سر تقدم الانكليز السكسونيين من السياسة نفوس الذين هم أقل الناس تفوراً منها اليوم ٣٥٩ انكشف غطاء الابهة والجلال الذي كان يغشى الدولة ووزراءها وموظفيها ونعم الحال فالذى تخسره الحكومة يكسبه الافراد والحياة الخصوصية والحياة المحلية وتلك هي الدعائم الحقيقية المتينة التي يشاد عليها بناء الهيئة الاجتماعية وعلى هذا ففي الحال تقدم من تلك الجهة أيضا العلامة العاشرة قيام الرأى العام حقيقة ضد سيادة الجندية ان انتشار الجندية عقبة في طريق الاصلاح الاجتماعى فانه يضر بثروة الامة ويدفع الشبان الى المدارس العالية فيثنيهم عن الاشتغال بالفنون الجارية والمهن النافعة والذين لا ينجحون في سبيل الجندية لا يكونون أهلا لاعتناق الحرف المستقلة التي تقتضى الهمة والاقدام الذاتى لان تلك التربية أضرت بهذه الملكات . غير انه يمكننا أن نبشر قومنا بان الجندية أصبحت في انزواء منذ الآن اذ لم يعد للامة قدرة على تحمل اثقالها زمنا طويلا ولان السلم بهذا الثمن أشد ضرراً من حرب تكون وبالا . وقد فرغت خزائن ايتاليا ما أنفقته حكومتها فى هذا السبيل ولا بد لها من الاقتصاد في حربيتها : ولا تزال المانيا وفرنسا تقومان باعباء جيوشهما بغاية الصعوبة وان دام الحال زمنا فانه يضر بحياة الامتين . ولا بد لهذا البرهان المالى من الفوز على أدلة الجندية كلها . على أن أنصار الجندية أصبحوا اليوم يذمون ما آلت اليه وأصبحت أعمالهم تكذب أقوالهم وعلموا ان طول الاقامة في الثكنات يجعل الاحتراف بغير الجندية صعباً بعيد الامكان ومن أجل ذلك تراهم أسرع الناس الى تخليص أولادهم منها والفائز من وجد له
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/367
المظهر