انتقل إلى المحتوى

صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٢١ —

الثوب وكل السيف وخف الحمل وجف الغصن ، ومن ذلك في لغة الاطفال « دح » للشيء الحسن « وكخ » للشيء القبيح لماتوهموا في اقتران الدال والحاء من الحسن واقتران الكاف والخاء من القبح .. وكان المصدر من الاجوف على وزن قام وأكثر ما يقصد به حكاية الحركة نحو سال الماء وذاب الجامد وماع السائل وفاح الطيب وحام الطائر وغاص الحوت لما بين المد فيه وحركة المحكي من المطابقه (۱).. وعلى ذلك قصور المصدر الاصلية اربع على عدد صيغ الفعل، ثم مع كرور الزمان وتلاعب اللسان خرج المصدر عن الحكاية الاصلية وتفرع الى صور عديدة كثيرة الاشكال مختلفة الحركات بين مشبعة وقصيرة مثل كتابة ورجوع وعلانية وندامة وعرفان وجولان ورحيل وقيام الى نحو اثنين واربعين شكلا كما هو مذكور في كتب الصرف المطولة .. ولذلك تكون الكتابة مثلا صورة جديدة عن كتب ، والجلوس صورة جديدة عن جلس .. ويظهر ان هذا التفرع نشأ بعد ان تولدت في اللغة صيغ الفعل ، والا فكان يجب ان تكون صيغ الفعل على قدر صيغ المصدر الجديدة . وقد ازمنا في التصريف حكاية المصدر الاصلية لخفتها وحسن وقعها ، لاننا لوصرفنا اشكال المصدر على اختلاف صورها وكثرة مقاطعها مع الضمائر لجاءت ثقيلة طويلة .. اذاً ليست صيغ الفعل الاصور المصدر القديمة . واذا قلنا ان المصدر هو اصل الفعل عنينا بذلك صوره القديمة لا صوره الجديدة التي تفرعت عنها ، وهذه الصور القديمة لا تزال محفوظة في صيغ الفعل کیا تحفظ « الاحافير » في طبقات الارض مما قد يوهم ان الفعل هو الأصل وان المصدر هو الفرع . (۱) راجع مقالة اللغة والعصر لليازجي في مجلة البيان .