انتقل إلى المحتوى

صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٧٨ —

العربية منزلة اهلها . بل كانوا منها مكان الغرباء عنها . عرفوا الشيء الكثير من الفاظها وتراكيبها واحكامها ولكنهم لم يحسنوا استعماله واستثماره، فكنت ترى كتاباتهم خليطاً من الفصيح والركيك ، والجيد والردي، فالفصيح والجيد مما ينسخونه، والركيك والردي، مما يتمسخونه ، بل ما كان اشبه اللغة الفصحى عندهم باللغة اللاتينية واليونانية عند الغربيين اليوم ، يأخذون منها الفاظهم العلمية والفنية وهم غرباء عنهما وهما ميتتان عندهم ...

لم يكن هناك علم لغة او أدب او شعر ، اذ لم يكن اللغوي لغويا الا على قدر ما يعي في صدره من الفاظ اللغة وغرائبها وشواردها ، فكان اشبه بالحفاظ والرواة منه بالعلماء .. ولم يكن الاديب اديباً الاعلى قدر ما يغير على الفاظ المتقدمين فيسردها سردا ويكيلها جزافاً، فكان ابرعهم في الأدب من اذا كتب في موضوع نسخ كل كلمة فيه من كلام متقدمي الادباء والكتاب ، ولو سلخ في تفقد اللفظة والتفتيش عنها في مظا انها الاسبوع والاسبوعين - فاذا اراد ان يقول رجع فلان خائباً، قال رجع بحني حنين . واذا اراد ان يقول ليس لفلان في الأمر دخل ، قال لا ناقة له فيه ولاجمل . واذا اراد ان يقول ان فلاناً استقصى اطراف كذا ، قال ملك عنانة وقياده ورسنة ، وله فيه القدح المعلى ، واليه تشد الرحال وتضرب اكباد الابل. واذا اراد ان يقول ان هذه المسألة لا يختلف فيها اثنان ، قال لا ينتطح فيها عنزان . واذا اراد ان يقول أن فلاناً يشبه فلاناً ، قال حذوك التمرة بالتمرة ، والقذة بالقذة ، والغراب بالغراب ، و النعل بالنعل . واذا اراد أن يقول ان فلاناً منقطع النظير ، قال فلان قريع وحده اذا مدح ، وجحيش وحده اذا ذم . وإذا هنا بزواج علم