٣٥٨ نهوض الهيئة الاجتماعية من أمسك عليه جريدته فى منصبه وكانت جرائد « ناسیونال » « و جلوب » و كونستيتيسيونيل » و « الديبا» تقلب الرأى العام كيفما شاءت وتوقد نار الثورة في بضعة أشهر أن أرادت ولم يكن في الامة من الجرائد الا السياسة وكانت كل جريدة تشخص فريقا مستقلا من أقسام الرأى العام . ولكن ما أعظم تقلبات الزمان فقد أضاعت الجرائد السياسية قسما كبيراً من سلطانها وقسما اكبر من قرائها وانتقل الرواج الى الجرائد المسماة جرائد الطريق التي أزوت السياسة الى ركن صغير واعتبرتها تشد الخناق على الناس والى الجرائد الاخبارية التي تنقل الحوادث البرقية من غير أن يكون لها رأى في السياسة والى النشرات الموضوعية التى تكتب في الاعمال وتترجم عن حال المهن والصنائع أو تخدم المنافع المحلية وكان هذا الصنف مجهولا تماما قبل أربعين أو خمسين عاما . ومن علامات ذلك السقوط أيضاً ان المراتب السياسية لم تعد وحدها صاحبة المنزلة الرفيعة والمكانة العالية في نظر الناس ولم يعد للموظفين من الاعتبار ما كان لهم أيام الحكومات السابقة بل الفرق بين الحالتين عظيم . أين ذلك المدير أيام الامبراطورية الذي ما كان يقع بصر أحد عليه الا وارتعدت فرائصه وتولاه الفزع والاضطراب . أين تلك المحاكم التي عرفناها منذ أربعين عاما حيث كانت كل محكمة اقليم منها أشبه بقديسين تحصنوا فى الوظائف وامتنعوا فى حصون القضاء . لقد أصبحنا شاعرين بان تلك الوظائف أقل ثباتا وأضعف مكانة مما كنا نظنه من قبل وبأنها تقيد استقلال صاحبها بسلاسل وأغلال وبانها قليلة الراتب عديمة المكاسب . هذا ولست اذكر في بياني حوادث « بناما » التي تشمئز لاجلها
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/366
المظهر