اسرار الكون التي كشفوها وغير ذلك مما ليس يجواب عن هذا الخطاب والموضوع هر في واد وهذا في واد فنحن نريد ان نقول ان كل من سار على الدرب وصل وان المسلمين إذا تعلموا العلوم العصرية استطاعوا ان يعملوا الأعمال العمرانية التي يقوم بها الافرنج وانه ليس هناك فرق في القابلية البشرية ولكن على شرط ان ينفض المسلمون عن أنفسهم غبار الحمول وبلغوا هذه القاعدة التي قد كانت من أسباب شقائهم زمناً طويلاً وهي ان كل عمل عمراني في الشرق لا بد من ان يستعار له شركة أوروبية لتقوم به والا فلا يستطاع عمله . ولقد أتت التجارب بعد ذلك بما يثبت فساد هذه النظرية بتمامها وتمكن المسلمون في كثير من البلاد من انشاء شركات صناعية وتجارية وتأسيس معامل ومناسج ودور صناعة نجحت نجاحاً باهراً كذب مزاعم تلك الفئة المثبطة وصيرها موضوعا للهزء . ولما عزم السلطان عبد الحميد الثاني العثماني على مد سكة حديدية من دمشق الى الحرمين الشريفين قوبل هذا المشروع أوانئذ بمزيد الاستغراب تبعاً للعادة ومن الناس من ضحكو به وقالوا : نحن نرى انفسنا عاجزين عن انشاء طريق عجلات فكيف نستطيع ان ننشيء سكة حديدية طولها يزيد عن الفي كيلومتر وأنى لنا المال والعلم اللازمان لمشروع عظيم كهذا ؟ واغرب من تشاؤم المسلمين وشعورهم بالمجز عن القيام بهذا العمل ان المهندس الألماني الكبير مايستر باشا الذي انتدبه السلطان لرئاسة مهندسي هذا الخط هو نفسه كان لا يعتقد امكان انشاء هذا الخط وكان هذا الرجل صديقي فسألته مرة عن رأيه فيه فقال لي انه يرجو ايصاله الى معان وهي مسافة اربعمائة كيلومتر من دمشق فأما مده من معان الى المدينة فيكاد يكون من المستحيل فسألته هل ذلك من عدم وجود المال ؟
15%