما قولهم لو ارادوا ان يضعوا كتاباً برأسه في كل موضوع من الموضوعات التي يتعرضون لها في الصحف افلا يرون انفسهم انهم لا يكتفون بما كتبوا ؟ او لا يجدون ان ما كتبوه
صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/86
المظهر