انتقل إلى المحتوى

صفحة:لماذا تأخر المسلمون.pdf/119

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

. وكانت قرطبة مدينة فذة في أوروبة لا يدانيها مدان ، وكان عدد سكانها نحو مليون ونصف مليون نسمة ، وكان فيها نحو سبعمائة جامع، عدا المسجد الاعظم الذي لما زرته في هذا الصيف قال لي المهندس الذي كان معي من قبل الحكومة الاسبانيولية : إنه يسع بحسب مساحته خمسين الف مصل في الداخل و ٣٠ الف مصل في الصحن ، فجملة من يسعهم هذا المسجد العجيب ثمانون الفا من المصلين ولما ذهبنا الى آثار قصر الزهراء رأيناها آثار مدينة لا آثار قصر واحد، وعلمنا أنها تمتد على مسافة تسعمائة متر طولاً في ثمانمائة متر عرضاً، والاسبانيون يقولون : مدينة الزهراء . وقال لي المهندسون الموكلون بالحفر على آثارها ، انهم يرجون الاتيان على كشفها كلها من الآن الى خمسين سنة . وحسبك أن غرناطة التي كانت حاضرة كانت مملكة صغيرة في آخر أمر المسلمين بالاندلس لم يكن في اوروبة في القرن الخامس عشر المسيحي بلدة تضاهيها ولا تدانيها ، وكان فيها عندما سقطت في أيدي الاسبانيول نصف مليون نسمة ، ولم تكن وقتئذ عاصمة من عواصم أوروبة تحتوي نصف هذا العدد ، وحمراء غرناطة لا تزال يتيمة الدهر الى اليوم . هذه لمحة دالة من مآثر حضارة الإسلام وغرر أيامه ، وإلا فلو استقصينا كل ما أثر المسلمون في الأرض من رائع وبديع لم تسع ذلك الجلود الكثيرة المرصوفة طبقا فوق طبق وكم حرر المؤرخون الاوروبيون تحت عنوان ( مدنية الإسلام ( كتباً قيمة ومجاميع صور تأخذ بالأبصار ، وان أشد مؤرخي الافرنج تحاملا على الإسلام لا يتعدى ان يحاول التصغير من شأن مدنيته ، وأن ينكر كونه أبا

۱۲۱

١٢١