سر تقدم الانكليز السكسونيين ٣١٥ ان الدين لا يقصد به أولا وبالذات سعادة الامم في الدنيا بل السعادة الاخروية لانه لا يلتفت الى الامور الزائلة ولكن الى الخلود وهو أفضل لنا ما يبتغى على التحقيق. لكنا لا نبحث في هذا وانما كلامنا فيما يحصل سعادة هذه الدار الفانية لانا لا نتكلم في التوحيد بل نتكلم في العلم الاجتماعي ولا يغيين عن القراء ان بعض المتصفين بالتقوى يخطئون خطأ فاحشاً في العمل بمقتضى قاعدة التسليم فيتذرعون بها الى الكسل والخمول ويقولون و من في انفسهم ان الحياة لاتساوى تلك المتاعب كلها ثم يرمون تكلانهم على الله « الذي لا ينسى من آمن به ولجأ اليه» وينسون قوله تعالى «اعن نفسك يمنك ربك ، والادعى للراحة عندهم ان يرموا أحمالهم كلها عليه . كان هذا فكره أصبح ضعيفاً لقاء اتعاب الحياة مادياً وأدبياً . وعليه فالدين اذا فسد العمل به يصير آلة ضعف وانحطاط مع انه قوام الحياة وفيه أكبر معين على تحصيل السعادة ولكن الناس يعزون أنفسهم متي فسدوا بقولهم ( ان الله يبتلى عبيده المخلصين ) أو بقولهم ( أبناء الجحيم اكبر حذقاً وأوفر حظا في الدنيا من أبناء النعيم ) وما اسهلها طريقة في ارجاع الانسان خطاياه وآنامه الى الله وحده اذا ثبت هذا فلنا ان نقول بان الاسباب السالف ذكرها لا تكفى لتحصيل السعادة وانما هي من المساعدات على تحصيلها والواقع ان تأثيرها يتبع الوسط الذي توجد فيه وكيفية استعمالها قوة وضعفا ومن هنا وجب علينا ان نعرف كيف يكون الوسط ملائما أو منافيا لتحصيل السعادة أى لا يجاد ذلك الارتياح الذى يشعر به من تمكن من التغلب على متاعب
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/323
المظهر