وسيرتنـا ورد هجمات المزاحمين عنا والسهر على مصالح كل واحد منا . فاذا تأخرنا في عمل من تلك الأعمال باهمالنا رميناها بسوء الإدارة واتهمناها تحب الأثرة والقينا عليها تبعة خمولنا كلها
لا ريب أننا بهذا الزعم قد ضللنا السبيل فإنما الحكومة وازع لا يكاف الا ما اقتضته طبيعته وشأن الحكومات في الأمم تأييد النظام وحفظ الامن واقامة العدل وتسهيل سبل الزراءة ومعاهدة بعضهم بعضا على ما يضمن حرية التجارة ويشجع أهـل الصنائع والحرف كما تقتضيه المصالح المشتركة وعلى قدر ما تسمح به الممكنات . وبالجملة فالحكومة وازع عام لا واجب عليه إلا الأمر العام مما يدخل تحته جميع الناس ولا ينفرد بالاستفادة منه واحد مخصوصه
وعلى الأمة بعد ذلك أن تستفيد من هذا النظام وتنتهز فرصة الأمن والطمأنينة لتسعى وراء منافعها وتطلب الكمال في زراعتها وصنا عتها وتجارتها وفي نشر المعارف وإحياء العلوم وفى أداء الواجبات والمحافظة على الحقوق وهذا هو الذي أهملناه حتى أضعناه
تركنا الزراعة في انحطاطها والصناعة في تأخرها والتجارة في كسادها وصار كل الذي نطلبه من التعليم لا بنائنا وظيفة في الحكومة يعيشون فيها عيشة الانكماش جريا على سنة الآباء وما درينا ان الزمان يتقلب واحوال المعيشة تتبدل وان وظائف الحكومة أصبحت آخر الحرف كسبا واشدها تقييدا لحرية العمل وأقلها مشجعاً على الهمة والأقدام لانحصار مزاياها في ذلك الراتب الزهيد الذي لا يفي في الحقيقة بجميع حاجات الإنسان في