وتزهو بقلائدهم، وحاكى أبا اسحاق الصابي١ في سجعه، وفي رقة أسلوبه، واحتذى بابن المقفع في تسديد انشائه وموازنة معانيه ومبانيه، وتابع أبا بكر الخوارزمي٢ في وثاقة ديباجته وأناقة لغته، ولاحق بديع الزمان٣ في سلامة نثره وسحر بلاغته، وترسم خطى ابن خلدون في إصابة فكرته، وحكمة نظرته، وجلالة تقريره.
بهذه الروح وذلك الهدي، عانى شكيب ارسلان صناعة الكلمة، فألان عصيها وأدنى قصيها، وعانى صناعة القريض فأخضع متون بجوره،
- ↑ ابو اسحاق الصابي هو ابراهيم بن هلال بن ابراهيم بن زهرون الحراني، نابغة كتاب جيله تقلد ديوان الرسائل والمظالم ايام المطيع لله العباسي، وتقلد ديوان رسائل معز الدولة الديلمي، فكان ما يصدره عنه من المكاتبات لعضد الدولة سبباً في حقد هذا الاخير عليه. وحينما ملك عضد الدولة قبض عليه سنة ٣٦٧ هـ وسجنه. كان صلباً في دين الصابئة، وكان يحفظ القرآن ويشارك المسلمين صوم رمضان. وله ديوان شعر وكتاب « التاجي » في أخبار بني بويه ولد سنة ٣١٣ هـ وتوفي سنة ٣٨٤ هجرية.
- ↑ ابو بكر الخوارزمي هو محمد بن العباس من خوارزم، من أئمة الكتاب واحد الشعراء العلماء، كان ثقة في اللغة ومعرفة الأنساب، صاحب الرسائل المعروفة استوطن نيسابور واتصل بالصاحب بن عباد. كانت بينه وبين بديع الزمان محاورات ممتعة أوردتها أمهات كتب الأدب وهو ابن اخت محمد بن جرير الطبري المعروف. ولد سنة ۳۲۳هـ وتوفي سنة ٣٨٣ هجرية في نيسابور
- ↑ بديع الزمان هو أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني. أحد أئمة الكتاب له المقامات المشهورة التي احتذاها الحريري في مقاماته، وكان شاعراً ذاعت شهرته بعد أن دارت بينه وبين أبي بكر الخوارزمي المحاورات والمساجلات المشهورة، لذلك فقد خلا له الجو بعد وفاة الخوارزمي وتقلب في بلاد خراسان و سجستان ونال الجوائز. من عجائب ما يروى عنه ان اكثر مقاماته ارتجال وانه ربما يكتب الكتاب مبتدئاً من آخر سطوره الى السطر الاول فيه فيخرجه ولا عيب له، ولد سنة ٣٥٨هـ وتوفي مسموماً سنة ۳۹٨ هجرية .
١٢
