كما رأيت ، فلغتهم من هذا القبيل كلغة قريش الذين كانوا يكرهون الهمزة ، قال على «نزل القرآن بلغة قريش وليسوا باصحاب نبر ، ولولا ان جبريل عليه السلام نزل بالهمزة على النبي صلى الله عليه وسلم ما همزنا ، لان للهمزة نبرة في الحلق تجري مجرى التهوع.. وقد كاد العرب انفسهم يلغون كل همزة في درج الكلام اي الهمزة الابتدائية اذا سبقتها كلمة ، وكل همزة في عرضه اي الهمزة الواقعة في وسط الكلمة أو آخرها . فقد وصلوها في مواطن الوصل المعروفة ، واجازوا للشاعر ان يصل همزة القطع عند الضرورة كان يقول في لو أن لو أن . ولولا القليل لوصلوا كل همزة في الشعر والنثر .. واوجبوا ابدالها اذا سكنت بعد همزة فان كانت حركة الهمزة الاولى فتحة ابدلت الثانية الفاً نحو آثر فان اصلها أ أثر ، وان كانت ضمة ابدلت واوا نحو أوثر فان اصلها أوثر ، وان كانت كسرة ابدلت يا نحو ايثار فان اصلها إنشار.. واجازوا فيها الابدال والتحقيق اذا انضمت الهمزة الثانية او انكسرت وانفتح ما قبلها، فاجازوا في مضارع ام ان تقول أوم أوم . وفي مضارع أَنَّ ان تقول أين واين وفي جمع امام ان تقول أنمه وايمة .. بل اذا سكنت بعد غير الهمز فان كان ما قبلها مفتوحاً ابدلت الفاً فتقول في رأس ، راس وان كان مضموما ابدلت واواً فتقول في سؤل سول، وان كان مكسوراً ابدلت ياء فتقول في بئر بير .. بل اجازوا الابدال والتحقيق اذا تحركت بعد غير الهمزة فقالوا في تأمم نيمم اي توضأ بالتراب والثانية اشيع وان كانت الاولى هي الاصل. وقالوا في قرأ قرا وفي قرى قري وفي التجرؤ التجري كأنه مصدر تجرى لاتجرأ، وبسبب ذلك كانت القاعدة الغالبة لكتابة الهمزة ان تكتب بحسب (ماتلين) : اي اذا كانت تلين بالو او كتبت علي واو او بالالف كتبت على الف او بالياء
صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/50
المظهر