هكذا إذا توجهت الهمم الاصلاحات المعنوية والمادية في البلاد المقدسة توالت على بلاد الإسلام المقدسة قرون و احقاب كانت فيها أشد البلاد افتقاراً إلى الاصلاح وأقربها إلى الفوضى وأقلها أمنة سبل وراحة سكان واكثرها عيناً وفساداً . وكانت هذه الحالة فظيعة جداً محجلة لكل مسلم مر مضة لكل مؤمن حجة ناصعة الأجانب على المسلمين الذين لا يقدرون أن ينكروا ما في الحجاز من اختلال السبل واضطراب الحبل مع کونه هو مهد الاسلام ومركز الحجيج العام في كل عام الى بيت الله الحرام والمشاعر العظام ومهوى قلوب يتأجج بها الغرام لزيارة مرقد الرسول عليه الصلاة والسلام . كل الأجانب يستظهرون بهذه الحالة على دعوى ان الإسلام لا يلتئم مع العمران وانه هو والفوضى توأمان وانه لو كان ديناً عمرانياً لما كانت تكون هذه الحالة السيئة في مركزه ولما عجز عن إقامة العدل والأمن في مأزره . وحقيقة الحال هي ان تلك الفوضى لم تنشأ إلا عن اهمال العمل بقواعد الشرع الإسلامي وعن ارخاء العنان لبعض الأمراء الذين كانوا يلون أمر الحجاز مدلين على الناس بما لهم من النسب النبوي الشريف الذي كان يحول (11)
١٥٣